حكومة الانقلاب لا تريد الانتظار..إخلاء فورى لشقق الإيجار القديم والمستأجرون يطردون إلى الشوارع

- ‎فيتقارير

 

 

 

تجدد الجدل حول قانون الإيجار القديم الذى أصدرته حكومة الانقلاب وصدق عليه عبدالفتاح السيسي ودخل حيز التنفيذ عقب نشره في الجريدة الرسمية خلال أغسطس الماضي، فى محاولة انقلابية لإعادة رسم ملامح العلاقة بين المالك والمستأجر .

ولأن حكومة الانقلاب لا تريد الانتظار رغم أنها وضعت فترة انتقالية لإنهاء عقود الإيجار القديمة 7 سنوات للسكنى و5 سنوات للإدارى إلا أنها تعمل حاليا على تنفيذ إخلاء فورى للوحدات السكنية أو التجارية في حال ما تسميه بمخالفة الضوابط المحددة حتى وان تم طرد المستأجرين إلى الشوارع وهى 3 حالات :

 1- ترك الوحدة مغلقة لأكثر من عام

نصت المادة السابعة من قانون الإيجار القديم على أحقية المالك في استرداد الوحدة المؤجرة إذا ثبت أن المستأجر تركها مغلقة أو غير مستخدمة لمدة تتجاوز 12 شهرًا دون سبب مشروع.

2- امتلاك وحدة بديلة مناسبة

حدد القانون أيضًا أن المستأجر الذي يثبت امتلاكه أو امتلاك أحد أفراد أسرته لوحدة سكنية أو تجارية مناسبة في نفس المدينة أو نطاق قريب، يفقد حقه في الاستمرار في الوحدة القديمة.

وفي هذه الحالة، يُلزم المستأجر بإخلائها فورًا، لمنع الجمع بين أكثر من وحدة مؤجرة بنظام الإيجار القديم.

 3- انتهاء مدة العقد دون تجديد

أنهى القانون الجديد عهد العقود المفتوحة الممتدة دون ضوابط، حيث نص على أن مدة الإيجار للوحدات السكنية تكون 7 سنوات، وللوحدات التجارية والإدارية 5 سنوات من تاريخ تطبيق القانون.

وبانتهاء المدة المحددة، يصبح على المستأجر إخلاء الوحدة ما لم يتم تجديد العقد باتفاق جديد بين الطرفين، وبذلك يعود التوازن إلى العلاقة التعاقدية بعد سنوات من الجمود.

 

عقود قانونية

 

فى هذا السياق قال المحامى بالنقض محمود عطيه ممثل اتحاد المستأجرين إن العلاقة الإيجارية تخضع لأحكام القوانين الخاصة المنظمة لعقود الإيجار، وأبرزها: القانون رقم 49 لسنة 1977 بشأن تأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر والقانون رقم 136 لسنة 1981 بشأن بعض الأحكام الخاصة بتأجير وبيع الأماكن، مشيرًا إلى أن العلاقة الإيجارية تنشأ بعقد، ولا يجوز إنهاؤها إلا بناءً على الحالات التى نص عليها القانون أو بحكم قضائى .

وأضاف «عطية» فى تصريحات صحفية : الشقق المغلقة وامتلاك المستأجر لوحدة بديلة وإثبات أن الشقة مغلقة لا يعنى تلقائيًا أحقية المالك فى استردادها، إلا إذا كانت مغلقة ولمدة طويلة دون استخدام فعلى، وثبت ذلك بأدلة واضحة (مثل فواتير مرافق منعدمة الاستخدام لفترة طويلة)

وأكد أن القانون ينص صراحة على أنه إذا ثبت أن المستأجر أو زوجته أو أولاده القُصّر يمتلكون وحدة صالحة للإقامة فى ذات المدينة، فإن ذلك قد يبرر إنهاء العلاقة الإيجارية، ولكن لا يكون ذلك تلقائيًا، بل يتطلب حكمًا قضائيًا بعد تقديم الأدلة الكافية، مشددا على أن فواتير الكهرباء والماء والغاز قد تُستخدم كقرائن على غلق الوحدة أو عدم استخدامها، لكنها لا تكفى وحدها لإثبات الإخلاء أو فسخ العقد .

