قتل تحت التعذيب وتعتيم أمني.. أسرة “خليل أبو هبة” تطالب بمحاسبة الضابط المجرم قاتل ابنها

- ‎فيحريات

قتل تحت التعذيب وتعتيم أمني.. أسرة "خليل أبو هبة" تطالب بمحاسبة الضابط المجرم قاتل ابنها

توصل ناشطون وأهالي مدينة المحلة الكبرى إلى هوية الضابط المتورط في جريمة قتل المواطن خليل محمد خليل عيد أبو هبة، تاجر السيارات وأب لأربعة أطفال، داخل قسم ثالث المحلة الكبرى.
الضابط هو النقيب أحمد رفعت الصعيدي، معاون مباحث القسم، بمشاركة مساعده إبراهيم صنقر، بحسب شهادات ومصادر محلية.

وقالت أسرة الضحية إن الضابط المذكور أوقف خليل أثناء جلوسه مع أصدقائه على أحد المقاهي، وطلب منه مفاتيح سيارته دون مبرر، وعندما رفض، اقتاده بالقوة إلى القسم. وتشير روايات الأسرة إلى أن الضابط قام بتعذيبه بوحشية باستخدام الضرب والصاعق الكهربائي حتى فارق الحياة.

وأكد ناشطون أن الضابط أحمد رفعت الصعيدي هو نجل عمدة قرية بلقينا بالمحلة الكبرى، وله شقيق طيار يدعى محمد رفعت، وينتمي كلاهما لمنطقة أبو راضي بالمحلة الكبرى – محافظة الغربية.

بلاغ لمن يهمه الأمر

تقدم والد الضحية، المواطن محمد خليل عيد، بشكوى رسمية إلى وزارة الداخلية والنيابة العامة، مطالبًا بفتح تحقيق عاجل في وفاة نجله داخل قسم ثالث شرطة المحلة الكبرى، بعد تعرضه لما وصفه بـ"تعذيب وانتهاك صارخ لحقوق الإنسان" على يد أحد الضباط.

وبحسب نص الشكوى، بدأت الواقعة حين كان الشاب يتناول طعامه في أحد المطاعم، قبل أن يتعرض لتعدٍّ لفظي وجسدي من ضابط يُدعى أحمد. ر. ا.، الذي اقتاده إلى القسم دون إذن قانوني، حيث دخل الضحية سليمًا، ثم خرج بعد ساعة جثة هامدة.

وأكدت الأسرة وجود آثار ضرب وصعق كهربائي على جسده، وطالبت بمحاسبة الجاني "أيا كانت رتبته"، معتبرة ما حدث "طعنة في قلب العدالة وإساءة لهيبة الشرطة المصرية".

تعذيب حتى الموت

تفاعل عدد من النشطاء الحقوقيين مع القضية، مطالبين بالكشف عن تسجيلات كاميرات المراقبة وتشريح الجثة ومحاسبة المتورطين. وحتى الآن، لم تصدر وزارة الداخلية بيانًا رسميًا بشأن الواقعة.

ووفق تقارير حقوقية، وقعت الوفاة بين 8 و10 أكتوبر 2025 داخل حجز قسم ثالث شرطة المحلة الكبرى، بعد أن تم اعتقال خليل دون تهمة واضحة، أثناء محاولة الشرطة الاستيلاء على سيارته، ورفضه تسليم مفاتيحها.

وتشير الروايات إلى أن خليل تعرض لـ"تعذيب وحشي" على يد عناصر من الشرطة، أدى إلى وفاته داخل الحجز. كما تعرضت أسرته للتهديد لعدم الحديث عن تفاصيل الجريمة.

وقال والد الضحية:

"جالي تليفون قالولي الحق ابنك… الضباط خدوه وكتفوه وودوه قسم تالت المحلة، ولما رحت لقيت المحامي بيقولي شُفته واقع في الممر، كله جروح وكدمات، قالولي في العناية وهيتحسن، بس قلبي مقاليش كده."

وأضاف:

"ضابط من قسم تاني رقّ لحالي وخلاني أشوفه، لما شُفته صُدمت.. جسمه كله علامات حمراء وكان بالملابس الداخلية بس. استدعاني وكيل النيابة عشان أحرر محضر، لكنهم كانوا بيماطلوا عشان ياخدوا الجثمان من الباب الخلفي ويودوه المشرحة في طنطا من غير ما نعرف."

واتهم الأب الضابط المعروف بلقب "داعش"، بممارسة التعذيب الكهربائي لإجبار المحتجزين على الاعتراف.

