“عبد الرحمن القرضاوي” ضحية لتحالف القمع بين المنقلب السيسي وشيطان العرب

- ‎فيحريات

 

28 منظمة تدين "القمع العابر للحدود" وتطالب بالكشف الفوري عن مصيره.

 في واحدة من أبرز وقائع تصدير القمع وتبادل المعارضين خارج القانون، دعت 28 منظمة حقوقية عربية ودولية إلى كشف مصير الشاعر والمعارض المصري عبد الرحمن القرضاوي، المختفي قسريًا منذ أكثر من 200 يوم، بعد ترحيله قسرًا من لبنان إلى الإمارات بطلب أمني مباشر، فيما وُصف بأنه حلقة جديدة من تحالف القمع بين نظامي عبد الفتاح السيسي ومحمد بن زايد.

عبد الرحمن، نجل الشيخ يوسف القرضاوي، ومواطن تركي الجنسية، لم تطأ قدماه أرض الإمارات من قبل، لكنه كان منذ سنوات من الأصوات الناقدة للأنظمة السلطوية في المنطقة، خصوصًا نظام السيسي، من خلال مقاطع مصوّرة بثها عبر منصاته، فضحت ممارسات الاستبداد والانتهاكات الحقوقية.

ورغم غياب أي صفة قانونية تربطه بالإمارات، أوقفته السلطات اللبنانية نهاية ديسمبر الماضي بناءً على مذكرة صادرة عن الأمانة العامة لمجلس وزراء الداخلية العرب – أداة إقليمية مشبوهة، تستخدمها الأنظمة الاستبدادية لقمع معارضيها خارج الحدود.

في تجاهل فج لتحذيرات المنظمات الدولية ومبدأ "عدم الإعادة القسرية"، سلّمت بيروت القرضاوي إلى أبو ظبي في 8 يناير، حيث شوهد لآخر مرة خلال زيارة خاضعة لرقابة أمنية في مارس الماضي، قبل أن ينقطع كل اتصال، ما يشير إلى تعرضه لإخفاء قسري ممنهج.

المنظمات الحقوقية، وعلى رأسها "العفو الدولية"، و"مركز الخليج لحقوق الإنسان"، و"المبادرة المصرية للحقوق الشخصية"، طالبت في بيان مشترك بالإفراج الفوري وغير المشروط عن القرضاوي، وضمان سلامته الجسدية والنفسية، وتمكينه من التواصل مع محامٍ وأفراد عائلته والبعثة القنصلية التركية.

كما دعت هذه المنظمات الحكومة التركية إلى القيام بدورها القانوني والدبلوماسي في الدفاع عن مواطنها، وحثت السلطات اللبنانية على الاعتراف بخطأ تسليمه القسري الذي خالف القانون الدولي، وطالبت جامعة الدول العربية بفتح تحقيق جاد في دور مجلس وزراء الداخلية العرب، الذي تحول إلى مظلة إقليمية لـ"القمع العابر للحدود".

"تبادل القمع" بدلًا من "التعاون الأمني"

ترى المنظمات الحقوقية أن ما حدث مع عبد الرحمن القرضاوي يجسد تحول آليات التعاون الأمني الإقليمي، خصوصًا بين أنظمة مثل مصر والإمارات، من أدوات لمحاربة الجريمة المنظمة إلى أدوات لـمطاردة المعارضين السياسيين، في تعدٍ واضح على السيادة الوطنية وحقوق الإنسان.

ويفتح هذا الملف المؤلم الباب مجددًا للحديث عن تنسيق غير معلن بين نظام السيسي ومحمد بن زايد في مطاردة الأصوات المعارضة أينما كانت، في إطار شراكة إقليمية هدفها إسكات أي صوت يطالب بالحريات أو يكشف ممارسات السلطة.

غياب القانون… وسقوط المنظومة الحقوقية العربية

قضية القرضاوي لم تكن الأولى، وربما لن تكون الأخيرة، في ظل انهيار منظومة العدالة العربية وتحول أجهزة التعاون الأمني العربية إلى منصة لتبادل الخصوم السياسيين كأنهم مطلوبون جنائيون، في تجاهل صارخ للقوانين الدولية والاتفاقيات الأممية.

والأخطر – كما ترى المنظمات – أن هذه الحادثة قد تشجع المزيد من الأنظمة القمعية على تكرار النموذج نفسه، ما لم يتحرك المجتمع الدولي بشكل عاجل لكبح جماح هذه التحالفات السلطوية التي تجاوزت الحدود، واستباحت القيم الإنسانية.