من أبشع جرائم حكومة الانقلاب التى ترتكبها فى حق المصريين قيام شركات مقاولات حكومية ببناء عقارات وبيعها للمواطنين بملايين الجنيهات ثم يكتشف المشترى أنها آيلة للسقوط وحدثت بها تصدعات وشقوق حتى قبل ان يسكن بها بل وانهارت بعض العقارات على رؤوس السكان .
هذه الجريمة قد تقع فيها شركة مقاولات خاصة طمعا فى الأرباح وممارسة النصب على المواطنين لكن عندما تتورط فيها شركة حكومية تصبح الكارثة غير مبررة بالمرة فتلك جريمة مالية وأخلاقية وجنائية تستوجب محاسبة كل من تورط فيهاـ وتستوجب أيضا حلولا سريعة لإنقاذ حياة من اشتروا شقق تلك العمارات.
كل هذه الجرائم حدثت فى مشروع عمائر أكتوبر التابع لشركة «النصر للإسكان والتعمير»، إحدى شركات «القابضة للتشييد والتعمير» بوزارة قطاع الأعمال العام بحكومة الانقلاب بل أن تقريرًا فنيًّا صدر عن جهات حكومية أكد أن العمارات تم بناؤها بحديد به صدأ وبمواد بناء مخالفة للمواصفات، وأنه يجب إزالة بعضها وترميم بعضها الآخر .
فى المقابل اكتفى مسئولو الشركة الحكومية التى باعت تلك الوحدات بترميم بعض العمارات ثم طالبوا الضحايا بأن يلجأوا للقضاء دون اعتبار لمئات الأسر التى وضعت تحويشة عمرها لشراء شقة ثم اكتشفت أنها اشترت الموت.
الأزمة لم تتوقف عند حدود التصدعات، بل طالت كرامة المواطنين وحقوقهم القانونية؛ فمع أنهم حصلوا على أحكام قضائية نهائية بإزالة بعض العقارات وترميم أخرى، لكن لم يتم تنفيذ هذه الأحكام. ويتساءل السكان: إذا لم تُنفذ دولة العسكر أحكامًا صادرة باسمها، فإلى من نلجأ؟
عمائر النصر
حول هذه الأزمة قال طارق العيسوى، أحد السكان: اشتريت شقة فى مشروع عمائر النصر بأكتوبر منذ عدة سنوات بحوالى 400 ألف جنيه، وكان مبلغًا كبيرًا، وقتها، يعادل الآن سعر أغلى شقة فى أرقى مناطق مصر .
وأضاف العيسوى : بعد سنوات قليلة ظهرت تشققات فى عدد من عمارات المشروع، فقامت الشركة على الفور بإزالتها وبنائها من جديد، ولكن سرعان ما ظهرت تشققات وصدوع أيضًا فى العقارات التى نسكن بها، إلا أن الشركة لم تهتم .
وتابع : قررنا اللجوء إلى القضاء وحصلنا على أحكام بإزالة 10 عقارات وترميم عدد آخر لكن لم يتم تنفيذ هذه الأحكام من جانب الشركة .
شقوق وتصدعات
وقال الدكتور محسن عبد الحميد، أحد السكان، أنه استلم شقته فى عام 2014 وكانت البنية الأساسية لها صفرًا، لذا ظهرت تصدعات وشقوق فى الشقق والعقارات بالكامل .
ولفتً إلى أن الشركة قامت بعمل ترميم فى العقارات، لكن سرعان ما ظهرت شقوق وتصدعات مرة أخرى بعد شهرين من ترميم الشركة لها.
وأشار وحيد فكرى أحد السكان، إلى أن مركز بحوث البناء أخذ عينات من خرسانة العقارات لتحليلها، وخرج بتقرير مفاده أنه يجب إزالة هذه العقارات بدلًا من ترميمها؛ وذلك بسبب زيادة نسبة الكلوريدات والأملاح العالية وتآكل صلب الحديد.
وأكد فكرى أنها غير مطابقة لمواصفات البناء مع عدم تحمل أعمدة العقارات لهذه الأحمال مؤكدا أن التقرير أظهر مشكلات فى العمارات منها أن هناك زيادة فى نسبة أملاح الكلوريدات فى الخرسانة عن النسب المسموح بها فى الكود المصرى للبناء، وأرجع التنفيخ فى السيراميك إلى الصدأ فى الحديد، واقترح إزالة العمارة بالكامل ثم إعادة البناء .
سكن بديل
وقال المهندس فؤاد عبدالرازق، أحد السكان، إن سكان العمارات المتضررة اقترحوا على مجلس إدارة شركة النصر الحصول على سكن بديل مطابق لمساحة شققهم، لحين إعادة بناء العمارات مرة أخرى بمواد مطابقة للمواصفات، نظرًا لصعوبة الانتقال من المكان لارتباط الأسر به من خلال المدارس والأعمال الخاصة بهم.
وأشار عبدالرازق إلى أن أغلب السكان من الطبقة المتوسطة أو فوق المتوسطة، ومع ارتفاع أسعار الوحدات السكنية لن يتمكنوا من شراء سكن بديل مناسب.
وكشف أن المشكلة الفنية التى حدثت فى العمارات كان المتسبب فيها هو المقاول المنفذ، الذى جاء بعد مناقصة وكان مشهودًا له بالكفاءة، ولكن ما حدث كان عكس ذلك، مؤكدا أن شركة النصر هى المسئولة أمامنا عن إزالة هذه العمائر وإعادة بنائها من جديد.
وأضاف عبدالرازق: ظهر أيضًا بروز واضح فى أرضيات العمارة تسبب فى إعاقة الأبواب أثناء الفتح والغلق، بجانب تشققات كبيرة فى بعض واجهات العمارات ونسب ميل واضحة فى البلكونات، والكثير من الأسر تركوا شققهم وخرجوا ليعيشوا بالإيجار فى مناطق أخرى خشية انهيار العقار فى أى وقت، والبعض الآخر ينتظر موته أو يخشى التشرد.
شقق مهددة بالانهيار
وأكدت عائشة المهدى، من السكان أنه بعد مداولات حوالى 14 عامًا مع شركة النصر، لم نصل إلى شيء، فيما اكتفت الشركة بالتأكيد على أن الشقوق والتصدعات بسبب سوء التشطيب..
وقالت : رممت شقتى 5 مرات، على نفقتى الخاصة وبعد أن انفقت أموالا ضخمة لم تتحسن الأحوال وللأسف كان الطوب والرمل بيقع فوق دماغنا، كلنا بنطالب بفك التشابكات بين وزارة قطاع أعمال الانقلاب والشركة والجهات المسئولة، لأننا اتبهدلنا لف ومفيش حل لمشكلتنا لحد دلوقتى.
وأضافت عائشة المهدى: كل الأسر المتضررة بتعانى من اضطرابات فى النوم وقلق دائم، خصوصًا الأطفال، وأصبحنا أمام خيارات مستحيلة: إما الاستمرار فى شقق مهددة بالانهيار أو الانتقال إلى الإيجار فى ظل ارتفاع جنونى للأسعار، وللأسف كلنا من طبقات متوسطة، منقدرش على أسعار الإيجار وإحنا عندنا شقق تمليك.