يرى علماء الدين ان السلمية تعني عدم الاعتداء، أو عدم استخدام المقاومة المسلحة في مواجهة السلطة، لكنها تعني في نفس الوقت استخدام الوسائل المتنوعة لإرهاق المعتدي وتقويض أركانه .
وقالوا ان إحراق سيارات تحمل الجنود الذين يعتدون على المتظاهرين وقتل بعضهم لا يخرج بحال عن السلمية، وإنما هو بمثابة دفاع عن النفس بما هو أقل ضررا من القتل،
واكد العلماء ان المسلم لا يجوز له أن يسلم نفسه للقتل دون الدفاع عن نفسه، موضحين ان ما يحدث هو من باب المقاومة للظلم والقتل وانتهاك الحرمات، ودفع الاعتداء على الأنفس والأموال والأعراض
وقالوا أن العنف الحقيقي هو ما فعله الانقلاب بقتل الآلاف وسجن الآلاف وإصابة الآلاف وتهديد الآلاف، والتحريض على العنف هو الدعوة للإبادة التي يقوم بها شيوخ العسكر والإعلاميون المجرمون.
من جانبه حذر د.-وصفي أبو زيد-المتخصص في علم مقاصد الشريعة- من خطورة الأفعال الفردية الإندفاعية والتي قد يبررها البعض بجواز الاعتداء علي الظالمين،
وقال لابد من قراءة دقيقة للواقع المصري قبل اتخاذ اى خطوات، لان القوة غير متكافئة، متساءلا أين الشعب الأعزل برجاله وشبابه ونسائه وأطفاله من قوات غاشمة مدججة بالسلاح والدبابات، من شرطة لا تخشى خالقا ولا ترحم مخلوقا، ومن بلطجية مستأجرين قُدِّر عددهم بـ (400000) بلطجي رباهم وزراء الداخلية جيلا بعد جيل، ووراء هذا كله جيش يعتبر ظهيرا وحاميا لكل هؤلاء، وهو أقوى قوة عسكرية في العالم العربي وربما الإسلامي
واضاف ابوزيد إن مآلات الاشتباك مع هذه القوة المسلحة والغاشمة هو الخسران والهزيمة القاطعة، فضلا عن مزيد من الدماء والقتل المضاعف. مطالبا بأن نلتزم بديننا وأخلاقنا، ولا نصد إلا من يريد بنا الشر، وهذا لا يتعارض مع السلمية بل هو ظهير على استمرارها وبقائها.
واوضح ان مبادرة الناس بالعنف أو حرق الأقسام منهي عنه شرعا، وفيه خطر على الثورة. مشيرا إلي أن السلمية هي أن نسالم من يسالمنا ونتصدى لمن يتصدى لنا، أما التجاوز فهو اعتداء، والله تعالى قال: "وَقَاتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُواْ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبِّ الْمُعْتَدِينَ".
وحذر ابوزيد من ان نترك أنفسنا فريسة للمجرمين، والقاتلين او ان نفتح لهم صدورنا دون مقاومة أو دفاع عن أنفسنا وإلا كانت هذه هزيمة وانتكاسة وليست سلمية.
ويري د. جمال عبد الستار-وكيل وزارة الأوقاف في الحكومة الشرعية، وعضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين-: أن السلمية تعني عدم الاعتداء، أو عدم استخدام المقاومة المسلحة في مواجهة السلطة، ولكنها تعني في نفس الوقت استخدام الوسائل المتنوعة لإرهاق المعتدي وتقويض أركانه، فهي درجات تبدأ بالاحتجاج بكل صوره وأشكاله، وتصل إلى الدفاع عن النفس، ومقاومة المعتدين.
