دمار واسع النطاق..السودان يغرق في مياه سد النهضة الأثيوبي ومصر تنتظر الكارثة

- ‎فيتقارير

 

 

يواجه السودان كارثة إنسانية بسبب الفيضانات وتصريف مياه سد النهضة من جانب أثيوبيا، دون تنسيق مع دولتي المصب مصر والسودان، ويعاني السودان من أقصى الشمال إلى الغرب والوسط، بعدما اجتاحت السيول والفيضانات 13 ولاية، وأغرقت آلاف القرى والمنازل، وشردت عشرات الآلاف من الأسر. 

كانت اللجنة الفنية السودانية لطوارئ الخريف والفيضانات قد أعلنت أن موجة الأمطار والسيول الأخيرة تسببت في دمار واسع النطاق، مشيرة إلى أن عدد الأسر تجاوز المتضررة 25 ألف أسرة تضم أكثر من 125 ألف شخص. 

وأكدت اللجنة أن مناسيب النيل ارتفعت في جميع الأحباس إلى مستويات قياسية، فيما حذرت وزارة الزراعة والري السودانية من فيضانات وشيكة خلال الأيام المقبلة بسبب الارتفاع الخطير في تصريف المياه من السدود الإثيوبية. 

يشار إلى أن إيراد النيل الأزرق تجاوز مؤخرًا 730 مليون متر مكعب يوميًا، ما يعكس حجم التصريف القادم من إثيوبيا، والذي يؤثر مباشرة على استقرار تدفق المياه في السودان، مسبّبًا فيضانًا هائجًا في مجرى النهر. 

 

تحذيرات رسمية

 

مياه الفيضانات اجتاحت 6 ولايات سودانية ، مع ارتفاع غير مسبوق في مناسيب النيل وروافده، نتيجة الأمطار الغزيرة وتدفق المياه من السدود المحلية، إضافة إلى كميات كبيرة متدفقة من سد النهضة الإثيوبي.

وخرجت المياه عن مجرى النهر الرئيسي، ما أدى إلى غمر مساحات واسعة من الأراضي الزراعية والمباني السكنية، وتسرب المياه بارتفاع نصف متر في عدد من المدن والبلدات على ضفاف النيل.

وكررت وزارة الزراعة والري السودانية تحذيراتها للمواطنين القاطنين على طول الشريط النيلي، داعيةً إلى اتخاذ الاحتياطات اللازمة لحماية الأرواح والممتلكات.

ومع تزايد الضغوط على السدود والبنى التحتية، يسابق السكان على ضفتي النهر الزمن لنقل مواشيهم ومحاصيلهم إلى مناطق مرتفعة، وسط مشاهد تعكس حجم التحديات المائية.

 

مفيض توشكى

 

في المقابل تداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي على نطاق واسع أنباء تفيد فتح مفيض توشكى لتصريف كميات ضخمة من مياه نهر النيل، بهدف حماية السودان من الفيضانات المتزايدة نتيجة ارتفاع منسوب النهر وتدفقات المياه القادمة من سد النهضة الإثيوبي. 

ورغم عدم إعلان سلطات الانقلاب رسميا عن فتح المفيض، إلا أن آلاف المستخدمين شددوا على ضرورة اتخاذ هذه الخطوة والتضامن مع السودان في أزماته، خصوصًا في ظل ما يعانيه حاليًا من كوارث إنسانية بسبب غمر المياه لآلاف المنازل وتشريد المواطنين. 

 

سد النهضة الإثيوبي

 

وحذّر خبراء الموارد المائية من أن استمرار تصريف سد النهضة الإثيوبي بمستويات تفوق المعدلات الطبيعية قد يضاعف من حجم الكارثة، ويرفع المخاطر على المدن السودانية الواقعة على ضفاف النيل.

ووفق بيانات رسمية، بلغت مناسيب المياه حد الفيضان في الخرطوم ومدني وشندي وعطبرة وبربر وجبل أولياء، إضافة إلى مناطق في دنقلا شمال البلاد.

كما أظهرت المؤشرات تذبذبًا يوميًا في تصريف السدود السودانية: انخفاض في «الروصيرص» إلى 540 مليون متر مكعب، وارتفاع في «سنار» إلى 706 ملايين، فيما سجل «مروي» أعلى تصريف منذ سنوات عند 750 مليون متر مكعب.

في ولاية النيل الأبيض، أعلنت غرفة الطوارئ المحلية بجبل أولياء أن المياه اجتاحت الحواجز وغمرت مناطق مثل العسال، وطيبة الحسناب، والشقيلاب، والكلاكلات، مهددة مئات المنازل بالانهيار.

كما عُزلت بلدات وقرى عدة نتيجة استمرار التدفقات المائية لليوم السادس على التوالي، في وقت طمرت فيه المياه مساحات واسعة من الأراضي الزراعية شمال البلاد.

 

موسم الأمطار

 

في هذا السياق أكد الدكتور عباس شراقي، أستاذ الموارد المائية والجيولوجيا بجامعة القاهرة، أن الفيضانات مرتبطة بتصريف كميات ضخمة من سد النهضة بعد امتلاء بحيرته بالكامل.

وقال شراقي في تصريحات صحفية: إن "إثيوبيا لم تشغّل التوربينات الأربعة الموجودة، ولم تفرغ المياه تدريجيًا كما كان متوقعًا، ما اضطرها إلى فتح أربع بوابات إضافية عند ذروة موسم الأمطار".

وأضاف أن التصريف الحالي بلغ 750 مليون متر مكعب يوميًا، مقارنة بمعدل طبيعي لا يتجاوز 300 مليون، وهو ما فاقم الوضع في السودان.

وشدد شراقي على أن السد العالي قادر على استيعاب أي كميات إضافية، وبالتالي لن تواجه مصر مخاطر مباشرة من هذه التصريفات. لكن السودان هو المتضرر الأكبر، مؤكدا أن سد الروصيرص يواجه ضغوطًا غير مسبوقة قد تعرضه لخطر الانهيار إذا استمرت الكميات المتدفقة بالوتيرة ذاتها.

وأشار إلى أن إثيوبيا لم تحقق حتى الآن أي استفادة ملموسة من السد، لا على مستوى توليد الكهرباء ولا على مستوى التنمية الزراعية، بينما يتحمل السودان التكلفة الأكبر من الأضرار.