ترتكب حكومة الانقلاب جريمة في حق المصريين خاصة المرضى الفقراء من خلال بيع المستشفيات الحكومية للقطاع الخاص ولمستثمرين أجانب، كما حدث في مستشفى هرمل الشهير بمستشفى دار السلام، حيث خرج المستشفى الذي كان مخصصا لعلاج الأورام من دائرة المستشفيات الحكومية، ليصبح تابعا إداريا لمعهد جوستاف روسيه الفرنسىي لعلاج الأورام .
وتم تطوير المستشفى وتجديده على مدار عام ونصف قبل منحه للمستثمر الأجنبي، الذى ما إن جاء حتى تحققت كل مخاوف المتشائمين من خصخصة المستشفيات، حيث أغلقت أبواب المستشفى في وجه المرضى، كما تم إلغاء التعاقد مع عدد كبير من العاملين فيها، وهو ما يهدد بتكرار نفس السيناريو في أي مستشفى آخر سيخضع لنفس النظام، ولا عزاء للمرضى.
هذا النموذج السيئ للخصخصة يهدد بأن يصبح آلاف المرضى في الشارع دون علاج بعد تطبيق القانون.
القطاع الخاص
من جانبه كشف الدكتور إبراهيم الزيات، عضو مجلس نقابة الأطباء، وأحد الاستشاريين المتعاقدين مع مستشفى هرمل سابقا
أن من يدير المستشفى حاليا مصريون وليسوا فرنسيين، وتم تقليل أعداد المرضى المستفيدين من الخدمة العلاجية، وإنهاء التعاقد مع نسبة كبيرة من العاملين بالمستشفى، مشيرا إلى أن معهد جوستاف روسيه، أحد أكبر مراكز علاج الأورام الفرنسية، لم يتولى مسئولية إدارة مستشفى هرمل عقب توقيع عقد شراكة، في فبراير الماضي، بين حكومة الانقلاب وشركة إليفيت برايفت أكويتي، بالشراكة مع المعهد، بحجة تطوير المستشفى وتشغيله وتحويله إلى مركز دولي تابع للمعهد الفرنسي لعلاج الأورام في مصر، لكن ما حدث عكس هذا تماما .
وقال «الزيات» في تصريحات صحفية : إن “قانون منح القطاع الخاص حق إدارة وتشغيل المستشفيات العامة، يسمح بسيطرة القطاع الخاص على تقديم الخدمة الصحية والعلاجية للمواطنين، ولن يكون في مقدور وزارة صحة الانقلاب فيما بعد التحكم أو الرقابة على المستشفيات”.
وأشار إلى أن قانون منح القطاع الخاص حق إدارة وتشغيل المستشفيات العامة دخل حيز التنفيذ في سبتمبر 2024، نص على جواز منح التزامات المرافق العامة للمستثمرين المصريين أو الأجانب، سواء كانوا أشخاصًا طبيعيين أو اعتباريين لإنشاء وإدارة وتشغيل المنشآت الصحية، أو لإدارة وتشغيل وتطوير المنشآت الصحية القائمة.
وأوضح «الزيات» أنه وفق القانون تُقدم نسبة من إجمالي الخدمات الصحية للمنشأة للمنتفعين بخدمات العلاج على نفقة الدولة أو التأمين الصحي أو منظومة التأمين الصحي الشامل، بحسب الأحوال، بذات الأسعار التي تحددها الدولة لتقديم تلك الخدمات.
وأشار إلى أن القانون في مادته الثانية ألزم المستأجر باستمرار تشغيل نسبة لا تقل عن 25% كحد أدنى قابل للزيادة من العاملين بالمنشأة الصحية.
المنظومة الصحية
وأكد «الزيات» أن القطاع الخاص سواء كان خارجيا أو محليا سيكون المتحكم الرئيسي في المنظومة الصحية، مدللا على ذلك بما حدث سابقا باستحواذ الشركات على المستشفيات الكبرى مثل دار الفؤاد وكليوباترا والسلام الدولي ومصر الدولي وغيرها، بالإضافة إلى معامل التحاليل ومراكز الأشعة الكبرى التي استحوذت عليها شركات تابعة لدولة بعينها، وأصبحت هي المتحكم الرئيسي في تقديم الخدمات للمواطنين حاليا ولا تستطيع حكومة الانقلاب التحكم أو السيطرة عليها وكذلك الحال سيكون في مسألة منح القطاع الخاص حق إدارة وتشغيل المستشفيات الحكومية.
ولفت إلى أن أولى تجارب القانون فى مستشفى هرمل خير دليل على ذلك، حيث شاهدنا الزحام على أبواب المستشفى وتقليل أعداد المرضى المستفيدين من الخدمة العلاجية، بعد استلام المستشفى من القطاع الخاص.
