يضع أكثر من 70 مليون مصرى يعيشون تحت خط الفقر وفق بيانات البنك الدولى أيديهم على قلوبهم خوفا من خضوع حكومة الانقلاب لإملاءات صندوق النقد الدولى والتى من بينها الغاء الدعم أو تقليصه ..هؤلاء الغلابة يعيشون يوميا على رغيف العيش وقد لا يجدون شيئا معه فى ظل أزمة الغلاء التى تحولت إلى عبء يلتهم جيوب المصريين دون رحمة .
ومع كل ارتفاع جديد فى أسعار السلع الأساسية، يزداد العبء على الأسر التى لم تعد دخولها تكفى لتغطية الاحتياجات… وسط هذه الدوامة يعتمد هؤلاء على بطاقات التموين التى تخطط حكومة الانقلاب لحرمانهم منها.
اللحوم والفراخ
فى هذا السياق قال محمود، بقال تموينى منذ أكثر من 15 عاماً،: البطاقة مهمة جداً للناس، كل يوم بيسألوا عن الزيت والسكر ، الكميات ساعات بتكون قليلة والناس بتزعل وأنا اللى بتحط فى وش المدفع لكن بقدر أنهم معذروين، .
وأضاف : الحياة غالية والتموين هو أملهم، وكفاية إنهم محرومين من اللحوم والفراخ بسبب أسعارهم، ومعظمهم نفسه يضاف لبن للأطفال .
هنبات جعانين
وقالت سعاد أرملة لديها ثلاثة أبناء: من غير البطاقة مش هعرف أعيش هى اللى بتجيبلى الزيت والسكر والرز اللى بيمشوا البيت، صحيح الكمية قليلة بس أحسن من مفيش
واضافت : أكتر حاجة غالية عليا النهاردة العيش برة التموين والفراخ لو اتلغت البطاقة أنا وأولادى هنبات جعانين نفسى يزودوا بروتين ويحسوا بالناس اللى بتصرخ من الغلا إحنا مش طالبين رفاهية، بس عايزين عيالنا تاكل وتعيش زى غيرها.
خراب بيوت
وقال أحمد موظف وأب لطفلين: البطاقة بتوفر لى سكر وزيت ورز ومكرونة ولو مش موجودة مش هعرف أكمل الشهر.
وتابع : الحصة قليلة على أسرتى، وبضطر أشترى من السوق بأسعار نار،محذرا : لو اتلغت بطاقتى ده هيكون خراب بيوت، ونفسى يزودوا اللبن للأطفال أو شوية بروتين.
وقال بلال موظف متزوج ولديه طفل : نفسى أعمل بطاقة مستقلة باسمى، بس خايف اتشال من بطاقة أهلى ويتحذف اسمى خالص عشان كده مضطر أستنى على بطاقة أهلى، وزوجتى على بطاقة أهلها وبنكمل الشهر كده بدون اى شئ .
فاتورة موبايل
وقالت عزة، ربة منزل وأم لثلاثة أبناء : اتفاجئت لما لقيتهم حذفوا اسم بنتى من البطاقة قالوا بسبب فاتورة موبايل وهى أصلاً خطها مش فاتورة حاولت أرجع اسمها كذا مرة.. لكن مفيش فايدة.
وأضاف خالد، سائق تاكسى وأب لأربعة أبناء: أنا بصرف التموين أول ما الشهر يبدأ السكر والزيت والأرز بيخلصوا فى أسبوع والباقى من الشهر بنعيش على الديون .
وتابع : الاسعار نار لو شالوا البطاقة أنا حرفياً مش هعرف أعيش، نفسى يبقى فى تنوع أكتر فى السلع مش بس الأساسيات عشان العيال تاكل أكل محترم زى غيرهم، العيال بتشوف أصحابهم بياكلوا حاجات مختلفة وأنا مش قادر أوفر لهم إلا الضروريات
وقال : أنا دخلى مش ثابت ويومى كله على الطريق والمكسب ما بقاش يغطى البنزين ولا مصاريف المدارس، بحس إنى بدور فى نفس الدائرة من الديون والهم والبطاقة هى الحاجة الوحيدة اللى مخلية البيت واقف على رجليه.
محروم من الدعم
وكشف رضا الشاذلى أن بطاقته التموينية تم وقفها منذ حوالى خمس سنين، بحجة أن عندى فاتورة كهرباء مرتفعة، ومن ساعتها وأنا «دايخ» بين مكتب التموين والوزارة، وقدمت تظلمات وفى كل مرة أقدم ما يثبت أن استهلاكى طبيعى جداً وأجيب فواتير بتوضح أن عداد البيت مش بيسجل أرقام عالية، لكن مفيش فايدة .
