حالة رعب يعيشها الأهالى..خريطة إزالات جديدة بنزلة السمان بالتزامن مع افتتاح المتحف الكبير

- ‎فيتقارير

 

 

أهالى نزلة السمان المجاورة لأهرامات الجيزة يعيشون فى حالة من الرعب خاصة عقب تصريحات مصطفى مدبولى رئيس وزراء الانقلاب التى زعم فيها أن دولة العسكر بالتزامن مع افتتاح المتحف المصري الكبير تتابع مستجدات مشروع إعادة إحياء منطقة نزلة السمان كمقصد سياحي متكامل .

وقال مدبولى اأن المشروع يستهدف دمج نزلة السمان مع منطقة الأهرامات الكبرى لتصبح وجهة سياحية عالمية وفق تعبيره.

ويرى الأهالى أن تصريحات مدبولى تكشف عن خطة حكومة الانقلاب لإزالة مساكن نزلة السمان وتشريد السكان الذين يزيد عددهم عن 200 ألف نسمة .

يشار إلى أنه فى الوقت الذى تواصل فيه حكومة الانقلاب الحديث عن تحويل نزلة السمان إلى مقصدٍ سياحي عالمي يليق بموقعها الفريد، لا يزال عدد من المتضرّرين الذين ازيلت مساكنهم ينتظرون تعويضاتهم أو بدائل سكنية عادلة تُنهي معاناتهم الممتدة منذ أكثر من ثلاث سنوات فيما ينتظر بقية السكان حتى تُحسم القضية المنظورة أمام القضاء لوقف خطط الهدم والإزالة التى تنفذها حكومة الانقلاب دون اعتبار لهم .

 

خريطة إزالات

 

حالة الرعب التى يعيشها الأهالى تزايدت عقب تداول مواقع التواصل الاجتماعى خريطة تتعلق بمشروع تطوير نزلة السمان وهضبة الأهرامات ضمن خطة تطوير مزعومة، تهدف إلى تحويل المنطقة إلى مقصد سياحي وثقافي عالمي، وتُظهر الخريطة المخطط الاستراتيجي لهذه المنطقة، مع إبراز مناطق مختلفة بألوان محددة تشير إلى مراحل التطوير أو حالات الملكية أو الاستخدامات المقترحة للأراضي. 

وبحسب الخريطة المتداولة فإن الإزالات الجديدة، ستشمل مساحة 4819 مترا مربعا في نزلة السمان، من بينها 54 قطعة أرض تتضم مباني ذات خطورة داهمة، تظهر باللون السماوي، على مساحة قدرها     1715 مترا، بجانب 10 قطع أراضي، على مساحة 38325 مترا، ستتعرض للإزالات بسبب تدهور الحالة العامة للمباني، وتظهر على الخريطة باللون البرتقالي، إضافة إلى 221 قطعة أرض مباني في النطاق الأول، ضمن الطريق الصاعد لهرم خوفو بعرض 50 مترًا، على مساحة قدرها 24415 مترًا، وتظهر باللون البني، وإزالة 116 قطعة أرض مباني تدخل ضمن النطاق الثاني للطريق الصاعد لهرم خوفو، على مساحة 5126 مترًا مربعا، تظهر على الخريطة باللون الأزرق، كما تشمل الخريطة إزالات لتحقيق النسيج العمراني، تظهر باللون الأحمر، في حين تٌظهر المناطق المغطاة باللون الأخضر أن المباني التي تمت إزالتها فعليًا في نزلة السمان، هي 215 قطعة على مساحة 72900 مترا مربعا . 

 

تهجير قسري

 

حول هذه الكارثة قال أحمد فاروق، من سُكان نزلة السمان : أعيش أنا وأسرتى في قلق وحزن بعد أن فوجئنا  بخريطة الإزالات المتداولة، والتي يقع منزلى ضمن نطاقها مؤكدا أن عائلته تعيش في المنطقة منذ قرون، وتوارثت منازلها جيلًا بعد جيل

وانتقد فاروق فى تصريحات صحفية خطط وسياسات حكومة الانقلاب في التعامل مع الأهالى مؤكدا أن التعويضات التي تقدمها دولة العسكر لسكان نزلة السمان ليست منصفة. 

وأشار إلى أن الأهالي الذين أُزيلت منازلهم تلقوا مقابلًا لها إما تعويضات مالية زهيدة أو شققًا بنظام المنفعة العامة، رغم أن هذه المنازل كانت ملكًا خالصًا لهم بورق رسمي مؤكدا أن بعض الأسر لم تحصل على تعويضاتها إلا بعد مرور أربع سنوات كاملة من هدم منازلها وإجبارها على الإخلاء . 

