إلى الآن لم يصدر عن مجلس الأمن الدولي؛ قرارات ملزمة صارمة بخصوص السد الأثيوبي الكبير، لكنه يحث الأطراف على العودة للتفاوض برعاية الاتحاد الإفريقي لمنع تصاعد التوتر، اللافت في قرار المجلس أنه انسجم مع دعوة تبنتها إثيوبيا في مارس 2023 عندما أعلنت الخارجية الإثيوبية في بيان لها: "نهر النيل نهر إفريقي يجب حل المشاكل بشأنه إفريقيا، ووقف تمرير ملف سد النهضة إلى مجلس الأمن أو الجامعة العربية".
ولجأت مصر إلى مجلس الأمن في مسارات متكررة منذ 2020 عبر خطابات رسمية وجلسات نوقشت عام 2021 واستمر التصعيد الدبلوماسي حتى 2024، لتسليط الضوء على خطورة بناء وتشغيل سد النهضة دون اتفاق يحفظ حقوق مصر والسودان، وبالتالي تحريك الضمير الدولي لموازنة مواقف الأطراف في الأزمة.
وجهت مصر خطابا رسميا إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بعد أن افتتحت إثيوبيا سد النهضة الإثيوبي رسميا، قائلة: إن "السد يظل إجراء أحاديا مخالفا للقانون والأعراف الدولية"، حسبما قالت وزارة الخارجية بحكومة السيسي في بيان لها الثلاثاء.
وأكدت مصر أيضا أنها "تحتفظ بحقها في اتخاذ جميع التدابير المكفولة بموجب القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة للدفاع عن المصالح الوجودية لشعبها".
وقالت إنها "لن تسمح للمساعي الإثيوبية للهيمنة على إدارة الموارد المائية بصورة أحادية".
وافتتحت إثيوبيا سد النهضة رسميا أمس بعد إنشاءات ومفاوضات مع دولتي المصب، مصر والسودان، استغرقت أكثر من عقد من الزمن دون أن تفضي إلى اتفاق بشأن السد.
وقال الخبير الاقتصادي د.محمود وهبة: إن "وزاره الخارجية نسيت أنها لجأت لمجلس الأمن مرتين ورفض الطلب، لأن إثيوبيا قدمت ورقة على توقيع السيسي يسمح ببناء السد ".
وأضاف أن السيسي وقّع على بند يقول "الخلافات تحل بين الأطراف الثلاثة، فقط ولا تسمح باللجوء إلى طرق أخرى، وبالتالي لا محاكم أو تحكيم أو مجلس الأمن أو الاتحاد الأفريقي".
وعبر @MahmoudNYC أشار للسيسي "عايز تحل المشكلة بدون خداع انسحب من اتفاقيه الخرطوم لعام 2015، هذا سد السيسي وليس سد إثيوبيا، هذا طلب لخداع الشعب فقط، مصر تشتكي لمجلس الأمن بعد تشغيل إثيوبيا سد النهضة ".
https://x.com/MahmoudNYC/status/1965539011415707923
وقال حساب د. توفيق @Drtawfeek2 "وماذا سيفعل مجلس الأمن الصهيو أمريكي لمصر؟ مش فاهم دي مؤامرة كبرى ضد مصر والمصريين من أمريكا الصهيونية طبعا صحيفة المصري اليوم، مصر توجه خطابًا إلى مجلس الأمن بعد افتتاح إثيوبيا سد النهضة ".
https://x.com/Drtawfeek2/status/1965482112020349422
وأشارت غادة أحمد @GhadaAh72962514 إلى أن "إسرائيل" ضربت قطر وانتهكت سيادته ومجلس الأمن لم يفعل شيئا، ومصر مازالت تستجدي مجلس الأمن لا يوجد مجلس أمن أو منظمات دولية يوجد سياسة فرض الأمر الواقع، مصر إذا لم تضرب سد النهضة عليه ألا تصدر أي بيانات أوتصريحات استفزازية تخص السد".
https://x.com/GhadaAh72962514/status/1965419638743072905
وكان في يد السيسي اتفاقية مودعة بالأمم المتحدة عام 1993 بين #مصر و #إثيوبيا تمنع بناء السدود لكنه أبطلها حين وقع على وثيقة الخرطوم عام 2015 التي أقر فيها بحق إثيوبيا في بناء السد.
وقال مراقبون: إن "السد مُسيّج بمضادات صواريخ إسرائيلية لحمايته، ليكشف من الذي باع ومن الذي تنازل ومن الذي فرط؟
وعبر هيثم أبو خليل @haythamabokhal1 عن أن القضية محسومة قائلا: "إسرائيل" ما زالت عضوًا في مجلس الأمن، الذي وجهت له الخارجية المصرية اليوم خطابًا بشأن انتهاكات سد النهضة لحقوقها المائية، متخيل كم العبث الذي نحياه؟ لمن ينتظر أي ردة فعل عن أي انتهاك؟.
https://x.com/haythamabokhal1/status/1965428033957101645
محطات لجوء مصر إلى مجلس الأمن بخصوص سد النهضة:
1. بداية اللجوء الرسمي في 2020:
أرسلت مصر خطاباً رسمياً إلى مجلس الأمن في مايو 2020 تطلب التدخل العاجل بسبب تصاعد إثيوبيا في ملء السد بشكل أحادي، وهو ما مثل نقطة دخول حاسمة للمجلس في الأزمة.
نص الخطاب يؤكد على فشل المفاوضات لمدة تقارب العقد بسبب تعنت إثيوبيا ومحاولاتها فرض أمر واقع دون اتفاق يشمل مصر والسودان.
