من الميدان إلى المنافي.. حين تتحول المذبحة إلى جرح لاجئ في فيلم هولندي

- ‎فيأخبار

 

في الذكرى الدامية لفض اعتصامي رابعة العدوية والنهضة، حيث ارتكبت واحدة من أبشع المذابح في تاريخ مصر الحديث، اختار لاجئون ونشطاء مصريون في هولندا أن يخلدوا الذاكرة بطريقة مختلفة؛ عبر عمل درامي جديد يحكي كيف امتدت المأساة من ساحات القاهرة إلى مخيمات اللجوء الأوروبية.

 

الفيلم، الذي ينهل أكثر من 80% من أحداثه من وقائع حقيقية، لا يكتفي باستعادة مشهد الدم والنار في رابعة، بل يتتبع خطوات الناجين الذين أفلتوا من الرصاص والاعتقال ليجدوا أنفسهم في مواجهة جراح جديدة: الغربة، والبيروقراطية القاسية، والخوف من الترحيل.

 

من الميدان إلى المنافي

 

يحكي العمل قصة شباب نجوا بأجسادهم من مذبحة رابعة، لكن أرواحهم ظلت محاصرة داخلها. ومع انتقالهم إلى أوروبا، ظنوا أنهم تركوا الكابوس خلفهم، فإذا بهم يواجهون كوابيس أخرى: جلسات استجواب لا تنتهي، وانتظار قاتل لقرارات لجوء قد تستغرق سنوات، وضغوط نفسية دفعت بعضهم للتفكير في الانتحار، كما يصور الفيلم في مشهده الختامي.

 

مأساة إنسانية تتجاوز السياسة

ورغم أن جذور الفيلم متصلة بحدث سياسي ضخم، إلا أن صانعيه – معظمهم من لاجئين – أرادوا أن يروه كقصة إنسانية خالصة، ترسم ملامح المعاناة اليومية: الحنين للوطن، الشعور بالتيه، والخوف الدائم من أن تتحول حياة اللاجئ إلى ورقة بيروقراطية.

المخرج والمؤلف تومي شريف أوضح أن الهدف كان “معالجة الجرح المستمر منذ رابعة”، مؤكداً أن الضغوط النفسية التي يتعرض لها اللاجئون لا تقل قسوة عن جحيم السجون في مصر. فيما شدد عضو الفريق صلاح عامر على أن الرسالة الأساسية للفيلم هي كشف ما تعرض له الشباب منذ 2011 وحتى اليوم: من القمع والاعتقال إلى معاناة المنفى والتهديد الدائم بالترحيل.

 

جمهور يتنفس الذاكرة

 

لم يكن الفيلم مجرد عرض سينمائي، بل جلسة استعادة مؤلمة لذكريات مشتركة. كثير من الحضور أكدوا أن ما رأوه على الشاشة هو بالضبط ما عاشوه في طلبات اللجوء وتعامل السلطات الأوروبية معهم، حتى محاولات الانتحار التي جسدها الفيلم لم تكن بعيدة عن تجارب واقعية في صفوف اللاجئين.

 

رابعة.. الجرح المستمر

 

بهذا الفيلم، يثبت صانعوه أن مذبحة رابعة لم تنتهِ عند لحظة الفض، بل ما زالت تنزف في وجدان المصريين في المنافي. إنها مأساة لم يطوها الزمن، بل تتجدد في كل جلسة لجوء، وكل قرار ترحيل، وكل ليلة غربة.