رواية مؤلمة

كتب حساب DrSayed Gamely على فيسبوك أن خليل كان يتناول طعامه في مطعم "الفخراني" بالمحلة الكبرى، وأوقف سيارته بالقرب من المكان. فجأة حضر الضابط أحمد رفعت الصعيدي وطلب منه مفتاح السيارة دون سبب واضح. وعندما رفض، فتح السيارة بالقوة ولم يجد بداخلها شيئًا، لكنه أصرّ على اقتياده للقسم بالقوة، واستدعى "ونش" لسحب السيارة.

وبحسب الأسرة، تعرض خليل (35 عامًا) داخل القسم لتعذيب مروّع بالصاعق الكهربائي، وهو أسلوب يُعرف عن الضابط المذكور استخدامه، وقد تسبب سابقًا في وفاة ثلاثة أشخاص، وفقًا للرواية.

بعد أقل من ساعة، تم نقله إلى مستشفى المحلة العام (القصر)، وأُبلغت الأسرة بأنه "تعبان"، لكن تبين لاحقًا أنه توفي داخل القسم. وعند وصولهم، مُنعوا من رؤيته، ثم سُلّم إلى ثلاجة الموتى. وبعد إلحاح، تمكن والده من رؤيته ليجد جسده مغطى بالكدمات وآثار الصعق.

يقول شاهد:

"قالوا لأبوه إن ابنه تعب واتنقل القصر، لكن الحقيقة إنه مات وهما ودّوه التلاجة علطول. لما شُفناه كان جسمه أزرق ومكهرب، وضربينه في وشه.. العالم الكفرة حسبنا الله ونعم الوكيل."

آثار التعذيب

شهود العيان أكدوا أن الضابط اقتاد خليل إلى القسم عن طريق "توك توك" دون إذن نيابة أو سند قانوني.
وبعد ساعة واحدة فقط، أُنزل جثة هامدة لا يرتدي سوى ملابسه الداخلية، ونُقل إلى مستشفى المحلة العام.
آثار التعذيب على الجسد شملت:

  • كدمات وسحجات في الوجه، خاصة جهة العين اليمنى.

  • ضربات في الكتف وأعلى الظهر والرقبة.

  • آثار صاعق كهربائي تحت الذراع الأيمن.

  • جروح غائرة من الكلابشات في المعصمين، خصوصًا اليد اليمنى.

وطالبت الأسرة بـ"العدل ومحاسبة الجاني أيًا كان موقعه أو رتبته"، مؤكدة أن الجريمة تمثل طعنة في العدالة وإهانة لهيبة الشرطة المصرية الشريفة.

لجان أمنية وتعتيم رسمي

نُقل الجثمان لاحقًا إلى الطب الشرعي في طنطا، لكن التقرير لم يصدر حتى الآن وسط مخاوف من التلاعب أو التستر.
وأثناء الدفن، لاحظ الأهالي تأمينًا أمنيًا مشددًا حول القسم تحسبًا لأي احتجاجات، خاصة أن الضحية كان محبوبًا في مدينته.

وفي المقابل، نشرت بعض الحسابات الموالية للسلطة منشورات تحاول تهدئة الرأي العام، منها ما كتبه "خالد فوزي أبو العزم" وآخرون، داعين إلى "الهدوء والحكمة"، ومحذرين مما وصفوه بـ"تجار الحروب الذين يستغلون الحوادث لإثارة الفتن".

وزعمت هذه الحسابات أن "التحقيقات جارية على أعلى مستوى من جهة سيادية"، وأن "المخطئ سيُعاقب بأقصى عقوبة"، فيما حاولت تبرير ما حدث بالقول إن "الدولة لن تسمح بعودة التجاوزات".

عودة الأساليب القمعية

الحادثة تأتي ضمن سلسلة متكررة من حالات القتل تحت التعذيب والتصفية الجسدية داخل أقسام الشرطة، خصوصًا في محافظات الصعيد والوجه البحري، ما يثير مخاوف من عودة الأجهزة الأمنية إلى أساليبها القديمة في التعامل مع المواطنين.

هذه الممارسات تمثل انتهاكًا صارخًا للكرامة الإنسانية ولحرمة المواطن المصري، وتعيد طرح السؤال حول غياب العدالة والمساءلة داخل وزارة الداخلية.

وفي مقطع مصور متداول، قال شقيق الضحية:

"قبضوا عليه دون ذنب، واقتادوه للقسم مكتوف الأيدي، واعتدوا عليه حتى مات لأنه رفض يديهم مفتاح عربيته. الضابط اسمه أحمد الصعيدي، وهددوني بالقتل لو اتكلمت."

العدالة الغائبة

رغم وضوح الأدلة وشهادات الشهود، تبقى الحقيقة محاصرة خلف تعتيم أمني وصمت رسمي، بينما ترفع الأسرة صوتها مطالبة بالقصاص، في بلدٍ بات فيه "المتهم بريئًا نظريًا فقط"، أما على أرض الواقع، فـ"البراءة لا تنتظر إثباتها، لأن الإدانة سابقة ومستمرة".