هذا الخطاب مثّل بداية تصعيد دبلوماسي واضح على المستوى الدولي حول تهديد السد لمصر والسودان.
2. جلسة مجلس الأمن في يوليو 2021:
عقد مجلس الأمن جلسة مهمة بتاريخ 8 يوليو 2021 لمناقشة أزمة سد النهضة بناء على مشروع قرار تقدمت به تونس بدعم من مصر والسودان.
تم التأكيد على ضرورة حل الأزمة عبر الدبلوماسية، مع تأييد بعض أعضاء المجلس للوساطة الإفريقية، لكن لم يتم اتخاذ قرارات ملزمة ضد إثيوبيا.
وأكد وزير الخارجية بحكومة السيسي سامح شكري في كلمته أن إثيوبيا تقوض الجهود التفاوضية وأن مصر مستعدة للدفاع عن حقها الأصيل في الحياة.
هذه الجلسة كانت نقطة هامة لكنها انتهت بخيبة أمل لمصر والسودان بسبب عدم صدور قرار ملزم ضد الجانب الإثيوبي.
3. مراسلات وتصعيد مستمر خلال 2024:
في سبتمبر 2024، قام وزير الخارجية بحكومة السيسي؛ بدر عبد العاطي بتوجيه خطاب رسمي آخر إلى مجلس الأمن استنكر فيه السياسات الأحادية لإثيوبيا التي تنتهك الاتفاقيات والقانون الدولي، والتصريحات الإثيوبية التي تؤكد استمرار ملء السد دون اتفاق.
الخطاب نوّه إلى أن مصر مستمرة في متابعة الموقف ومستعدة لاتخاذ كل التدابير القانونية والسياسية والدفاعية لحماية حقوقها.
ويفترض أن هذه الخطابات تأتي ضمن جهود مصر للحفاظ على صوتها في المجتمع الدولي والدعوة إلى التفاوض الملزم تحت إشراف مجلس الأمن أو الاتحاد الأفريقي.
وكررت مصر خلال جميع اللجوء إلى مجلس الأمن ضرورة احترام اتفاق إعلان المبادئ لعام 2015 ودعت إلى اتفاق ملزم حول ملء وتشغيل السد للحفاظ على الأمن المائي للدول الثلاث مصر والسودان وإثيوبيا.
وأظهرت المفاوضات قبل وما بعد اللجوء لمجلس الأمن أن الجانب الإثيوبي لم يظهر إرادة سياسية واضحة لحل الأزمة بشكل مرضي، مما دفع مصر إلى تصعيد الموقف.
وفي 10 سبتمبر ضمن خطابها الموجه إلى مجلس الأمن الدولي ردا على خطاب مصر أعلنت إثيوبيا إيداع اتفاقية عنتيبي لدى الاتحاد الأفريقي، وتعتبرها الحاكمة لعلاقات دول حوض النيل، ودعت مصر للعودة والتوقيع عليها.
وأعلنت رفضها التهديد المصري المكرر رغم مسؤوليتها وإعاقتها التوصل لاتفاق حول سد النهضة.
السد خطة أمريكية صهيونية
وكان مكتب الولايات المتحدة لاستصلاح الأراضي أجرى مسحاً شاملاً على نهر النيل الأزرق في أواخر خمسينيات وستينيات القرن الماضي بهدف إعداد مخطط لسدود كبرى، منها سد النهضة، لكن هذا لم يكن تمويلاً مباشراً لبناء السد.
ففي عام 1958، وبعد إعلان مصر عن مشروع السد العالي، أرسلت الولايات المتحدة الأمريكية بعثة عبر مكتب استصلاح الأراضي لديها إلى إثيوبيا، وأمضت هذه البعثة ست سنوات في إجراء تقييمات ومسوحات على مجرى نهر النيل الأزرق.
هذه الدراسات أفضت إلى مخطط عام لسدود متعددة على النيل الأزرق من بينها سد النهضة، وتم نشر هذه التفاصيل عام 1964.
وضم المخطط؛ أربعة سدود رئيسية بكميات تخزين وقدرات كهرومائية متوقعة، وشهد تحديثات وتحسينات طوال الثمانينيات والتسعينيات لتعزيز السعة والكفاءة.
رغم أهمية تلك الدراسات، لم تكن الولايات المتحدة تمول بناء سد النهضة بشكل مباشر؛ فالمشروع بدأ فعلياً تنفيذه عام 2011 بتمويل محلي وإقليمي ودولي متنوع.
تصريحات عدة لمسؤولين أمريكيين وإثيوبيين أكدت أن الدعم الأمريكي تركز على الدراسات الفنية والمساعدات التنموية العامة، وليس تمويل بناء السد بحد ذاته.
ويفهم أن الدور الأمريكي التاريخي كجزء من الاستراتيجية الإقليمية التي تضمنت التخطيط وتقسيم المياه وتقييم الإمكانيات، خاصة في ظل التوترات في حوض النيل بين دول المنبع (إثيوبيا) ومصر الدولة المصب.
كما أنتجت تلك الدراسات رؤية شاملة لمشاريع سدود محتملة لم تُنفذ كلها، لكنها ساهمت في تشكيل خريطة عمل إثيوبيا لتطوير مواردها المائية.
وللولايات المتحدة دور تاريخي في المسح والتخطيط على نهر النيل الأزرق وتفصل بين ذلك وبين التمويل المباشر للبناء، حيث يرى الخبراء أن القضية معقدة وتتمتع بإبعاد متعددة تتعلق بالسياسة الإقليمية والدولية لا سيما في ضوء أسباب الصراع الحالي المرتبط بسد النهضة إلى جاء أن جاء اعتراف ترامب بتمويل أمريكا للسد.