وثّقت منظمة "لجنة العدالة" الحقوقية تصعيداً خطيراً في الانتهاكات التي يتعرض لها المعتقلون السياسيون في سجن بدر 3، شمل تهديدات مباشرة بالقتل، من أبرزها ما تعرض له المهندس خيرت الشاطر في 21 يوليو، وعمرو العقيد في 22 يوليو، وجهاد الحداد في 24 يوليو، حيث وُصف التهديد الموجه للأخير بأنه "الأعنف"، ونقل عنه أن مسؤولاً أمنياً قال له:
"الغلط معانا مرة واحدة، وبعد كده الرصاص هو اللي هيتكلم".
وفي أحد اللقاءات الأمنية داخل السجن، صرّح مسؤول آخر:
"لدينا الدعم والتأييد الخارجي لنفعل بكم ما نشاء. أنتم مجرد ملفات تُنسى بعد 15 يوماً. لا حقوق لكم لدينا".
11 يوماً من الانتهاكات المتواصلة
أكدت "لجنة العدالة" في تقريرها أن الانتهاكات تصاعدت بشكل متسلسل خلال الفترة بين 19 و30 يوليو، داخل قطاع 2 بسجن بدر 3، وتنوعت بين تهديدات مباشرة، إضرابات عن الطعام، محاولات انتحار، وتدهور خطير في الأوضاع الصحية والنفسية لعدد من المعتقلين، وسط صمت رسمي مطبق.
تهديدات أمنية وابتزاز لعائلات المحتجزين
تلقى عدد من المعتقلين تهديدات مباشرة من قيادات الأمن الوطني، كان أبرزها خلال لقاء في 19 يوليو، جمع ثلاثة من كبار ضباط الجهاز — من بينهم مساعد رئيس الجهاز — مع المعتقلين أمين الصيرفي ومحمد البلتاجي، وهددتهم الأجهزة باعتقال ذويهم وتنفيذ أحكام الإعدام بحقهم إن لم ينهوا الإضراب خلال 48 ساعة.
تدهور صحي حاد
جاء في التقرير أن الدكتور مصطفى الغنيمي صرخ فيهم بعد تدهور صحته :
"مابنتهددش يا ظلمة!"
وقد نُقل إلى العناية المركزة في حالة حرجة. وبعد دقائق، تم نقل المعتقل هاني شعبان لنفس السبب.
كما نقل السفير رفاعة الطهطاوي إلى المستشفى بسبب هبوط حاد في السكر (بلغ 39)، تبعته حالات مشابهة لكل من محمد البلتاجي وأسعد الشيخة بسبب انخفاض ضغط الدم والسكر.
في 29 يوليو، انهار سعد عليوة من شدة الإعياء، في حين فقد المتحدث السابق باسم الإخوان المسلمين أحمد عارف وعيه بعد أن وصل معدل السكر لديه إلى 33، وظل يردد بصوت منهك:
"سأواصل إضرابي حتى يعلم العالم ما يحدث في قطاع 2… الحياة لا تستحق إن سكتنا عن جرائمكم".
ورغم الطرق والصراخ من داخل الزنازين، لم تتحرك إدارة السجن إلا بعد محاولة عبدالسلام المليجي (65 عامًا) الانتحار، ليُنقل إلى المستشفى مكبلاً ويُحقن بمادة "المورفين"، وهو ما سبق أن تكرر مع الدكتور عبدالله شحاتة (3 يوليو)، والمعتقل رضا أبو الغيط (12 يوليو).
وفي 30 يوليو، أقدم الدكتور حسن البرنس على محاولة انتحار بقطع شرايينه، وتم نقله للمركز الطبي، دون توفر معلومات دقيقة عن حالته الصحية حتى اللحظة.
