مع بداية العام الدراسى الجديد.. ارتفاع الأسعار وزيادة المصروفات الدراسية أزمة كل بيت فى مصر

- ‎فيتقارير

 

 

مع بداية العام الدراسى الجديد يواجه المصريون مأساة كبيرة بسبب ارتفاع الأسعار وزيادة المصروفات الدراسية ومتطلبات المدارس التى لا تتوقف من دروس خصوصية إلى كتب خارجية ومستلزمات مدرسية وأنشطة ورحلات

هذه المتطلبات التى ارتفعت أسعارها بصورة جنونية مقارنة بالسنوات الماضية تشعل صراعات وأزمات فى البيوت قد تنتهى بانفصال الزوجين أو ارتكاب الأب جريمة بقتل أبنائه وزوجته ثم الانتحار كما حدث مؤخرا

دخول المصريين تراجعت فى زمن الانقلاب ولم تعد تكفى المتطلبات الأساسية اليومية وبالتالى تضطر بعض الأسر الفقيرة إلى عدم تعليم ابنائها وتوجيههم إلى عمل لجلب دخل من أجل توفير لقمة العيش

 

كرامة الأب

 

حول هذه الأزمة قال عزّ الدين حسن أب لثلاثة أبناء فى مراحل دراسية مختلفة : أعمل منذ الفجر على سيارة أجرة اتكسب منها قوت يومى، ثم اتوجه فى فترة ما بعد الظهيرة إلى عمل ثانى فى محل لبيع الخضروات، مؤكدا أنه رغم ذلك وجد نفسه عاجزا عن توفير متطلبات أبنائه مع بداية العام الدراسى.

وأضاف : هذه المشكلة تُستنزف الأعصاب، وتجعل كل حديث عابر مع زوجتي يتحوّل إلى نقاش محتدم حول كيفية تدبير المصروفات. 

وأشار «عزّ الدين» إلى أنه مع كل زيادة جديدة فى الأسعار، يشعر أن كرامته تُنتزع شيئًا فشيئًا أمام أبنائه، حين يضطر إلى تأجيل شراء الزى المدرسى أو تقليص لوازمهم الدراسية.

وتابع : هذا العام، بلغت مصاريف اثنين من أبنائى فى المرحلة الابتدائية، شاملة الزى المدرسى والأدوات والكتب، ما بين 7 إلى 8 آلاف جنيه، بزيادة واضحة عن العام الماضى الذى لم تتجاوز فيه التكلفة 6 آلاف مؤكدا أن كل شىء أسعاره تضاعفت: الأدوات المكتبية، «السبلايز»، حتى المصروف اليومى للطفل لم يعد كما كان .

 

دروس خصوصية

 

وقال خلف محروس، عامل فى مصنع تعبئة بلاستيك، بالقليوبية: بعض الأيام أعمل، وأحيانًا أجلس فى المنزل بلا أجر مشيرا إلى أن لديّه ولد فى المرحلة الإعدادية وبنت فى المرحلة الابتدائية، ولم يعد قادرا على إدخالهما مدرسة خاصة. ولكن فى مدارس الحكومة، لا يحصل الأطفال على التعليم الكافى .

وأضاف محروس: ابنى يحتاج دروسًا خصوصية فى اللغة الإنجليزية والرياضيات، لكن أسعار الدروس تضاعفت. المعلم الذى كنت أدفع له خمسة جنيهات يوميًا، طلب هذا العام عشرة. كيف لى أن أوفّر هذا مع دخل متقطع؟ .

وأشار إلى أن زوجته تضغط عليه باستمرار، خشية أن يتراجع أداء أبنائهم فى الدراسة وتقول له: لا أريد أن يتأخروا عن زملائهم، ولا أن يُعاملوا كأنهم أقل منهم .

 

مصروفات الدراسة

 

وقالت سارة عبدالمنعم، أم لطفلين وتعمل سكرتيرة فى شركة خاصة : أكافح لتوفير تعليم جيد لأبنائى مشيرة إلى أنها اختارت مدرسة تجريبية لغات إيمانًا منها بأهمية التعليم، لكنها لم تتوقع أن تصبح المصروفات عبئًا ثقيلًا بهذا الشكل.

وأضافت سارة عبدالمنعم : كل عام ترتفع المصاريف بشكل غير مبرر. الأدوات المطلوبة، الكتب الإضافية، حتى التطبيقات التعليمية والمذكرات الخارجية باتت تكلّفنى ما يقارب ألفى جنيه إضافية.

وأشارت إلى أنها لا تستطيع تحمّل تكاليف الدروس الخصوصية، وتحاول الاستعانة بالبرامج المجانية أو المجموعات المدرسية معربة عن أسفها لأن أبناءها يتأخرون تدريجيًا عن أقرانهم.

