عقب قرار حكومة الانقلاب برفع أسعار الوقود يواجه المزارعون تحديا جديدا يحول دون حصولهم على الأسمدة التى تحتاجها المحاصيل الزراعية حيث ارتفعت أسعار الأسمدة فى السوق الحرة بنسبة تتجاوز الـ 20% دفعة واحدة ما يضيف عبئا على تكلفة الانتاج ويهدد برفع أسعار المحاصيل والخضروات والفواكه فى الأسواق المحلية أو توقف الفلاحين عن الزراعة وتبوير أراضيهم .
كانت الأسمدة الكيماوية قد سجلت ارتفاعًا بنسبة تصل إلى 564٪ في الفترة من (2015/2016) إلى (2021/2022)، وهي قفزة توازت مع تضخم في مدخلات الطاقة والأسمدة والوقود، بحسب مركز حلول للسياسات البديلة، وخلال عام 2025، اقترب سعر طن الأسمدة في السوق الحر من 18 ألف جنيه بينما سجل طن نترات النشادر نحو 24 ألف جنيه وبلغ طن اليوريا حوالي 25 ألف جنيه.
فوارق ضخمة
في الجمعيات الزراعية، التي يُفترض أن تكون أسعارها مدعومة، ما زالت الفوارق ضخمة، فسماد النترات يُباع بسعر 7,800 جنيه للطن، وسلفات النشادر السائلة بـ 3,500 جنيه، بينما سلفات البوتاسيوم تصل إلى 21 ألفا للطن، أما شيكارة السماد فقد بلغ سعرها حوالى 1,300 جنيه في بعض المناطق، كذلك ارتفعت أسعار اليوريا الحرة من حوالي 1,100-1,200 جنيه إلى 1,600-1,700 جنيه خلال ثلاثة أشهر.
يشار إلى أن السماد يمثل نحو 32٪ من إجمالي تكاليف مستلزمات الإنتاج الزراعى نتيجة لذلك، بدأ بعض المزارعين في تقليل كمية الأسمدة المستخدمة بأراضيهم، وهو ما يؤثر على جودة المحاصيل وحجم الإنتاج. فيما اضطر بعض الفلاحين لتقليص الزراعة أو التوقف عنها مؤقتًا، ما يشير إلى تهديد حقيقي للأمن الغذائي المصري.
سعر العملة
فى هذا السياق كشف خبير زراعى يعمل فى احدى الجهات الحكومية أن الأزمة الحقيقية التي يواجهها القطاع الزراعي تكمن في أن الزراعة لا يمكن أن تستمر من دون الأسمدة، وفي الوقت ذاته فإن أغلب مدخلات العملية الزراعية باتت مرتبطة بسعر الدولار.
وقال الخبير الذى فضل عدم ذكر اسمه إن أكثر من 80% من مدخلات الزراعة مستوردة، بدءًا من التقاوي والمبيدات مرورًا بالأسمدة والمغذيات، وهو ما يجعل المزارع في مواجهة مباشرة مع أي تقلب في سعر العملة موضحا أنه كلما ارتفع الدولار، انعكس ذلك فورًا على تكلفة الإنتاج الزراعي، الأمر الذي يفاقم أزمة المزارعين الذين يعانون أصلًا من ارتفاع أسعار الوقود والعمالة وتراجع جدوى الزراعة.
وأشار إلى أن الأسمدة، باعتبارها أحد أهم مكونات الإنتاج الزراعي، تشهد فجوة واضحة بين ما توفره دولة العسكر من حصة مدعمة وبين ما يحتاجه المزارعون فعليًا مؤكدا أن هذه الفجوة تدفع الكثيرين إلى شراء كميات إضافية من السوق الحر بأسعار باهظة قد تصل إلى أربعة أضعاف السعر المدعوم. ومع غياب الرقابة الكافية وظهور السوق السوداء، ترتفع التكاليف بصورة غير محتملة، ما يؤدي في النهاية إلى ارتفاع أسعار السلع الغذائية التي تصل للمستهلك.
الأمن الغذائي
وأكد الخبير أن بعض المحاصيل تأثرت بشكل أكبر من غيرها بهذه الأوضاع، وعلى رأسها البطاطس والبصل. فالمزارعون يشتكون من ارتفاع تكلفة زراعة الفدان الواحد، حيث تتجاوز المصروفات في بعض الأحيان العائد المتوقع من البيع، خاصة مع تراجع الأسعار عند التوريد أو غياب آليات عادلة لتسعير المحصول.
وحذر من أن هذا الوضع لا يهدد فقط دخل الفلاحين، بل يهدد الأمن الغذائي المصري بأكمله، موضحا أن البطاطس مثلًا من المحاصيل الأساسية التي يعتمد عليها المستهلك في غذائه اليومي، والبصل يعد من المحاصيل الاستراتيجية التي تدخل في معظم الصناعات الغذائية.
وشدد الخبير على أن استمرار هذه الأوضاع دون حلول جذرية يعمق من أزمات القطاع الزراعي موضحا أن المشكلة ليست في المزارع نفسه، وإنما في غياب سياسات واضحة لدعم مستلزمات الإنتاج وضبط الأسواق، وهو ما يضع مستقبل الزراعة المصرية أمام تحديات صعبة تحتاج إلى تدخل عاجل من دولة العسكر .