35 مضربًا عن الطعام.. و15 في حالة حرجة
أكدت اللجنة أن عدد المضربين عن الطعام بلغ 35 معتقلاً، من بينهم 15 حالة حرجة للغاية، أبرزهم:
-
عبدالرحمن البر
-
محمد سعد عليوة
-
أسعد الشيخة
-
رفاعة الطهطاوي
-
أمين الصيرفي
-
باسم عودة
-
أسامة مرسي
-
أسامة ياسين
-
أحمد عارف
-
خالد الأزهري
وبحسب التقرير، أعلن عدد من القادة البارزين نيتهم الإقدام على محاولات انتحار جماعية بدءاً من 1 أغسطس، في حال عدم الاستجابة لمطالبهم الأساسية:
-
السماح بالزيارة
-
الخروج إلى الشمس
-
تلقي الرعاية الطبية
-
وقف العزل الانفرادي والتهديدات
كما حذر المعتقلون من تصعيد جديد إن اقترب الأمن من ذويهم أثناء الزيارات، في ظل استمرار سياسة العقاب الجماعي.
جرائم ممنهجة ترقى إلى جرائم ضد الإنسانية
وصفت "لجنة العدالة" ما يجري في سجن بدر 3 بأنه نمط متكرر من الانتهاكات الممنهجة، يشمل:
-
التعذيب النفسي
-
الإهمال الطبي المتعمد
-
العزل الانفرادي القاسي
-
الحرمان من الحقوق الأساسية
وأشارت اللجنة إلى أن هذه الممارسات تنتهك الدستور المصري، والاتفاقيات الدولية التي صادقت عليها مصر، وعلى رأسها اتفاقية مناهضة التعذيب، والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.
دعوات لتحقيق دولي عاجل
حمّلت "لجنة العدالة" المسؤولية الكاملة لما يجري في سجن بدر 3 إلى:
-
وزارة الداخلية
-
جهاز الأمن الوطني
-
النيابة العامة
وطالبت بـ:
-
فتح تحقيق عاجل ومستقل
-
نقل المرضى لمستشفيات مدنية
-
وقف سياسة العزل
-
تمكين المعتقلين من حقوقهم الأساسية
ودعت الآليات الأممية والمنظمات الحقوقية الدولية إلى التدخل العاجل، وزيارة سجن بدر 3 وفتح تحقيقات دولية نزيهة.
وأكدت اللجنة أن الصمت الدولي لم يعد مقبولاً، محذرة من أن استمرار هذه الانتهاكات قد يؤدي إلى كارثة إنسانية، واحتمال وقوع انتحار جماعي داخل السجن بات أمراً واقعياً لا يمكن تجاهله.
خيرت الشاطر.. سنوات من الحبس والعزل والحرمان
كان آخر ظهور علني لنائب المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين، المهندس خيرت الشاطر، في 14 يناير 2022، خلال إحدى جلسات محاكمته، حيث شكا علنًا من سوء أوضاعه الصحية، بحسب "الشبكة المصرية لحقوق الإنسان".
وقال الشاطر آنذاك:
"أبلغ من العمر 72 عاماً، محبوس في زنزانة انفرادية منذ سنوات، وممنوع من الزيارة، ولا أتلقى الرعاية الطبية اللازمة، والقاضي يُجدد الحبس رغم كل ذلك".
ووفقاً للتقارير، فإن الشاطر معتقل منذ أغسطس 2013 في سجن العقرب شديد الحراسة 1، محروم من الزيارة والتواصل مع أسرته، ويعاني من تدهور صحي شديد نتيجة سنوات الحبس الانفرادي دون علاج أو رعاية.
"الاختيار 3".. دراما استخباراتية لتشويه الخصوم
وفي أبريل 2022، تعمدت الأجهزة الأمنية المصرية تشويه صورة الشاطر عبر مسلسل "الاختيار 3"، الذي تضمن سرداً أمنياً محرفاً، حيث زُعم أن الشاطر هدّد الجيش والشعب بدعم من أمريكا وأوروبا وتنظيم القاعدة، وهو ما نفته أسرته ومحاموه ووصفوه بـ"الفبركة الإعلامية الأمنية".