يواصل نظام المنقلب عبد الفتاح السيسي سياسة الكذب والتدليس لتجميل مشهد الانهيار الاقتصادي، إذ إن ما يُسمى تراجع الجنيه أمام الدولار ليس نتاجًا طبيعيًا لحركة السوق، بل نتيجة إجراءات قمعية تستهدف محاربة السوق الموازية، ومصادرة العملات الصعبة من المواطنين، وإجبارهم على استبدال مدخراتهم بالدولار والعملات الأجنبية بالجنيه المصري المنهار.
ورغم ضجيج صفقة "مراسي" وما أُعلن عن ملياراتها، فإن النتيجة جاءت كارثية، فعادت "ريمة لعادتها القديمة"؛ إذ قفز الدولار الجمركي إلى أكثر من 50 جنيهًا لأول مرة، في دلالة صريحة على نية النظام تنفيذ خفض رسمي جديد للجنيه، ما يعني استمرار تآكل دخول المصريين وانفجار موجات غلاء أوسع، وزيادة حالات الانتحار وجرائم قتل الأزواج والزوجات بسبب الضغوط المعيشية الخانقة.
المفارقة أن الذهب المحلي سجل مستويات قياسية جديدة، متجاوزًا 5 آلاف جنيه لعيار 21، و40 ألفًا للجنيه الذهب، بفعل الارتفاع المتزامن لسعر الدولار محليًا وزيادة الإقبال الشعبي على المعدن النفيس كملاذ آمن وسط فقدان الثقة الكاملة في العملة المحلية. ورغم أن العلاقة عالميًا بين الذهب والدولار غالبًا ما تكون عكسية، إلا أن مصر الانقلاب تعيش علاقة طردية غريبة، حيث كل صعود للدولار يعني مباشرة قفزة في أسعار الذهب.
الخبراء الاقتصاديون أكدوا أن خطوة تثبيت الدولار الجمركي فوق 50 جنيهًا ليست إلا إقرارًا رسميًا بواقع السوق السوداء، وأن انعكاسها المباشر سيكون ارتفاع أسعار كل السلع المستوردة من الغذاء إلى السيارات، ما يضاعف الكارثة على المستهلك.
وهكذا، يظهر بجلاء أن نظام السيسي لا يسعى إلا لخراب اقتصادي واجتماعي شامل، مقابل تضخم مليارات عصابات الجيش والشرطة والقضاء، وتضليل إعلامي فج يُشارك فيه أبواق مثل أحمد موسى ونشأت الديهي ومصطفى بكري. فهل هذه هي مصر التي بشّر بها السيسي يوم قال عبارته الشهيرة بعد الانقلاب: "بكره تشوفوا مصر"! إنها مصر الانتحار، وبيع الأصول، والخراب الممنهج.