السيسي يُلاعب المحامين والجمعيات الحقوقية ..الاعتراض على قانون الإجراءات الجنائية لقطة جوفاء للمجتمع الدولي فقط

- ‎فيتقارير

 

 في مشهدٍ يعكس تناقضات نظام المنقلب  السفاح  السيسي، حاول رأس السلطة العسكرية في مصر أن يقدّم نفسه للمجتمع الدولي كمدافع عن العدالة وحقوق المتهمين، بينما في الواقع يواصل خنق النقابات المهنية وتكميم الأفواه الحقوقية.

 

ففي الوقت الذي أعلن فيه نقيب المحامين عبد الحليم علام، تمسّك مجلس النقابة برفض تعديلات مشروع قانون الإجراءات الجنائية، خاصة المادة (105) التي تتيح التحقيق مع المتهم في غياب محاميه، خرجت أبواق النظام لتروّج لتوجيهات السيسي بشأن "ضمان حق الدفاع"، وكأنها خطوة إصلاحية، في حين يراها المراقبون مناورة سياسية مكشوفة هدفها التجميل المؤقت لصورة النظام البوليسي أمام الخارج.

 

نقيب المحامين أكد خلال مؤتمر صحافي أن المقترح يمثل انتهاكاً صريحاً للدستور، وتحديداً للمادة (54) التي تضمن حضور المحامي أثناء التحقيق، محذراً من أن هذه الصياغات الفضفاضة مثل "حالات السرعة" أو "الخطر من ضياع الأدلة" تُفرغ النصوص من مضمونها وتفتح الباب أمام تعسف السلطة.

لكن المفارقة أن السيسي نفسه هو من أرسل مذكرته إلى البرلمان بطلب "إعادة النظر" في بعض مواد القانون، وهو ما استغلته الأذرع الإعلامية لتصويره كراعٍ للعدالة الدستورية، رغم أن الجميع يدرك أن النظام لم يتردد يوماً في اعتقال المحامين أنفسهم وملاحقتهم على خلفية دفاعهم عن المعتقلين السياسيين أو نشرهم وقائع من تحقيقات "أمن الدولة".

 

من جهته، شدد عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان عصام شيحة على أن وجود المحامي أثناء التحقيق هو "ركيزة أساسية لضمان العدالة"، محذراً من أن المادة (105) تمس جوهر عمل الدفاع وتفتح الباب للتغوّل على المتهمين، فيما وصف انسحاب نقيب المحامين من الجلسة التشريعية بأنه "رسالة قوية ضد الاستهانة بحقوق الدفاع.

 

وفي موقف تضامني نادر بين النقابات المهنية، أعلن نقيب الأطباء ورئيس اتحاد المهن الطبية، أسامة عبد الحي، دعمه الكامل لموقف المحامين، مؤكداً أن النقابات هي "ضمير الأمة"، وأن الدفاع عن العدالة مسؤولية وطنية. لكن خلف هذا الحراك المهني المشروع، يدرك الجميع أن السيسي لا يسعى إلى إصلاح حقيقي، بل إلى تسجيل لقطة دعائية أمام الغرب، في ظل تصاعد الانتقادات الدولية لانتهاكاته الحقوقية، وتزامن ذلك مع الحرب على غزة التي كشفت تواطؤ نظامه وتخاذله عن نصرة الشعب الفلسطيني.

 

هكذا يواصل النظام العسكري اللعب على الحبال: يُضيق الخناق على المحامين والنشطاء من جهة، ويتظاهر بالاستماع إلى النقابات والمجتمع المدني من جهة أخرى، فقط ليمنح نفسه شرعية زائفة طالما افتقدها منذ أن جاء إلى الحكم على ظهر دبابة.