في خطوة تكشف حجم الارتهان للصهاينة، شرع نظام المنقلب السفيه عبد الفتاح السيسي في تأسيس خط أنابيب "نيتسانا" لزيادة واردات الغاز من إسرائيل، بما يضمن استمرار التبعية حتى عام 2040، وذلك رغم تصريحات منسوبة إلى رئيس وزراء الاحتلال، بنيامين نتنياهو، عن تجميد الاتفاقية الضخمة مع مصر بقيمة 35 مليار دولار، وهو ما يؤكد أن السيسي أكثر ولاءً لإسرائيل من نتنياهو نفسه.
انطلقت بالفعل أعمال إنشاء خط "نيتسانا"، الذي يربط شبكة الغاز الجنوبية للاحتلال بالشبكة المصرية شرق سيناء، بتمويل قدره 610 ملايين دولار، وفق اتفاقية وقعتها شركة شيفرون الأميركية مع شركائها في حقل "ليفياثان" (نيوميد إنرجي وريشيو إنرجيز).
ومن المقرر أن يرفع الخط الجديد – الممتد بطول 65 كيلومتراً وبسعة 600 مليون قدم مكعبة يومياً – صادرات إسرائيل إلى مصر لتصل إلى 2.2 مليار قدم مكعبة يومياً بحلول عام 2028.
هذا التطور يأتي بعد خلافات سابقة بين شركاء شيفرون وهيئة الغاز الإسرائيلية كادت أن تحد من صادرات الاحتلال إلى مصر، ما كان سيضطر النظام للعودة إلى شحنات الغاز المسال باهظة التكلفة، في ظل تراجع الإنتاج المحلي وارتفاع الطلب الداخلي.
ورغم ما نقلته وسائل إعلام عبرية، ومنها "يسرائيل هيوم"، عن تعليمات نتنياهو بعدم المضي في الاتفاق دون موافقته الشخصية، إلا أن الواقع يؤكد أن السيسي هو من يتبنى المشروع ويدفع به، حتى لو كان على حساب السيادة الوطنية أو الاقتصاد المصري.
اتفاقيات تبعية طويلة الأمد
في أغسطس الماضي، وقع النظام المصري اتفاقية جديدة مع التحالف الأميركي-الإسرائيلي لتوريد 130 مليار متر مكعب من الغاز حتى 2040، بقيمة 35 مليار دولار، تبدأ بزيادة التدفقات من 4.5 مليارات متر مكعب عام 2025 إلى 6.5 مليارات في 2026.
المفارقة أن مصر تشتري الغاز الإسرائيلي بأقل من 6 دولارات لكل مليون وحدة حرارية بريطانية، نصف تكلفة الغاز المسال المستورد، ما يقدمه النظام كـ"إنجاز اقتصادي"، بينما تشير تقارير إسرائيلية إلى أن الشركاء في حقول "ليفياثان" و"تمار" يسعون لرفع الأسعار على شركة "بلو أوشن إنرجي" المصرية.
تناقضات فاضحة
الذريعة التي ساقتها إسرائيل لتجميد الاتفاق، هي نشر مصر قوات عسكرية إضافية في سيناء، واعتباره خرقاً لاتفاقية كامب ديفيد. لكن الاحتلال نفسه سبق أن انتهك الاتفاقية في مايو 2024 باجتياحه "محور فيلادلفيا" جنوب غزة.
ومع ذلك، يواصل السيسي التمسك بمشروعات التطبيع الاقتصادي مع تل أبيب، غير عابئ بما يجره ذلك من تبعية سياسية واقتصادية.
بهذا، يتضح أن مشروع "نيتسانا" ليس مجرد خط أنابيب، بل تجسيد لتحالف استراتيجي عميق يرسخه السيسي مع الاحتلال، على حساب أمن مصر وحقوق شعبها، في مشهد يؤكد أن من يحكم القاهرة اليوم أكثر صهيونية من قادة تل أبيب أنفسهم.