في واقعة أثارت صدمة في الأوساط الأكاديمية المصرية، أقدمت إدارة معهد هندسة وتكنولوجيا الطيران، التابع للأكاديمية المصرية لعلوم الطيران، على فصل نحو 100 من أعضاء هيئة التدريس والعاملين، معظمهم من الحاصلين على درجات علمية عليا وتقديرات أكاديمية متميزة، دون سابق إنذار أو إجراءات قانونية واضحة.
ورغم أن المعهد يخضع لإشراف وزارتي التعليم العالي والبحث العلمي والطيران المدني، إلا أن القرار، وفق ما أكده المفصولون، جاء بتنفيذ مباشر من اللواء عزت متولي رئيس الأكاديمية، في خطوة وُصفت بأنها "تعسفية" وتعكس "نهجاً إقصائياً يكرّس التمييز ضد المدنيين".
العقل الأكاديمي لا يُصافح بالبزة العسكرية
مصادر من داخل الأكاديمية كشفت مصادر صحفية أن الأزمة تعود إلى شهور طويلة من التوترات المتراكمة بين الإدارة العسكرية للأكاديمية وموظفين مدنيين يرفضون الخضوع لـ"مظاهر الطاعة العسكرية"، مثل أداء التحية العسكرية لرئيس الأكاديمية، على الرغم من كونهم مدنيين لا تسري عليهم الأعراف العسكرية.
وبحسب إفادات عدد من الأساتذة والمعيدين، فقد أُبلغوا بقرار الفصل عملياً حين مُنعوا من دخول مقر العمل، دون أي إخطارات مسبقة أو تحقيقات داخلية، رغم أن تعيينهم جرى بقرارات وزارية رسمية، مما يفتح الباب لتساؤلات قانونية واسعة حول صلاحية الجهة الإدارية في إصدار قرارات الإقالة بهذه الطريقة.
أحد الأساتذة المفصولين علّق قائلاً:
"كيف يمكن إلغاء قرار وزاري بتعييني بقرار شفهي أو إداري من رئيس أكاديمية؟ هذا تجاوز سافر للقانون ويهدد استقلالية المؤسسات التعليمية."
إدارة "أمنية" لمؤسسة أكاديمية
يشير المفصولون إلى ما وصفوه بـ"عسكرة المؤسسة" والتضييق على الحريات الأكاديمية داخل الأكاديمية، متهمين الإدارة الحالية بتبنّي أسلوب إداري قائم على الإقصاء والخضوع، بعيداً عن المعايير العلمية والمهنية. وأكدوا أن دوافع القرار لا تخلو من أبعاد سياسية، إذ سبق للبعض أن عبّر عن آرائه بخصوص سياسات التعليم أو إدارة المؤسسة، ما اعتُبر تحدياً للسلطة.
وتورّط في القرار، بحسب رواياتهم، كل من رئيس الأكاديمية، والقائمة بأعمال عميد المعهد الدكتورة آمنة حسن السيد عمر، إلى جانب المستشار القانوني للأكاديمية، من دون منح المفصولين فرصة للدفاع أو الطعن.
إجراءات تصعيدية وتلويح بالقضاء
ردًّا على ما وصفوه بـ"الانقلاب الإداري"، بدأ المفصولون بتحرير محاضر رسمية في أقسام الشرطة، كما تقدموا ببلاغات عاجلة إلى النيابة العامة والإدارية، وشكاوى إلى وزارة القوى العاملة ومجلس الوزراء ومكتب العمل.
وأكدوا أنهم سيتوجهون اليوم إلى وزارة التعليم العالي لتسليم شكاوى رسمية مرفقة بمقاطع فيديو وصور توثّق لحظة منعهم من دخول المعهد، مطالبين بفتح تحقيق شفاف ومحايد، ومحاسبة المسؤولين عن القرار.
مطالب بتدخل رئاسي
في ظل تفاقم الأزمة، ووسط حالة من الغضب المتصاعد، طالب المفصولون بتدخل رئاسة الجمهورية لوقف ما وصفوه بـ"المذبحة الأكاديمية"، محذرين من أن هذه القرارات لا تنتهك فقط حقوق العاملين، بل تمثل تهديداً لهيبة الدولة وقانونها.
وقال أحدهم:
"ما يحدث يعيدنا إلى عصر إدارة المؤسسات بالقوة والعقاب، ويقوّض كل ما تبقى من احترام للعلم والكفاءة في بلد يفترض أن ينهض بالتعليم لا أن يسحق علماءه."
اجتماعات طارئة وتحركات رسمية
في المقابل، كشفت مصادر صحفية مصادر مطلعة أن اجتماعاً مغلقاً يُعقد داخل الأكاديمية بحضور ممثلين عن وزارة التعليم العالي والجهات الرقابية، في محاولة لاحتواء الأزمة ومنع تصعيدها، وسط تأكيدات بأن الوزارة تدرس قانونية القرارات تمهيداً لاتخاذ خطوات تصحيحية محتملة.