تتوالى الأزمات الاقتصادية التي تعصف بمصر في عهد المنقلب السفيه عبد الفتاح السيسي، حيث تتعرض الشركات العاملة في قطاع حيوي مثل المستلزمات الطبية إلى خطر الانهيار، وسط تجاهل حكومي مُتعمّد، وهيمنة مطلقة للمؤسسة العسكرية على مفاصل الاقتصاد.
فقد تقدمت الشعبة العامة للمستلزمات الطبية بمذكرة عاجلة لحكومة السيسي، مطالبة بتنفيذ الاتفاق مع هيئة الشراء الموحد لسداد مديونيات متأخرة بلغت نحو 43 مليار جنيه.
هذه الديون، التي تراكمت نتيجة عجز الدولة عن الوفاء بالتزاماتها، دفعت أكثر من 11 مصنعًا من أصل 40 إلى التوقف عن العمل، ما يهدد بانهيار صناعة تعد من ركائز الأمن الصحي المصري.
أكثر من نصف المديونية مرتبطة بالمستلزمات المستخدمة في مستشفيات وزارة الصحة للعلاج المجاني، بجانب خدمات التأمين الصحي والمستشفيات الجامعية. لكن غياب السيولة وامتناع الهيئة عن صرف المستحقات منذ شهور جعل الشركات عاجزة عن سداد التزاماتها للبنوك، ما أدى إلى تفاقم الأزمة.
ورغم أن رئيس وزراء السيسي رفع مخصصات هيئة الشراء الموحد من 50 إلى 100 مليار جنيه، إلا أن الأموال لا تزال حبيسة الأدراج، بينما يتفاقم نقص المستلزمات الطبية والأدوية في السوق، تصريحات المسؤولين عن صرف 50% من المستحقات لم تجد طريقها للتنفيذ، لتظل الشركات غارقة في أزمة تهدد استمراريتها.
هذه الكارثة لا تنفصل عن سياق أوسع، إذ أن هيمنة الجيش على الاقتصاد حولت الدولة إلى تاجر متحكم، يزاحم القطاع الخاص ويتركه يواجه الانهيار، فبدلًا من تشجيع الاستثمار ودعم الصناعة الوطنية، يتم توجيه الموارد لمشروعات الجيش العقيمة من طرق وكباري وعقارات، بينما القطاعات الحيوية كالصحة والتعليم تنهار تحت وطأة الديون والإهمال.
خبراء اقتصاديون يرون أن ما يحدث ليس مجرد أزمة سيولة، بل انعكاس مباشر لسياسات فاشلة جعلت الشركات المحلية تعمل في بيئة طاردة، محرومة من مستحقاتها، وتحت تهديد دائم بالإفلاس، والنتيجة: مصر تعتمد أكثر على الاستيراد، وتدفع أثمانًا باهظة في ظل عجز عملة وارتفاع ديون غير مسبوقة.
وبينما تستمر حكومة السيسي في الترويج لإنجازات وهمية، يظل الواقع كاشفًا: مصانع تغلق، مستشفيات تعاني نقصًا في المستلزمات، واقتصاد يترنح تحت قبضة العسكر.