تعرّضت لجلطة في الشريان الرئوي ..تدهور الحالة الصحية للمعتقلة مروة عرفة

- ‎فيحريات

 

تواجه الناشطة مروة عرفة (32 عاماً) أزمة صحية حادة بعد نحو ست سنوات من سجنها، وسط دعوات متصاعدة من منظمات حقوقية وعائلتها لإطلاق سراحها فوراً. وقال أفراد من عائلتها إنها نُقلت في منتصف أغسطس/ آب الجاري إلى مستشفى بعدما أصيبت بإغماء مفاجئ.

 

 

وشخّص الأطباء، بحسب أسرتها، تعرّضها لجلطة في الشريان الرئوي مع انخفاض حاد في نسبة الهيموغلوبين، وارتفاع في درجة الحرارة وتنميل في الجزء الأعلى من جسدها، لكنها أُعيدت إلى الزنزانة بعد ليلة واحدة من نقلها إلى المستشفى فقط، وتكفلت زميلاتها برعايتها باستخدام أسطوانة أكسجين نفدت سريعاً، ما أدى إلى تدهور حالتها مجدداً، بحسب ما أفاد مركز الشهاب لحقوق الإنسان الذي حمّل، في بيان أصدره اليوم الثلاثاء، السلطات المسؤولية الكاملة عن حياة مروة، ودعا المجتمع الدولي إلى التدخل لإنقاذها. أيضاً دانت مؤسسة عدالة لحقوق الإنسان، في بيان آخر، استمرار احتجاز مروة، وطالبت بإنهاء معاناتها والإفراج عنها احتراماً للقانون وحفاظاً على حياتها.

 

وسبق أن حذرت والدة مروة، الأكاديمية وفاء حفني، من أن "ابنتها تمر بأزمة صحية خطيرة" بعدما أصيبت بجلطة أخيراً، وذكرت أنها عاجزة عن السير بمفردها وتعاني من صعوبة في التنفس. وأشارت إلى أنها ناشدت المنقلب السفيه عبد الفتاح السيسي، في رسالة وجهتها إليه في يناير/ كانون الثاني الماضي، الإفراج عن ابنتها مراعاة لظروفها الصحية والأسرية. وأشارت في الرسالة ذاتها إلى أنّ ابنة مروة (حفيدتها) "فقدت والدتها منذ أكثر من خمس سنوات وأصيبت بالوحدة، وهي تحتاج بشدة إلى حضن والدتها". وسبق أن قدمت والدة مروة طلبين رسميين إلى المجلس القومي لحقوق الإنسان ووزارة الداخلية لتحسين ظروف ابنتها المعتقلة، لكن من دون استجابة.

 

وكانت قوات الأمن بعصابة الانقلاب  قد اعتقلت مروة من منزلها بالقاهرة في 20 إبريل/ نيسان 2020، حين لم تكن ابنتها قد أتمت عامها الثاني. وبحسب تقارير حقوقية نفِذ الاقتحام من دون مذكرة قانونية، واختفت مروة قسرياً لمدة 14 يوماً قبل أن تعرض للمرة الأولى أمام نيابة أمن الدولة العليا في مايو/ أيار 2020. ومنذ ذلك الحين، وُجهت إليها اتهامات بـ"نشر أخبار كاذبة، وإساءة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، والانضمام إلى جماعة إرهابية وتمويلها" بعدما كانت قد ساعدت عائلات معتقلين سياسيين بطعام وملابس. واعتبر فريق الدفاع عنها هذه الاتهامات "انتقاماً واضحاً من نشاطها الخيري السلمي".

 

وظلّت مروة قيد السجن الاحتياطي المتجدد كل 45 يوماً طوال خمس سنوات، وتجاوزت الحدّ الأقصى المنصوص عليه في القانون المصري، وهو عامان فقط. وفي يوليو/ تموز الماضي، بدأت محاكمتها بعدما أحيلت إلى القضاء، في خطوة وصفها حقوقيون بأنها "شرعنة لاحتجاز طويل يخالف القانون". ووفق شهادات أسرتها، تعاني مروة من أوضاع احتجاز قاسية، من بينها النوم على أرضية باردة ومنعها من العمل أو الدراسة، كما تحرم من إجراء امتحانات الدراسات العليا ومن التسجيل في الجامعة بأوامر غير مكتوبة.

 

وُلدت مروة عام 1993 ونشأت وسط عائلة ذات خلفية إسلامية متعدّدة التوجهات، فهي حفيدة مؤسس جماعة الإخوان المسلمين حسن البنا، لكنها بحسب ما تفيد تقارير حقوقية وشهادات لأصدقاء مقربين، لم تنضم إلى أي حزب أو جماعة، ولم تروّج لأفكار الإخوان، بل عُرفت بنشاطها الخيري والإنساني غير المنحاز.

