تصاعدت الانتقادات الدولية لحكومة الانقلاب، بسبب انتهاكاتها لحقوق الإنسان، واستمرارها في تنفيذ أحكام إعدام خاصة ضد عدد من المعتقلين السياسيين .
ورغم مزاعم حكومة الانقلاب بأنها قلصت من أحكام الإعدام، إلا أن الأرقام ترصد تزايدا في هذه الأحكام المرفوضة دوليا ومحليا .
كانت حكومة قد دافعت خلال جلسة اعتماد التقرير النهائي للمراجعة الدورية الشاملة بمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، عن موقفها من تطبيق عقوبة الإعدام، زاعمة أنها تُنفذ فقط الإعدام في الجرائم الأشد خطورة.
لكن هذا التبرير قوبل بانتقادات حادة من منظمات حقوق الإنسان، وفي مقدمتها المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، التي اعتبرت أن العدد الضخم من التوصيات الدولية بشأن الإعدام يعكس قلقًا متزايدًا من التوسع الهائل في إصدار هذه الأحكام خلال السنوات الأخيرة.
البروتوكول الاختياري
وشهدت جلسة المراجعة الدورية الشاملة توجيه ما لا يقل عن 29 توصية دولية إلى نظام الانقلاب، تطالب بتقليص عدد الجرائم التي يعاقب عليها بالإعدام، وتعليق تنفيذ هذه العقوبة تمهيدًا لإلغائها والانضمام إلى البروتوكول الاختياري الثاني الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.
وكشفت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية أن بعض هذه التوصيات جاءت من دول أفريقية مثل موزمبيق وسيراليون، ما يُسقط الحجة “الثقافية” التي تستخدمها حكومة الانقلاب لتبرير استمرار العمل بالعقوبة، مشيرة إلى أن توصيات مماثلة صدرت من دول من مختلف القارات.
اتجاه تصاعدي
في هذا السياق أكدت الجبهة المصرية لحقوق الإنسان، استمرار السلطات القضائية والتنفيذية في حكومة الانقلاب في إصدار وتنفيذ أحكام الإعدام رغم تصاعد الدعوات المحلية والدولية لوقف استخدامها، مشيرة إلى أنها رصدت ارتفاعا في عدد أحكام الإعدام التي نُفذت .
وأشارت الجبهة إلى أن الأرقام التالية تظهر مقارنة بين عامي 2023 و2024، في أحكام الإعدام الصادرة عن محاكم الجنايات، مؤكدة أنها رصدت في تقرير لها صدور 380 حكمًا على الأقل في عام 2024، مقابل 348 حكمًا في عام 2023، كما رصدت تنفيذ الإعدام بحق 13 شخصًا على الأقل في عام 2024، مقارنة بـ 8 حالات إعدام في عام 2023، فضلًا عن رصدها الأحكام النهائية المؤيدة من محكمة النقض، إذ تم تأييد 35 حكمًا في عام 2024، مقابل 27 حكمًا في عام 2023.
وشدد التقرير الحقوقي الصادرة عن الجبهة أن هذه الأرقام تشير إلى اتجاه تصاعدي في استخدام العقوبة، رغم وضوح الرسائل الحقوقية الدولية بضرورة تقليصها تمهيدًا لإلغائها.
مُحاكمة عادلة
وأشار إلى أن عقوبة الإعدام في زمن الانقلاب لا تقتصر على الجرائم الأشد خطورة كما تدّعي حكومة الانقلاب، بل تُطبق على طيف واسع من الجرائم، بما يُخالف التوجهات الدولية التي تدعو إلى حصرها في أخطر الجرائم فقط.
ولفت التقرير إلى أن العديد من المتهمين في قضايا يُحتمل أن تصدر فيها أحكاما بالإعدام تعرضوا لانتهاكات لحقهم في المحاكمة العادلة، وهو ما يُعد خرقًا واضحًا للضمانات الأساسية التي نصّت عليها المعاهدات والمواثيق الدولية، خاصة في القضايا التي تمس الحق في الحياة.
حقوق المعتقلين
وقالت سمر الحسيني، المديرة التنفيذية لـ المنبر المصري لحقوق الإنسان: إن "ادّعاء حكومة الانقلاب بأنها لا تُطبق الإعدام إلا في “أشد الجرائم خطورة” لا يعكس الواقع".
وأكدت سمر الحسني في تصريحات صحفية أن مصر في زمن الانقلاب لا تزال من بين أكثر دول العالم إصدارًا وتنفيذًا لأحكام الإعدام، بما في ذلك في قضايا ذات طابع سياسي، وغالبًا ما تصدر هذه الأحكام بشكل جماعي، ما يُثير شكوكًا واسعة بشأن عدالة المحاكمات وضمانات الدفاع، خاصة في ظل القيود المفروضة على حقوق المتهمين والمعتقلين السياسيين .
وأشارت إلى أن دولة العسكر التي كانت في السابق تُلمّح أحيانًا إلى نية مراجعة العقوبة أو التقييد من استخدامها، شهدت تحولًا خطيرًا في خطابها الرسمي هذا العام، نحو تبنٍّ صريح وغير مشروط لتطبيق عقوبة الإعدام، دون أي نية للمراجعة أو التقييد.