وتابعت سارة عبدالمنعم : ابنتى سألتنى لماذا لا تذهب إلى مدرس خصوصى مثل صديقاتها.. لم أستطع الرد.. ابنى قال لى إنه سيحاول بمفرده، لكنه لا يدرك حجم الفجوة التعليمية .

 

رياض الأطفال

 

وقال عماد موظف حكومى : لدي طفل فى مرحلة رياض الأطفال. الحقته بروضة خاصة ذات تكلفة متوسطة، لكنى فوجئت هذا العام بزيادة غير مبررة فى المصروفات.

وأضاف عماد: مصروف الروضة ارتفع من 4 آلاف إلى أكثر من 6 آلاف جنيه، الحقيبة المدرسية أصبحت إجبارية، ويُطلب منا شراء أدوات تعليمية إضافية باهظة الثمن.. دفعنا نصف المصروف، وتم تأجيل الباقى، ونحن فى حالة من التوتر الدائم .

فيما قالت نيفين زوجة عماد والتى تعمل فى احدى الشركات من المنزل : أردت لطفلى بداية تعليمية جيدة، لكننا نُرهق نفسيًا وماليًا. حتى الدراجة التى وعدناه بها عند دخوله المدرسة لم نستطع شراءها.

وأضافت الزوجة : نحن نعيش ما يشبه الصراع الصامت؛ نحاول التماسك، ولكننا فى الحقيقة ننهار ببطء .

 

سباق مالى مفتوح

 

وقال إبراهيم ندا موظف بإحدى المصالح الحكومية مقيم فى بولاق الدكرور : مع بداية العام الدراسى بدأت أراجع مع زوجتي قائمة الطلبات الخاصة بأبنائي الثلاثة، موضحا أنه اكتشف أن راتبه الذى كان يكفى بصعوبة قبل عامين، بات عاجزًا تمامًا هذا العام عن تغطية أى شىء سوى إيجار الشقة والكهرباء.

وأضاف إبراهيم ندا : ابني الأكبر فى المرحلة الثانوية العامة، ويحتاج إلى دروس خصوصية فى 5 مواد على الأقل، كما يطلب منه المعلمون شراء كتب خارجية وأوراق طباعة بشكل أسبوعى. مؤكدا أنه لم يعد قادرًا على التوفيق بين طلبات المعلمين وبين ما يستطيع دفعه، ولذلك اضطر إلى بيع هاتفه المحمول ليدفع عربون الحصص الدراسية الأولى.

وتابع : أشعر بالمهانة حين أرى ابنى يطلب شيئًا لا أستطيع توفيره، ليس لأنه رفاهية، بل لأنه ببساطة وسيلة للنجاح فى الامتحانات لافتا إلى أن زوجته، التى كانت تساعده ببعض دروس الخياطة المنزلية، توقفت هذا العام بسبب تراجع الطلب.

وأشار إبراهيم ندا إلى أنه كان يظن أن الأعباء ستقل حين يكبر الأبناء، لكنها تضاعفت مؤكدا أن الدراسة الآن لم تعد مجرد تعليم، إنها سباق مالى مفتوح .

 

أين المجانية ؟

 

وأكدت دعاء فاروق، أرملة وأم لطفلين تقيم فى إمبابة، أنها تعيش صراعًا يوميًا بين كرامتها كأم، وواقعها كمُعيلة وحيدة، مشيرة إلى أنها تعمل فى صالون تجميل نهارًا، وتقوم بأعمال تنظيف ليلية فى شقق قريبة، فقط لتوفّر الحد الأدنى من مصروفات المدرسة الحكومية التى التحق بها طفلاها.

وقالت دعاء فاروق: جلست طوال الليل أُخيط قطعة قماش لتوسيع الزى، وأنا أبكى بصمت. كنت أظن أن التعليم فى مصر مجانى، لكنه لم يعد كذلك .

 

الكتب الخارجية

 

وقال رمضان شوقى، بائع فى محل بقالة : لدى 4 أبناء فى مراحل تعليمية مختلفة مؤكدا أن دخله لم يعد يكفى أكثر من إطعام أسرته.

وأكد شوقى أن الكتب الخارجية وحدها تستهلك ثلث دخله الشهرى، وإنه اضطر لإخراج ابنته الكبرى من المدرسة الفنية، كى تساعده فى بيع الخضروات على الطريق الزراعى.

وأعرب عن اسفه لأنه اضطر للتضحية بتعليمها، لأنه لم يعد فى وسعه تعليم الجميع، وخاف أن تجوع العائلة كلها إن واصلت ابنته تعليمها .