رغم استمرار العدوان الإسرائيلي على غزة، وتعثّر تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار، كشفت مصادر مصرية مطلعة لصحيفة الأخبار اللبنانية عن “تحسّن ملحوظ” في العلاقات بين نظام المنقلب السفاح عبدالفتاح السيسي وتل أبيب، في خطوة وُصفت بأنها عودة صريحة للتحالف الأمني والسياسي مع الاحتلال على حساب دور مصر الوطني والتاريخي كوسيط عربي.
وقالت المصادر: إن "هذا التقارب الجديد مدفوع بجملة من التفاهمات السرية التي أعادت فتح قنوات التواصل الدبلوماسي بين الجانبين، وسط ترتيبات لإعادة تفعيلها رسميًا خلال الأسبوع المقبل، بالتوازي مع وعود بفتح معبر رفح مؤقتًا أمام المساعدات الإنسانية. "
وساطة “مُعطّلة” وتطبيع نشط
وربط النظام المصري — وفق المصادر — إعادة انخراطه الدبلوماسي مع الاحتلال بما سماه “استمرار الالتزام باتفاق إنهاء الحرب”، في وقت تتواصل فيه الجرائم الإسرائيلية ضد المدنيين في القطاع.
وتؤكد هذه الشروط الشكلية أن القاهرة لم تعد وسيطًا محايدًا، بل طرفًا متواطئًا في تنفيذ أجندة تل أبيب وواشنطن.
وخلال قمة شرم الشيخ الأخيرة، أبدت الرئاسة المصرية استعدادها الصريح للتواصل مع رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، والمشاركة في ما يُعرف بـ“الخطة الأمريكية للتسوية” التي تُعيد إنتاج مشروع “حل الدولتين” بصيغة تخدم الأمن الإسرائيلي أولاً، وتمنح السيسي موقعًا شكليًا في المسرح السياسي الإقليمي.
تبادل السفراء.. ومغازلة نتنياهو
ووفق التسريبات ذاتها، تدرس القاهرة اعتماد سفير لتل أبيب قريبًا، في مؤشر على تسريع وتيرة التطبيع رغم استمرار الحرب.
فيما استبعد مسؤولون مصريون أن يتحقق “تطور سياسي حقيقي” قبل الانتخابات الإسرائيلية المقبلة، في محاولة لتبرير المضي في علاقات دافئة مع الاحتلال دون التزام سياسي فعلي. وفي المقابل، تواصلت الاتصالات بين النظام المصري وشخصيات إسرائيلية معارضة لنتنياهو، ضمن ما وصفته المصادر بـ“جهود لتنسيق المواقف” مع أنقرة والدوحة، تمهيدًا لمرحلة جديدة من التعاون الإقليمي تحت الرعاية الأمريكية.
شراكات اقتصادية على حساب دماء الفلسطينيين ورغم استمرار الحرب، أكدت المصادر أن المسارات الاقتصادية بين مصر وإسرائيل لم تتأثر، وأن المشاريع المشتركة — بما فيها تلك التي تشارك فيها جهات سيادية مصرية — مؤجلة لأسباب سياسية مؤقتة فقط، على أن تُستأنف “في حال استمرار التهدئة”.
ويرى مراقبون أن هذه الصيغة تعني عمليًا أن النظام المصري يتعامل مع دماء الفلسطينيين كمتغير اقتصادي يمكن تجاوزه بمجرد هدوء القصف الإسرائيلي.
نهاية الدور المصري المستقل بهذا المشهد، يرى محللون أن القاهرة لم تعد “عرّاب التسوية” كما كانت، بل تحوّلت في عهد السيسي إلى وسيط منحاز يعمل ضمن منظومة التطبيع الإقليمي، ويمهّد الأرض سياسيًا وأمنيًا لاندماج إسرائيل الكامل في المنطقة العربية.
ويؤكد هؤلاء أن نظام السيسي فقد شرعية الوساطة بعد أن رهن قراره السياسي لإملاءات واشنطن وتل أبيب، في الوقت الذي تتصاعد فيه معاناة سكان غزة المحاصرين، وتُغلق القاهرة معبر رفح بوجه الجرحى والمساعدات الإنسانية.