“حصاد القهر”..وفاة7 محتجزَين و39 حكماً بالإعدام وانتهاكات شتّى طاولت عشرات السجناء خلال سبتمبر

- ‎فيحريات

 

أصدر مركز النديم لتأهيل ضحايا العنف والتعذيب في مصر تقريره الشهري الذي يأتي تحت عنوان "حصاد القهر"، أمس الخميس، وأكّد فيه استمرار الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في البلاد، بما في ذلك أماكن الاحتجاز، مع وفيات وانتهاكات شتّى طاولت عشرات السجناء.

 

وبيّن مركز النديم أنّ شهر سبتمبر/أيلول 2025 شهد سبع حالات قتل في حملات أمنية بمحافظتَي أسيوط وأسوان، من بينهم مواطنان معروفان بالاسم؛ الأول أسامة محمد سليمان فراج الملقّب "أسامة ناصح" الذي قُتل في حملة أمنية في مركز ساحل سليم، والثاني عادل عون الله فرج سعيد الذي لقي حتفه في منزله إثر إطلاق النار عليه من ضباط مباحث بني شقران. أمّا الخمسة الآخرون فلم تُعرَف هوياتهم، وقُتلوا جميعاً في قرية وادي الصعايدة التابعة لمركز إدفو بمحافظة أسوان.

 

وسجّل تقرير مركز النديم الأخير أنّ حالتَي وفاة سُجّلتا في أماكن الاحتجاز في مصر خلال الشهر نفسه، إحداهما تعود لإبراهيم عيد صقر الذي توفي في سجن وادي النطرون بمحافظة البحيرة نتيجة الإهمال الطبي، والثانية تعود لمواطن مجهول توفي تحت التعذيب في قسم شرطة منيا القمح بالشرقية. وأشار التقرير بوضوح إلى أنّ في الحالتَين نمطاً مكرّراً من الإهمال الطبي المتعمّد والتعذيب المنهجي في سجون مصر ومراكز الشرطة فيها.

 

في سياق متصل، وثّق "حصاد القهر" ما مجموعه 161 حالة تدوير فردي و18 حالة تدوير جماعي، علماً أنّ التدوير ممارسة متكرّرة يُعاد فيها توجيه اتهامات جديدة لمحتجزين كان قد سبق إصدار قرارات قضائية بالإفراج عنهم. كذلك أشار إلى 11 حالة تعذيب فردي، و28 حالة إهمال طبي، و47 حالة إخفاء قسري، بالإضافة إلى رصد 114 حالة ظهور لأشخاص كانوا مخفيّين قسراً. أمّا انتهاكات "عنف الدولة" خلال شهر سبتمبر فبلغت 49 حالة موثّقة.

 

من جهة أخرى، وثّقت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية إصدار 39 حكماً بالإعدام من محاكم مصر في أغسطس/آب 2025 وحده، شملت 30 قضية مختلفة. من بين هذه الأحكام، اثنان صدرا بصورة نهائية أي غير قابلَين للطعن، في حين أُحيلت أوراق 21 متّهماً آخرين إلى المفتي تمهيداً لتأكيد عقوبة الإعدام بحقّهم. وأشارت المبادرة إلى أنّ هذه الأرقام تمثّل "الحدّ الأدنى" ممّا أمكن التحقّق منه عبر الأهالي أو ما نشرته وسائل الإعلام، في ظلّ محدودية الشفافية.

 

وتأتي هذه المستجدّات في وقت تشير فيه تقارير منظمات دولية، من بينها "منظمة العفو الدولية" و"مراسلون بلا حدود"، إلى أنّ مصر صارت تُصنَّف من بين أكثر خمس دول في العالم تنفيذاً لأحكام الإعدام في السنوات الأخيرة. وترتبط القضايا، في الغالب، بأحداث سياسية أو تظاهرات معارضة، وسط مخاوف واسعة من غياب ضمانات المحاكمة العادلة، بما في ذلك انتزاع الاعترافات تحت التعذيب وحرمان المتّهمين من التواصل مع محاميهم.

 

تجدر الإشارة إلى أنّ منظمات حقوقية أكدت أنّ الاحتجاز المطوّل من دون محاكمة والتعذيب والإخفاء القسري في مصر تحوّلت إلى ممارسات منهجية في المنظومة، في حين يُستخدَم القضاء الجنائي والعسكري في قمع المعارضة السياسية كما المدنية. وسبق لمكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان أن دعا الحكومة المصرية مراراً إلى وقف العمل بعقوبة الإعدام، أو على الأقلّ إعلان تجميد رسمي مؤقّت، في ظلّ القلق الدولي من إساءة استخدامها.

 

ويأتي "حصاد القهر" الأخير في مصر ليضيف حلقة جديدة إلى سلسلة من التقارير التي تؤكّد التدهور المستمرّ في أوضاع حقوق الإنسان بالبلاد، إذ تتكرّر الشهادات عن موت بطيء خلف القضبان نتيجة الحرمان من الرعاية الطبية، إلى جانب تصاعد أعداد المحكوم عليهم بالإعدام. ويرى حقوقيون أنّ هذه الأرقام "ليست مجرّد إحصاءات"، بل تمثّل قصصاً إنسانية لعائلات فقدت أبناءها، سواءً بالرصاص أو التعذيب أو الإهمال الطبي، فيما تبقى عشرات الأرواح الأخرى معلّقة بين أروقة المحاكم وغرف الإعدام.