وأكد فاروق أن أسعار الوحدات السكنية في الوقت الحالي ارتفعت بشكل كبير، إذ لا يقل ثمن الشقة على الطوب الأحمر عن 750 ألف جنيه، في حين أن منازل الأهالي في نزلة السمان، التي كانت مساحتها لا تقل عن 300 متر، جرى تقدير سعر المتر فيها بنحو 14 ألف جنيه فقط، دون أي تعويض عن المباني أو قيمة الإنشاءات. 

وأوضح أن أن عمليات الإزالة تمت باستخدام القوة الجبرية، دون منح السكان الوقت الكافي لتدبير بدائل أو التوصل إلى حلول عادلة، معتبرًا أن ما يحدث تهجير قسري لأهالي المنطقة التي تمثل جزءًا من تاريخ الجيزة وذاكرتها الاجتماعية. 

 

“سن العجوز”

 

وكشف خالد الجمال، المحامي بالمركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، أن الإزالات التي تمت في منطقة نزلة السمان حتى الآن شملت جزءًا صغيرًا فقط من المنطقة يُعرف باسم “سن العجوز”، حيث أُزيلت بعض الأكشاك والمنازل البسيطة، بينما لم يتجاوز عدد المتضررين بضع أسر، موضحًا أنه منذ بدء هذه الإجراءات في عام 2021، أقام المركز دعويين قضائيتين أمام محكمة القضاء الإداري للطعن على قرار نزع الملكية للمنفعة العامة، استنادًا إلى أن الأراضي مملوكة للأهالي منذ أكثر من مئتي عام، ولا تقع ضمن نطاق المنطقة الأثرية، إذ سبق لوزارة آثار الانقلاب أن أجرت حفريات فيها ولم تعثر على أي آثار. 

وقال الجمال فى تصريحات صحفية : المحكمة أحالت الدعويين إلى خبراء وزارة عدل الانقلاب لمعاينة العقارات وتحديد حالتها، وتبيّن من المعاينة أن المنازل مبنية بالخرسانة المسلحة وليست متهالكة أو عشوائية، وأن نزلة السمان تضم أكثر من تسعة آلاف غرفة فندقية تستقبل سائحين من ذوي الدخل المحدود، ما يجعلها مكوّنًا داعمًا للسياحة المحلية.  

وأشار إلى أن التقريرين الصادرين عن الخبراء لم يقدما نتيجة واضحة، إذ اكتفيا بحصر العقارات دون تقييم قانوني لمدى صحة قرار الإزالة . 

وشدد الجمال على أن قرار نزع الملكية خالف القانون في جميع إجراءاته، إذ صدر دون تحديد قيمة التعويضات، ودون إعداد كشوف بأسماء المتضررين أو إخطارهم أو تعليق الكشوف في الحي، كما لم تُودع مبالغ التعويض في حسابات بنكية كما يفرض القانون. لذلك، طلب الدفاع إعادة القضية إلى خبراء وزارة عدل الانقلاب لإعداد تقرير جديد أكثر وضوحًا، وقد وافقت المحكمة على ذلك لعدم وضوح التقرير السابق. 

وأضاف : دولة العسكر لم تنفذ أي عمليات إزالة جديدة منذ عام 2021 وحتى الآن بسبب القضايا المرفوعة، وهو ما طمأن الأهالي نسبيًا، موضحا أنه رغم ذلك أعلن مجلس وزراء الانقلاب عن خطة لتطوير منطقة على غرار القاهرة التاريخية، تتضمن تجميل المباني وتحديثها، وتحويل المحلات إلى بازارات ومرافق سياحية، مع السماح لمن يرغب بتحويل بيته إلى غرف فندقية، وهو ما لاقى قبولًا بين السكان . 

وأكد الجمال أن من حصلوا على تعويضات أو شقق بديلة هم سكان “سن العجوز” فقط، وأن عددهم قليل للغاية مقارنة بعدد سكان نزلة السمان الذين يتجاوزون 200 ألف نسمة، مشيرًا إلى أن بعضهم انتقل إلى شقق بنظام حق الانتفاع في حدائق أكتوبر، وأصبحوا مستأجرين يدفعون 250 جنيهًا شهريًا، بعدما كانوا من الملاك، وهو ما يتيح لدولة العسكر حق سحب الوحدات منهم في أي وقت. 

 

مخاوف مشروعة

 

وفيما يخص الخريطة الجديدة المتداولة للإزالات المرتقبة، أوضح الجمال أنها تشمل إزالة مساحة كبيرة تصل إلى نحو ثلث نزلة السمان، لإنشاء طريق وتوسعة مدخل منطقة أبو الهول، رغم أن مدخل الأهرامات الجديد من ناحية حدائق الأهرام والمتحف الكبير تم تطويره بالفعل دون حاجة إلى الإزالات، مشيرًا إلى أن المنطقة المستهدفة تضم عددًا كبيرًا من الفنادق والغرف السياحية، ما يعني أن تنفيذ الإزالات سيحرم السكان من مصدر رزقهم ويهدد استقرارهم الاقتصادي، خاصة أن التعويضات المقترحة لا تعكس القيمة الفعلية للعقارات .

