لا تزال خاضعة للتفاوض .. كواليس تعديلات نتنياهو على خطة ترامب بشأن غزة

- ‎فيعربي ودولي

كشف تقرير نشره موقع القناة 12 العبرية،  الأربعاء، نقلاً عن مصادر تحدّثت لمراسلها باراك رافيد، تفاصيل من كواليس خطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب لوقف حرب الإبادة على قطاع غزة، وعلاقتها بالعدوان الإسرائيلي الفاشل على قطر، والتعديلات التي أجراها رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو عليها، بخلاف المقترح الأصلي الذي دعمته دول عربية وإسلامية.

 

وبحسب التقرير، فإن بذور خطة إنهاء الحرب في غزة التي عرضها الرئيس ترامب أول من أمس الاثنين، في البيت الأبيض، زُرعت قبل ثلاثة أسابيع، عندما نفّذت إسرائيل هجوماً في قطر، في محاولة فاشلة لاغتيال قادة من حركة حماس. ووحّد الهجوم الإسرائيلي الزعماء العرب في غضبهم تجاه نتنياهو، وزاد من الدعوات داخل إسرائيل وحول العالم للتوصّل إلى صفقة تُفرج عن بقية المحتجزين الإسرائيليين وتنهي العدوان.

 

وذكرت أربعة مصادر مطّلعة على التفاصيل، لم يسمّها موقع القناة، أن مستشاري ترامب، ستيف ويتكوف وجاريد كوشنر، "صُدما في البداية" من الهجوم، لكن سرعان ما رأوا في هذه الأزمة فرصة لإنهاء الحرب. ولاحظ المستشاران أن "العرب تحدّثوا بصوت واحد، حتى وإن كان ذلك للصراخ على إسرائيل"، كما قال أحد مستشاري ترامب المطّلعين على النقاشات، و"كان واضحاً، خاصة لويتكوف، أن هذا الوضع، الذي بدا سلبياً في البداية، يمكن أن يتحوّل إلى شيء إيجابي".

 

وجاء في التفاصيل أيضاً، أنه في اليوم الذي سبق العدوان على الدوحة، في 9 سبتمبر/ أيلول المنصرم، التقى ويتكوف وكوشنر بالوزير رون ديرمر، المقرّب من نتنياهو، في ميامي، لمناقشة صفقة في غزة، وخطة "اليوم التالي" للحرب. وعندما سمع ويتكوف وكوشنر عن الهجوم الإسرائيلي في الدوحة، غضبا وشعرا بأن ديرمر قد خدعهما، وفقاً لما قالته المصادر، فيما زعم ديرمر لاحقاً أنه لم يكن على علم بالهجوم المخطط له إلا في مرحلة متأخرة.

 

وبعد عدة أيام، قال ويتكوف لديرمر إن أفضل طريقة لمنع تدهور الوضع هي "الاعتذار لقطر" التي أبدت غضباً كبيراً، وإظهار الاستعداد للتقدّم نحو إنهاء الحرب في غزة، لكن ديرمر لم يتحمّس لذلك. ولكن بعد حصولهما على موافقة ترامب، بدأ ستيف ويتكوف وكوشنر العمل على خطة لإنهاء الأزمة مع قطر، وتحويلها إلى صفقة أوسع لإنهاء الحرب في غزة، وقاما بأخذ الاقتراح الأميركي القائم لوقف إطلاق النار وصفقة تبادل الأسرى، ودمجاه مع خطة لـ"اليوم التالي" التي عمل عليها كوشنر، بالتعاون مع رئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير. وكانت النتيجة وثيقة مكوّنة من 21 بنداً.

خطة ترامب والتعديلات

 

وقال مسؤول أميركي رفيع إن "الهجوم الفاشل في الدوحة غيّر الديناميكية الإقليمية، وفتح الباب لنقاش حقيقي حول كيفية إنهاء الحرب في غزة". وتشير التفاصيل إلى أنه قبل عدة أيام من انعقاد الجمعية العامة للأمم المتحدة، اقترح القطريون عقد قمة في نيويورك تجمع الرئيس ترامب وقادة ثماني دول عربية وإسلامية، لمناقشة العدوان الإسرائيلي على قطر والعدوان على غزة.

 

وفي الاجتماع الذي عُقد يوم الثلاثاء الماضي، وجّه القادة العرب والمسلمون انتقادات شديدة لإسرائيل. وبعد أن شدد ترامب على رغبته في إنهاء الحرب في غزة، توجه إلى ويتكوف وقال له: "ستيف، أخبرهم بما تعمل عليه". وقام ويتكوف بعرض الخطة المكوّنة من 21 بنداً أمام المجموعة، ولاقت ردات فعل إيجابية في القاعة. وطلب ترامب من المجموعة الاجتماع مع ويتكوف في اليوم التالي، وتقديم ملاحظاتهم على الخطة الأميركية.

