يشهد سوق الذهب في مصر قفزات سعرية قياسية وغير مسبوقة منذ بداية عام 2025، حيث تخطى المعدن الأصفر كل التوقعات، متأثراً بعوامل محلية وإقليمية ودولية متضافرة، هذا الارتفاع الذي تجاوزت نسبته محلياً
خلال الفترة من يناير إلى أكتوبر 2025 نحو 54.3% وضع الذهب كأفضل ملاذ استثماري، ولكنه أثار حالة من الضبابية والقلق بين المستهلكين والتجار مما أدى إلى توقف حركة البيع وحالة من الركود .
كان تقرير شعبة الذهب والمعادن الثمينة في اتحاد الصناعات قد كشف عن حدوث قفزة كبيرة في أسعار الذهب خلال الفترة من يناير إلى أكتوبر 2025 بنسبة 54.3%، حيث تحرك عيار 21 من 3720 جنيها إلى مستويات 5740 جنيها بفعل القفزة القوية في الأونصة العالمية.
هذه القفزة جاءت مدفوعة بزيادة سعر الذهب العالمي ليسجل مستوى قياسيا جديدا فوق 4300 دولار للأوقية، ليصل سعر عيار 21، وهو الأكثر مبيعًا في السوق المحلي، إلى 5785 جنيهًا، ووصل سعر الجنيه الذهب إلى 46280 جنيهًا.
وعالميًا.. سجل الذهب مستوى قياسيًا جديدًا فوق 4 آلاف و300 دولار للأوقية متجها لتحقيق أفضل أداء أسبوعي له منذ خمس سنوات.
دولار الصاغة
يشار إلى أن الارتفاع الجنوني في أسعار الذهب يرجع إلى ثلاثة محاور رئيسية من الضغوط الاقتصادية والجيوسياسية، وفيما يتعلق بالعوامل المحلية، يظل سعر الدولار الذي تعتمده الصاغة هو المحرك الأكبر للأسعار في مصر، فبالرغم من استقرار سعر الصرف الرسمي للجنيه مقابل الدولار في البنوك، إلا أن السوق المحلي يعتمد على "سعر صرف استرشادي" أو ما يُعرف بـ"دولار الصاغة" لتسعير الذهب.
وهذا السعر الاسترشادي يتأثر بشدة بندرة العملة الصعبة وزيادة الطلب على الذهب كوسيلة للتحوط، مما يعني أن أي ارتفاع في هذا السعر الموازي يترجم مباشرة إلى ارتفاع في أسعار الذهب بالجنيه المصري. وعلاوة على ذلك، مع استمرار مستويات التضخم في الارتفاع، يزداد لجوء الأفراد والمستثمرين إلى الذهب كـ"مخزن للقيمة" وأداة تحوط مضمونة ضد تآكل القوة الشرائية لأموالهم، مما أدى إلى نقص في المعروض المتاح في الأسواق المحلية وساهم في رفع سعر الذهب بـ"دولار الصاغة" الذي قد يختلف عن السعر الرسمي.
مستوى قياسي
من جانبه أكد إيهاب واصف، رئيس شعبة الذهب والمعادن الثمينة باتحاد الصناعات، أن العالم يشهد واحدة من أعنف موجات شراء الذهب في تاريخه الحديث، مع تسجيل الأونصة مستوى قياسي جديد عند 4356 دولارًا قبل أن تغلق تداولات الأسبوع عند 4249 دولارًا.
وقال واصف فى تصريحات صحفية، إن أسعار الذهب العالمية واصلت الارتفاع للأسبوع التاسع على التوالي، في أطول موجة صعود منذ 17 عامًا، مدفوعة بحالة القلق في الأسواق العالمية، وضعف البنوك الإقليمية الأمريكية، وتصاعد التوترات التجارية بين الولايات المتحدة والصين، إلى جانب التوقعات المتزايدة بخفض أسعار الفائدة الأمريكية خلال الاجتماعين المقبلين للاحتياطي الفيدرالي.
وأوضح أن الارتفاع التاريخي للذهب يعود إلى موجة قوية من مشتريات البنوك المركزية حول العالم، وعلى رأسها البنك المركزي الصيني الذي واصل شراء الذهب للشهر الحادي عشر على التوالي، فضلًا عن تدفقات ضخمة إلى صناديق الاستثمار المتداولة في الذهب، مع زيادة الإقبال الاستهلاكي في الأسواق الآسيوية، خاصة الهند التي تشهد موسم مهرجانات يعزز الطلب.
التوترات التجارية
وأشار واصف إلى أن استمرار التوترات التجارية بين الصين والولايات المتحدة دفعت الذهب لتسجيل مكاسب تخطت 64% في البورصة العالمية ومكاسب تخطت 70% للفضة، في ظل موجة صعود عنيفة في المعادن الثمينة.
وأضاف أن تهديد واشنطن بفرض رسوم جمركية بنسبة 100% على بعض السلع الصينية، ورد بكين بتهديدات مماثلة خلق حالة من الطلب على المعدن النفيس موضحا أن هذه التطورات تدفع المستثمرين للتحوط من المخاطر عبر الذهب كملاذ آمن، وهو ما يفسر هذا الارتفاع المتسارع في الأسعار العالمية.
وقال واصف أن الذهب قد يواصل الارتفاع ليقترب من مستوى 4900 دولار للأونصة في المدى المتوسط وفق جولد مان ساكس، خاصة إذا واصل الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي نهجه الحذر تجاه خفض الفائدة، مؤكدًا أن تصريحات مسئولي الفيدرالي مؤخرًا، وعلى رأسهم جيروم باول وكريستوفر والر، عززت توقعات المستثمرين بمزيد من الخفض، ما يدعم اتجاه الصعود.
السوق المحلية
وأكد أن السوق المحلية تشهد حالة من الهدوء في المبيعات رغم الارتفاعات المتتالية، مشيرًا إلى أن المتعاملين يترقبون اتجاه الأونصة العالمية، خاصة في ظل غياب مؤشرات على أي عمليات تصحيح هبوطي.
وشدد واصف على أن الاتجاه العام مازال صاعدا سواء عالميا أو محليا، مع توقعات باستمرار الطلب القوي على المعدن الأصفر كملاذ آمن في ظل تصاعد المخاطر الاقتصادية والجيوسياسية.
وقال إن العام 2025 يسجل حتى الآن أداءً تاريخيًا للذهب، قد يعيد رسم خريطة الاستثمارات العالمية في الأصول الآمنة خلال السنوات المقبلة.