في مشهد جديد يجسد تغوّل السلطة على القضاء واستمرار ممارسات التصفية السياسية عبر المحاكم، أصدرت الدائرة الثالثة إرهاب بمحكمة جنايات أمن الدولة (طوارئ) في مصر، حكمًا بالسجن المشدد لمدة 5 سنوات بحق أحمد عبد المنعم أبو الفتوح، نجل المرشح الرئاسي السابق ورئيس حزب "مصر القوية"، وذلك في إعادة محاكمته بعد حكم غيابي سابق بالسجن عشر سنوات على خلفية اتهامات فضفاضة بـ"الانضمام إلى جماعة إرهابية".
الحكم، الذي صدر من مجمع محاكم بدر، جاء رغم مرافعة قانونية وُصفت بالقوية لفريق الدفاع المكوّن من الدكتور محمد سليم العوا والمحامي أحمد أبو العلا ماضي، الذين فندوا خلال الجلسات ما وصفوه بالفراغ القانوني والانعدام التام لأي دليل مادي في أوراق القضية. الدفاع أشار إلى أن الاتهام يستند فقط إلى تحريات أمنية "مكتبية" تفتقر لأي سند واقعي أو قانوني، وأن القضية برمتها تعكس نمطًا من القضايا ذات الطابع السياسي التي يتم الزج فيها بمعارضين ونشطاء دون أي محاكمة عادلة.
الدكتور العوا شدّد في مرافعته على أن القضية تفتقر إلى أساس قانوني واضح، وأنها تُدار بمعزل عن معايير العدالة الجنائية المعترف بها محليًا ودوليًا. بينما دفع المحامي أحمد أبو العلا ماضي ببطلان الحكم الغيابي السابق، مؤكدًا أن المتهم بادر باتخاذ الإجراءات القانونية فور القبض عليه، مما يُوجب قانونًا إعادة المحاكمة بشكل يضمن حقوقه الدستورية، وهو ما لم يحدث فعليًا.
وكانت قوات الأمن قد ألقت القبض على أحمد أبو الفتوح خلال تواجده بوحدة مرور القطامية لتجديد رخصة سيارته، قبل أن يُودع في سجن العاشر من رمضان – تأهيل 2، تنفيذًا للحكم الغيابي، في واقعة أثارت انتقادات حقوقية واسعة وقلقًا حول مدى احترام النظام لحقوق المحتجزين وضمانات المحاكمة العادلة.
وبينما رفضت المحكمة في الجلسات السابقة إخلاء سبيله بأي ضمان، استمرت في حبسه احتياطيًا في خطوة اعتبرها حقوقيون جزءًا من سلسلة من الانتهاكات التي تمارسها السلطة القضائية المصرية تحت عباءة "قوانين الإرهاب"، والتي أصبحت أداة لتصفية الخصوم السياسيين وتكميم الأصوات المعارضة.
اللافت أن القضية تندرج ضمن نفس الملف الذي يقبع فيه والده، الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح، خلف القضبان منذ سنوات، بعد حكم بالسجن 15 عامًا بتهم سياسية بحتة كـ"نشر أخبار كاذبة" و"الانضمام إلى جماعة إرهابية". وقد وصفت منظمات مثل "العفو الدولية" و"هيومن رايتس ووتش" محاكمته بأنها تفتقر كليًا لمعايير المحاكمة العادلة، وتندرج ضمن نمط ممنهج من الاضطهاد السياسي المغلف بقوانين استثنائية.
ومنذ القبض عليه، تمكن أحمد من التواصل مع أسرته، التي سمح لها بزيارته مرة واحدة داخل محبسه، بعد أيام من الغموض حول مكان احتجازه، وهي فترة أثارت وقتها قلقًا بالغًا لدى المنظمات الحقوقية بشأن ظروف احتجازه وسلامته الجسدية والنفسية.
وفي ظل هذا المشهد، يظل القضاء المصري محل تساؤلات واسعة، لا سيما في ظل ما بات يُعرف بـ"محاكمات الإرهاب" التي أصبحت أداة للبطش وتصفية الحسابات، حيث تُصدر الأحكام في قضايا سياسية بامتياز دون الحد الأدنى من الشفافية أو المعايير القانونية المستقلة. وتُنتظر الجلسة المقبلة في 28 يوليو الجاري، والتي قد تُشكّل محطة حاسمة في قضية لا تعبّر فقط عن مأساة فردية، بل تكشف عن صورة قاتمة لمستقبل العدالة تحت حكم السيسي.