في حلقة جديدة من مسلسل القمع الذي يطال كل الأصوات المستقلة بمصر، أدانت الشبكة الدولية لتبادل المعلومات حول حرية التعبير (IFEX)، والتي تضم 114 منظمة حول العالم، ما وصفته بـ"الاستهداف التعسفي" للمدافع عن حقوق الإنسان محمد عبد السلام، المدير التنفيذي لمؤسسة حرية الفكر والتعبير.
عبد السلام، الذي يُعرف بنشاطه الحقوقي في فضح الانتهاكات والدفاع عن حرية الرأي والتعبير، تعرّض لتوقيف مهين في مطار القاهرة الدولي لدى عودته من برلين يوم 20 مايو/أيار الماضي، حيث صادرت السلطات المصرية جواز سفره دون أي مسوغ قانوني، واحتجزته لفترة قصيرة لاستجوابه بشكل غير قانوني، قبل أن تشترط عليه مراجعة جهاز الأمن الوطني لاسترداد جوازه. ولم يُعَد له إلا بعد تدخل مباشر من الحكومة الألمانية، فيما اكتفت السلطات المصرية بتبرير الواقعة بأنها "سهو إداري".
ويأتي هذا الاعتداء في سياق سياسة ممنهجة يتبعها النظام العسكري منذ انقلاب 2013 ضد منظمات المجتمع المدني، حيث لم يعد القمع حكرًا على تيار أو جماعة بعينها، بل بات سيفًا مسلطًا على جميع الاتجاهات السياسية والحقوقية، في محاولة لإفراغ المجال العام من أي صوت معارض أو مستقل.
في تصريحات صحفية، اعتبر عبد السلام أن ما حدث معه ليس إلا حلقة في سلسلة تضييقات متعمدة لإخضاع منظمات المجتمع المدني. وأوضح أن مؤسسته واجهت طوال 11 شهرًا عراقيل إدارية حالت دون فتح حساب بنكي، ما أدى إلى تجميد مواردها المالية واضطر فريق العمل إلى الاستمرار بشكل تطوعي، قائلاً: "هذا التعطيل لم يكن إلا وسيلة لخنقنا ماليًا، وتحويلنا إلى كيانات شكلية على الورق فقط".
كما أبدى تخوفه من استمرار إدراجه على قوائم المراقبة في المطارات، رغم إعادة جواز السفر إليه، معتبرًا ذلك مؤشرًا على إصرار السلطات على مصادرة الحق في التنقل بحرية. وانتقد بشدة ازدواجية الخطاب الرسمي للنظام قائلاً: "بينما يتحدثون في الإعلام والحوار الوطني عن دعم حقوق الإنسان، يمارسون على الأرض سياسات تستهدف شلّ أي نشاط مستقل".
يُذكر أن محمد عبد السلام من أبرز المدافعين عن حرية التعبير في مصر، وقاد خلال السنوات الماضية حملات قانونية وحقوقية لمواجهة الرقابة والتضييق على الإنترنت، وللدفاع عن النشطاء والمعتقلين السياسيين، مما جعله هدفًا دائمًا للأجهزة الأمنية.
وتختتم الشبكة الدولية بيانها بالدعوة إلى وقف فوري لحملات القمع، ورفع القيود المفروضة على المنظمات الحقوقية، مؤكدة أن استمرار هذه الممارسات "يمثل انتهاكًا صارخًا للمعايير الدولية، ويقوض أي حديث عن إصلاح سياسي في مصر".