ولفت إلى أن القضية ما زالت منظورة أمام القضاء، ولم يصدر أي قرار رسمي جديد بالإزالة، داعيًا إلى ضرورة الالتزام بإجراءات قانون نزع الملكية وإخطار أصحاب العقارات وتحديد التعويضات بشكل عادل قبل تنفيذ أي خطوة. 

وكشف الجمال أن خطط تطوير منطقة الأهرامات تثير مخاوف مشروعة لدى السكان، خاصة أن المنطقة تحتوي بالفعل على منشآت سياحية وفندقية، ولا حاجة لهدم مساكن نحو 200 ألف نسمة لإقامة مشاريع جديدة، معتبرًا أن التطوير الحقيقي يجب أن يتم بمشاركة الأهالي وفي نفس المكان، لتتحول نزلة السمان إلى منطقة سياحية شبيهة بخان الخليلي، دون تهجير سكانها أو تدمير نسيجها الاجتماعي .

وشدد على ضرورة أن توازن دولة العسكر إذا كانت تهدف إلى تطوير المنطقة لخدمة الاقتصاد والسياحة، بين المصلحة العامة وحقوق المواطنين، وأن تطرح تعويضات عادلة ومنصفة وتتعامل مع الأهالي بشفافية. 

 

  حق انتفاع

 

وأكد المحامي الحقوقي مالك عدلي، مدير المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، أن قضية نزلة السمان التي رفعها المركز أمام محكمة القضاء الإداري ما زالت قيد النظر، وقد أُحيلت إلى خبراء وزارة عدل الانقلاب منذ عدة أشهر، موضحًا أن الخبراء باشروا عملهم لنحو عام، إلا أن التقرير الذي قدموه إلى المحكمة جاء غير مكتمل، إذ لم يُنفذ بدقة ما طلبته المحكمة من إجراءات فنية، ما دفع المحكمة إلى إعادته مرة أخرى إلى الخبراء لإعداد تقرير جديد أكثر وضوحًا وتفصيلًا حول أوضاع العقارات والإجراءات القانونية التي تمت. 

وكشف عدلي فى تصريحات صحفية أن القرار الذي استندت إليه الإزالات في نزلة السمان لم يُنشر في الجريدة الرسمية أو في أي وسيلة رسمية أخرى، مشيرًا إلى أن المركز اضطر إلى اللجوء للمحكمة للحصول على نسخة منه .

وأشار إلى أن الإزالات التي تمت في عام 2021 شملت أجزاء من المنطقة، وأنها كانت تتم بشكل مفاجئ دون إخطار مسبق أو تحديد واضح للتعويضات، ما أثار اعتراضات واسعة بين الأهالي ودفعهم إلى التجمهر ومنع تنفيذ بعض الإزالات حتى التوصل إلى تفاهم مع سلطات الانقلاب. 

وقال عدلى ان حكومة الانقلاب عرضت على بعض المتضررين شققًا بديلة في مدينة حدائق أكتوبر بنظام حق الانتفاع مقابل إيجار شهري يبلغ 250 جنيهًا، وهو ما رفضه كثير من السكان لأنهم كانوا من الملاك وتحولوا بموجب هذا النظام إلى مستأجرين، ما يجعلهم مهددين بفقدان مساكنهم في أي وقت . 

وأوضح أن النزاع القانوني يدور بين فئتين من السكان: فئة من الملاك الذين يمتلكون عقودًا رسمية أو أوراق ملكية مثبتة، وهؤلاء يرفضون قرارات الإزالة لأنها تمس ممتلكاتهم الخاصة، وفئة أخرى من واضعي اليد الذين يقيمون في مناطق غير آمنة أو آيلة للسقوط مثل “سن العجوز”، وهي مناطق كانت دولة العسكر تخطط لإخلائها على أي حال، مشيرًا إلى أن الخسائر في بعض أجزاء نزلة السمان كانت كبيرة، إذ تضم المنطقة منشآت فندقية صغيرة وفيلات وأماكن مخصصة لاستقبال السياح. 

واعتبر عدلي أن المشكلة الجوهرية تتمثل في غياب الشفافية والإجراءات القانونية الصحيحة، مشيرًا إلى أن التطوير العمراني يجب أن يراعي حقوق السكان ويحترم القانون، لا أن يتم بقرارات مفاجئة أو دون نشر رسمي أو تعويض عادل.