 

نداءات لأسر سجن "بدر 3"

 

على صعيد آخر، نشرت مجموعة من أسر السجناء السياسيين في سجن "بدر 3" الخاضع لإجراءات أمنية مشددة نداءً عاجلاً إلى المجلس القومي لحقوق الإنسان، وناشدته إجراء زيارة عاجلة للاطمئنان على سلامة السجناء بعدما باشروا قبل أسابيع إضراباً عن الطعام.

 

وأورد نص النداء الذي أعادت نشره سناء عبد الجواد، زوجة القيادي البارز في جماعة الإخوان المسلمين، محمد البلتاجي: "توجّه أسر المعتقلين السياسيين المضربين عن الطعام، ومنهم الدكتور محمد البلتاجي الذي سبق أن كان عضواً في المجلس القومي لحقوق الإنسان، ومعه عدد آخر من المعتقلين هذا النداء العاجل إلى المجلس في ظل استمرار إضرابهم عن الطعام منذ أكثر من شهرين، والانقطاع التام للمعلومات عن أوضاعهم الصحية ومصيرهم داخل سجن بدر".

 

وطالبت الأسر المجلس القومي لحقوق الإنسان، انطلاقاً من ولايته واختصاصه القانوني، بإجراء زيارة عاجلة إلى سجن بدر للوقوف على الأوضاع الصحية والإنسانية للمضربين عن الطعام، والتحقق من سلامتهم وظروف احتجازهم، ونشر تقرير علني وشفاف عن نتائج هذه الزيارة يحدد الحالة الصحية للمضربين، وإذا كانوا نُقلوا إلى المستشفى، وأي إجراءات علاجية قُدمت لهم. كما طالبت بالتنسيق مع إدارة السجن لتسهيل الزيارات العائلية للمعتقلين المضربين عن الطعام، ما يسمح لأسرهم بالاطمئنان عليهم بعدما انقطع التواصل بينهم فترات طويلة". وقالت: "استمرار حجب المعلومات عن أهالي المعتقلين يزيد معاناتهم وقلقهم الشديد على ذويهم، ويشكل انتهاكاً صارخاً لحق المعتقلين وأسرهم في المعرفة والتواصل".

 

وتشهد أوضاع السجناء السياسيين في سجن "بدر 3" تدهوراً مستمراً مع تصاعد أعداد المضربين عن الطعام احتجاجاً على ما يصفونه بأنه "انتهاكات ممنهجة". ودخل نحو 35 معتقلاً في إضراب مفتوح منذ يونيو/ حزيران الماضي للمطالبة بحقوق أساسية تشمل الزيارة والتريض وإدخال الطعام والأدوية، وسط حالة من العزلة التامة، بحسب ما أفادت أسر السجناء السياسيين وبعض المنظمات.

 

وذكرت منظمات حقوقية، في مقدمها لجنة العدالة ومركز الشهاب، أن "الإضراب شمل أكثر من 35 شخصاً، من بينهم 15 في حالة صحية حرجة. ومن بين المطالب أيضاً وقف العزل الانفرادي وتحسين الرعاية الطبية. وقد وردت تقارير عن ممارسة إدارة السجن ضغوطاً وعقوبات جماعية شملت نقل المستلزمات الطبية داخل الزنزانات لمنع نقل المضربين إلى المستشفى، وإغلاق مجاري الصرف، وقطع المياه، وسوء النظافة، وحرمانا من المصاحف". كما وثقت تقارير توجيه مسؤولين أمنيين تهديدات لمضربين، مثل أمين الصيرفي ومحمد البلتاجي وخيرت الشاطر.

 

ولم تنفّذ السلطات مطالب السجناء السياسيين، بل نفت بشدة وجود إضراب أو انتهاكات، ووصفت ما يُنشر بأنه "ادعاءات زائفة روجتها أبواق إعلامية لجماعة الإخوان"، في وقت دعت منظمات حقوقية دولية، مثل مركز الشرق الأوسط للديمقراطية وشركاء، إلى فتح تحقيق مستقل والسماح بزيارة الصليب الأحمر، وتحسين ظروف الاحتجاز. وشددت على ضرورة الإفراج عن المحتجزين احتياطياً فترات طويلة. وعموماً تشكل التقارير المستمرة صرخة تحذير من خطر وقوع كارثة إنسانية في سجن "بدر 3".