وقال ان ما يحدث في بعض الأحيان من إحراق للسيارات التي تحمل الجنود الذين يقومون بالاعتداء على المتظاهرين وقتل بعضهم لا يخرج بحال عن السلمية، وإنما هو بمثابة الدفاع عن النفس بما هو أقل ضررا من القتل، مؤكدا ان المسلم لا يجوز له أن يسلم نفسه للقتل دون الدفاع عن نفسه،
واشار عبد الستار الى ان ما يحدث إنما هو من باب المقاومة للظلم والقتل وانتهاك الحرمات، ودفع الاعتداء على الأنفس والأموال والأعراض وغيره مما لا يرضي الله تعالى. موضحا إن مكانة الإنسان في الإسلام أعظم من سيارات الدنيا كلها بل وثروات العالم بأسره، وفي الحديث: "لزوال الدنيا بأسرها عند الله أهون من قتل رجل مسلم".
واضاف إذا حافظ الثوار على أنفسهم بحرق سيارة أو أكثر حقنا لدمائهم فلا حرج بحال بل ان بعض العلماء أوجب على المسلم أن يدفع عن نفسه ولو أدى الى قتل المعتدي.
وحول ما إذا كان هذا المشهد يخرج بالوضع عن حدوده السلمية يري-عبد الستار- أن الشباب عندهم من الوعي ما يكفي لحفاظهم على سلميتهم التي استمروا عليها أكثر من ستة أشهر رغم المحاولات المستمرة من الانقلابيين لجرهم لمربع العنف، ورغم فداحة المصاب، وعظم التضحية، ودناءة الانقلابيين،لم ينجر الثوار إلى المواجهة المسلحة، وحافظوا على سلميتهم التي أدركوا من أول لحظة أنها أقوى من الرصاص.
ويحذر من أن زيادة وتيرة جرائم الانقلاب قد يدفع البلاد إلي الهاوية، مؤكدا ان حماية البلاد من الانحدار تقع على عاتق المجموعة الانقلابية التي يجب أن تسارع بالتوقف عن بغيها وإعادة الشرعية للشعب الذي لم ولن يرضى بانقلابهم اللعين.
وقال أن العنف الحقيقي هو ما فعله الانقلاب بقتل الآلاف وسجن الآلاف وإصابة الآلاف وتهديد الآلاف، والتحريض على العنف هو الدعوة للإبادة التي يقوم بها شيوخ العسكر والإعلاميون المجرمون.
ويري د.هاني اسماعيل-الباحث في مركز بناء لإعداد العلماء- أن حرق مركبات الجيش أو الشرطة، أو محاصرة الأقسام، حالات محدودة وتنطلق من اجتهادات فردية من الجماهير في إطار الموقف واللحظة خاصة بعد تصعيد الانقلابيين وتعديهم على الحرائر، وتجاوزهم الخطوط الحمراء. موضحا ان ضبط ذلك يكون بعدم الاستدراج وان يظل فى اطار الدفاع عن النفس وحماية لها دون دعوة عامة للعنف.
ويؤكد صعوبة جر المجتمع إلي العنف والحرب الأهلية لأن الشرطة والجيش استخدموا كل الوسائل لجر المقاومة السلمية إلى دائرة العنف ولم يفلحوا، مشيرا الى انه ليس هناك أقصى من الإبادة الجماعية التي حدثت في مذابح فض اعتصام رابعة والنهضة، حيث مورس القتل بأبشع صوره و تم حرق المصابين أحياء و قتل النساء والأطفال والشيوخ والشباب العزل بدم بارد، ومع ذلك استطاعت المقاومة السلمية أن تتعامل مع الحدث من خلال ضبط النفس بأقصى درجاته ولم يستسلموا لمشاعر الغضب والانتقام، وبالتالي لم تنطلي عليهم محاولة إيقاعهم في فخ الحرب الأهلية التي تعصف بالعباد والبلاد،
واشار اسماعيل الى ان المقاومة لجأت الى التصعيد السلمي وحولت اعتصام رابعة والنهضة إلى جميع ميادين مصر في مختلف المحافظات والمدن. مؤكدا أن الوضع في حاجة إلى السلمية المبدعة، التي تتصدى لتصعيد قوات الانقلاب وتجاوزها للخطوط الحمراء.