وأوضح «الزيات» أن ما يقال عن أن الشركة التي تدير مستشفى هرمل للأورام حاليا تابعة لمعهد جوستاف روسيه الفرنسي غير صحيح، وفى حقيقة الأمر الشركة التي تدير المستشفى حاليا هي شركة إليفيت للرعاية الصحية وأصحابها مصريون منهم وزيرة سابقة، وليست لها سابقة أعمال.
وتابع: الشركة الجديدة قامت بتأجير مستشفى هرمل بعد انتهاء أوراقها فى هيئة الاستثمار بشهرين فقط، وما حدث حتى الآن هو انتحال لاسم جوستاف روسيه، كما يحدث في المطاعم والمحلات من تقليد لاسم المحلات الكبرى، لأن من يدير المستشفى على أرض الواقع حاليا مستثمرون مصريون .
جهاز إداري
وأشار «الزيات» إلى أنه بعد حصول الشركة على حق إدارة مستشفى هرمل تم تخفيض عدد المرضى الذين يستقبلهم المستشفى، واكتفت بعدد محدود، ولذلك شاهدنا الزحام على أبوابه خلال الفترة الماضية، وظهرت شكاوى من توقف العلاج.
وقال: إن “القانون يسمح للقطاع الخاص بأن تكون نسبة العلاج في المستشفى 70% على نفقة الدولة والتأمين الصحي، و30% خاص، متسائلا هل تمتلك وزارة صحة الانقلاب جهازا إداريا يستطيع الرقابة على المستشفيات وتحديد ما إذا كانت تلتزم بهذا النص من القانون أم لا، والإجابة معلومة فهي لا تمتلك ذلك، وبناء عليه سنشهد تأثيرا واضحا على الرعاية الصحية المقدمة للمرضى غير القادرين”.
وأكد «الزيات» أن الشركة بعد استلامها للمستشفى قررت إنهاء التعاقد مع عدد كبير من العاملين سواء أطباء استشاريين كبار أو تمريض، ولم يتبق سوى بعض العمال والإداريين، تنفيذا للمادة التي تنص على الإبقاء على 25% من العاملين بالمستشفى محذرا من أن ما حدث في مستشفى هرمل سيتكرر في باقي المستشفيات التي ستطرحها حكومة الانقلاب على القطاع الخاص، وسيكون لذلك تأثير كبير على المرضى.
صحة المصريين
وقال الدكتور محمد عز العرب، مؤسس وحدة أورام الكبد بالمعهد القومي للكبد، المستشار الطبي للمركز المصري للحق في الدواء، إن دخول القطاع الخاص في تطوير المستشفيات الحكومية له إيجابيات وسلبيات.
وأضاف «عز العرب» في تصريحات صحفية أن أبرز الإيجابيات تتمثل في الاستفادة من خبرات الكيانات الدولية التي يمكن التعاقد معها في نقل خبراتها إلى المنظومة الصحية المصرية سواء فنيا أو إداريا.
وكشف أن هناك بعض التخوفات تتمثل فى احتمالية حرمان المريض الفقير من الحصول على الرعاية الطبية اللازمة المنصوص عليها في المادة 18 من الدستور، بالإضافة إلى التخوف من استغلال بند السماح بالإبقاء على 25% من العمالة والاستغناء عن 75% سواء أطباء أو فريق معاون أو تمريض وإداريين.
وأشار «عز العرب» إلى أن التعاون مع القطاع الخاص والاستفادة منه لابد أن تكون من خلال بناء مستشفيات جديدة وليس الاستحواذ على المستشفيات القائمة، كما يجب منح الأولوية للقطاع الخاص الوطني، خاصة أننا شهدنا هجمة خلال السنوات الماضية لاستحواذ عدد من الكيانات التابعة لدول خارجية على المعامل ومراكز الأشعة الهامة في البلاد، بالإضافة إلى عدد من المستشفيات، مؤكدا أن صحة المصريين أمن قومي ولا يجب تركه لدول أخرى تسيطر عليه.
وطالب بوضع قوانين ملزمة للقطاع الخاص بأسعار تقديم الخدمات العلاجية للمواطنين، وأن تتضمن المستشفيات التي ستشهد شراكة مع القطاع الخاص قسما للعلاج الاقتصادي والمجاني لغير القادرين.
وأوضح «عز العرب» أنه رغم اعلان حكومة الانقلاب أنها تبذل جهودا لتطوير المستشفيات، لكن المريض يواجه صعوبات، خاصة في الحصول على سرير رعاية مركزة، التي تصل أعدادها إلى 10 أو 11 ألف سرير 50% منها في المستشفيات الجامعية، وهى أعداد غير كافية لتلبية احتياجات المواطنين.
وشدد على ضرورة دخول القطاع الخاص في شراكة مع حكومة الانقلاب لبناء مستشفيات جديدة وإضافة أسرة رعاية مركزة جديدة، خاصة أن تكلفة سرير الرعاية عالية جدا، مشيرا إلى أننا نحتاج لضخ استثمارات في القطاع الصحي تتراوح بين 30 و50 مليار جنيه.