وشار الشاذلي إلى أنه فوجئ بوقف بطاقة ابنه المتزوج التموينية لنفس السبب، لتصبح الأسرة كلها محرومة من الدعم، فى وقت صعب بسبب غلاء الأسعار وارتفاع تكلفة المعيشة.
ووصف حالته قائلا البطاقة دى كانت سند لبيتى. السكر والزيت والرز اللى كنا بناخدهم منها كانوا بيكملوا معانا نص الشهر على الأقل. دلوقتى بشترى كل حاجة من السوق الحر، والأسعار نار. مش عارف أتعامل إزاى، خصوصاً وأنا عارف إنى مظلوم، عشان عندى ورق رسمى يثبت أن استهلاكى للكهربا مش عالى.
القوة الشرائية
أكد الخبير الاقتصادى، الدكتور على الإدريسى، أن قيمة الدعم الحالية لم تعد كافية لمواجهة معدلات التضخم التى تعصف بالاقتصاد المصرى. موضحاً أن المسألة لا تتعلق فقط بحجم المبالغ المقررة على بطاقات التموين، وإنما بقدرتها الشرائية الفعلية فى ظل ارتفاع الأسعار.
وقال الإدريسى فى تصريحات صحفية : المبالغ الاسمية قد تبدو مقبولة على الورق، لكن قيمتها الحقيقية تتآكل سريعاً مع كل موجة تضخم ما لم يتم ربطها بآلية تعديل دورية أو مؤشر للأسعار.
وأشار إلى أن موجة التضخم الأخيرة انعكست بشكل مباشر على منظومة التموين فى أكثر من اتجاه. فمن ناحية، زادت الضغوط على موازنة الدعم الحكومية مع ارتفاع أسعار السلع الأساسية عالمياً ومحلياً، وهو ما خلق جدلاً حول جدوى الإبقاء على النظام الحالى دون تعديل. ومن ناحية ثانية، تراجعت القوة الشرائية للمبالغ المخصصة لكل فرد، ما أجبر الكثير من الأسر على تقليل استهلاكها أو البحث عن بدائل أقل جودة. كما أثر اضطراب الأسعار على سلاسل الإمداد وتوزيع السلع، فشهدت بعض المحافظات فترات من النقص أو تراجع جودة المعروض، وهو ما يستدعى تدخلات حكومية لضبط الأسواق.
وحول الجدل القائم بين الدعم النقدى والعينى، أوضح الإدريسى أنه لا يوجد حل واحد يصلح لكل الفئات. فالدعم النقدى يمنح مرونة للمستفيد ويحفظ كرامته، خاصة إذا تم ربطه بمؤشر للتضخم يضمن الحفاظ على القوة الشرائية، بينما يضمن الدعم العينى توافر السلع الأساسية بأسعار منخفضة، وهو أمر حيوى للفئات الأشد فقراً. لافتا إلى أن الأفضل فى هذه المرحلة هو سياسة هجينة، تبقى على السلع الأساسية مثل الخبز والزيت والسكر بشكل عينى، وفى الوقت نفسه توسع من الدعم النقدى للفئات القادرة على التعامل مع السوق الحر، مع تحديث قواعد البيانات لضمان وصول الدعم لمستحقيه .
قاعدة بيانات موحدة
وطرح مجموعة من المقترحات لضمان فاعلية الدعم: أولها إنشاء قاعدة بيانات موحدة تدمج بين بطاقات التموين والضرائب والتأمينات لتحديث قوائم المستفيدين باستمرار، وثانيها اعتماد نظام هجين يميز بين الفقراء جداً الذين يحتاجون دعماً عينياً، وبين الفئات الفقيرة والمتوسطة التى يمكن دعمها نقدياً بمبالغ مرنة. كما دعا إلى ربط التحويلات بمؤشر تضخم غذائى لتعديل المبالغ تلقائياً مع تغير الأسعار، وتوسيع البنية التحتية للدفع الرقمى لتقليل التسريبات.
وشدد الإدريسى على أهمية مكافحة الفساد فى المنظومة عبر آليات تحقق دقيقة، ودعم الإنتاج المحلى للسلع الأساسية لتقليل الاعتماد على الواردات مؤكدا أن الشفافية والتواصل مع المواطنين ضروريان لاستعادة الثقة، واقترح نشر تقارير نصف سنوية حول كفاءة الدعم وأثره على معدلات الفقر مشددا على أن التموين يظل صمام أمان اجتماعى، لكن استمراره فى صورته الحالية دون تطوير يعرضه لمخاطر سياسية ومالية كبيرة. الحل فى المرونة والتقييم المستمر وربط الدعم بالواقع الاقتصادى الفعلى .