 

حتى مساء يوم الأربعاء، توصّلت الولايات المتحدة والدول الثماني إلى اتفاق أولي على صيغة معينة، نقلها ويتكوف وكوشنر، بعد وقت قصير، إلى الجانب الإسرائيلي. والتقى نتنياهو بويتكوف وكوشنر في فندق إقامته في نيويورك لمدة ساعتين بعد ظهر يوم الخميس الماضي، ثم مرة أخرى في المساء. ووفقاً لمصدر إسرائيلي، في تلك المرحلة كانت هناك فجوات كبيرة لا تزال قائمة بين الولايات المتحدة وإسرائيل.

 

وفي صباح يوم الجمعة، ألقى نتنياهو خطاباً في الأمم المتحدة، دون أن يذكر على الإطلاق خطة ترامب. ومع ذلك، استمرت الاتصالات بين فريق ترامب والإسرائيليين طوال عطلة نهاية الأسبوع، بهدف التوصّل إلى صيغة متّفق عليها قبل أن يصل نتنياهو إلى البيت الأبيض يوم الاثنين للقاء ترامب.

 

وفي يوم السبت، انتشرت شائعة داخل فريق ترامب تفيد بأن نتنياهو يخطط لرفض خطة إنهاء الحرب، أو على الأقل المطالبة بتعديلات جوهرية تُفرغها من مضمونها. ودفع هذا الأمر ترامب إلى إجراء مكالمة هاتفية "صارمة وواضحة" مع نتنياهو، بحسب مصدر مطّلع على التفاصيل. وقال المصدر: "ترامب قال لبيبي (بنيامين نتنياهو) دون مواربة: إما أن تقبل بها أو ترفضها. وإذا تركتها، فنحن سنتركك'". وأضاف المصدر أن ترامب "سئم من نتنياهو، لأسباب عديدة".

 

وتحدث ترامب مع نتنياهو خمس مرات خلال عطلة نهاية الأسبوع، وفقاً للمصادر. وطالب ترامب برد إيجابي واضح، وليس "نعم، ولكن". ووافق ترامب على بعض التعديلات التي طلب نتنياهو إدخالها على الصيغة، لكنه رفض أخرى، خاصة تلك التي ركّزت على الحساسيات السياسية داخل ائتلاف نتنياهو، مثل قضية الضم أو تهجير الفلسطينيين من غزة.

 

وقال ترامب إنه لن يطلب من نتنياهو التنازل عن قضايا أمنية، لكنه شدد عليه أنه لن يوافق على إدخال تغييرات على النص فقط من أجل حلّ مشكلات سياسية داخلية لنتنياهو، وفقاً لمصدر شارك في المحادثة. وذكر ترامب لنتنياهو في آخر مكالمة هاتفية بينهما: "إذا قبلت بالخطة ورفضتها حماس، فسأمنحك دعماً كاملاً للاستمرار في محاربتهم".

 

ويوم الأحد، أجرى ويتكوف وكوشنر ساعات من المفاوضات مع نتنياهو ورون ديرمر في نيويورك، انتهت في الساعة 23:00، بعد تقليص كبير للفجوات، بما في ذلك صيغة الاعتذار التي سيتعيّن على نتنياهو تقديمها لقطر. وقال أحد المصادر، بحسب الموقع العبري: "نتنياهو كان يعلم ما عليه فعله. في النهاية لم يعارض. إنه يستحق التقدير. عندما أدرك أنه مضطر للقيام بذلك، قام به. لم يرفع يديه ويقول أنا أريد، لكنه نفّذ في النهاية".

 

وعندما جرى إرسال النص المُحدّث إلى كبار المسؤولين العرب والمسلمين، غضبوا من عدد من التعديلات التي نجح نتنياهو في إدخالها، خاصة فيما يتعلق بشروط الانسحاب الإسرائيلي من غزة، وفقاً لما أفادت به مصادر مطّلعة على المحادثات. وقال مصدر إسرائيلي: "نتنياهو قال لترامب خلال محادثات نهاية الأسبوع إنه لن ينسحب ببساطة ويترك حماس تعيد تنظيم صفوفها"، ووافق ترامب على ذلك. كما طلبت دول عربية إدخال تعديلات على النص، لكن العديد من مطالبها لم تُدرج. وكانت المعارضة قوية لدرجة أن القطريين أوصوا فريق ترامب بعدم نشر الخطة الكاملة يوم الاثنين.

 

 

وقرر ترامب نشر الخطة على أي حال، رغم الاعتراضات، وقال أمس إنه يتوقع رداً من حركة حماس خلال "ثلاثة أو أربعة أيام". ويتوقع مسؤولون أميركيون وإسرائيليون رداً إيجابياً، مع تحفّظات. وخلال الساعات الأربع والعشرين الماضية، نقل مسؤولون عرب تحديثات حول الوضع إلى فريق ترامب، وألمحوا إلى تحرك إيجابي من جانب حماس، وفقاً لمصدر مطلع على التفاصيل.

 

ورغم البيان المشترك الصادر عن الدول العربية الذي رحّب بإعلان ترامب، أوضح مسؤولون عرب، بحسب ما نشرته القناة، أن الصفقة لا تزال خاضعة للتفاوض، وأن التفاصيل لم تُحسم نهائياً. وأفاد مسؤول أميركي بأنه قد تكون هناك "تعديلات" إضافية، لكن ترامب لا ينوي إعادة فتح الخطة بأكملها للنقاش.