وأوضح «عطية» أن المحكمة تنظر إلى مجمل الظروف والوقائع، وليس مجرد انخفاض أو انعدام الاستهلاك فى فترة معينة، لافتا إلى إن الدعوى أمام مجلس الدولة تعنى أن المدعى يطعن على قرار إدارى، أو يطالب بإثبات حالة معينة تجاه جهة إدارية (مثل شركات المرافق) وهذه الدعوى لا تُنهى العلاقة الإيجارية بذاتها، بل قد تستخدم لجمع مستندات تُقدم لاحقًا أمام محكمة الموضوع المختصة بفسخ عقد الإيجار.

 

العدالة الاجتماعية

 

وشدد على أن قانون الإيجار القديم فى صورته التى أقرها برلمان السيسي وصادق عليها قائد الانقلاب هو قانون ظالم ومفصل على مقاس كبار الملاك والمستثمرين العقاريين، ويمثل «طعنة فى قلب العدالة الاجتماعية» التى كفلها الدستور.

وقال «عطية» إن القانون الحالى لم يراعِ البعد الإنسانى ولا الاجتماعى، وتم تمريره تحت ضغط لوبى المال والعقار، دون حوار مجتمعى حقيقى، وحكومة الانقلاب تجاهلت ملايين الأسر التى لا تملك سوى هذه الشقق كمأوى وحيد لها، وقررت ببساطة أن ترفع عنها الحماية وتتركها فريسة لجشع السوق .

وأشار إلى أن القانون مهدد بالبطلان الدستورى، لأن مواده تتعارض مع نصوص الدستور الواضحة التى تنص على حماية السكن كحق أساسى للمواطن، وتمنع الإخلاء القسرى دون توفير بديل مؤكدا أن هناك دعاوى مقدمة أمام المحكمة الدستورية  تمثل الأمل الأخير فى إنقاذ مئات الآلاف من الأسر من التشريد.

 

توازن مفقود

 

وأكد المحامى أيمن محفوظ أن أزمة الإيجار القديم تمثل واحدة من أكثر القضايا الاجتماعية والقانونية تعقيدًا فى مصر، مشيرًا إلى أن القانون الجديد كان من المفترض أن يعيد التوازن المفقود بين المالك والمستأجر بعد عقود من تطبيق تشريعات استثنائية حوّلت العلاقة من عقد إيجار إلى ما يشبه التمليك المقنّع.

وقال محفوظ فى تصريحات صحفية كان من الضرورى قبل تطبيق القانون إطلاق حملات توعية قانونية شاملة للملاك والمستأجرين لتوضيح حقوقهم وواجباتهم، مشيرًا إلى أن غياب الوعى القانونى وافتقار بعض التصريحات الإعلامية للمسئولية والشفافية أسهما فى تأجيج الصراع وإثارة البلبلة المجتمعية.

وفيما يتعلق بكيفية تعامل القانون مع الحالات التى يرفض فيها المستأجر إخلاء الوحدة رغم انتهاء المدة القانونية، أو رغبة المالك فى استردادها، أوضح أن القانون الجديد وضع مسارًا قانونيًا متصاعدًا لتجنب الفوضى ففى البداية، يُمنح الطرفان فرصة للتفاوض المباشر، أو اللجوء إلى لجنة حكومية مختصة بدور الوساطة لتقريب وجهات النظر دون أن يكون لقراراتها حجية قضائية. 

وتابع محفوظ: فى حال فشل التسوية، يكون اللجوء إلى القضاء هو الحل النهائى، حيث يصدر الحكم بالإخلاء، وتتولى جهات تنفيذ القانون تطبيق الحكم فورًا دون أى تدخل شخصى من المالك .

وأشار إلى أن هذه الضوابط رغم كونها «مسكِّنات قانونية»، إلا أنها لا تعالج جذور التوتر بين الطرفين، محذرا من أن تطبيق القانون على أرض الواقع سيفتح الباب أمام خلافات اجتماعية حادة، ما لم تُتخذ إجراءات واقعية لاحتواء تلك الصدمات المجتمعية.

وقال محفوظ إن العدالة لا تتحقق إلا عندما تراعى دولة العسكر البعد الاجتماعى إلى جانب النص القانونى موضحا أن تحقيق التوازن بين المالك والمستأجر يتطلب تدخلًا عمليًا من دولة العسكر بآليات تنفيذ واقعية على الأرض .

وكشف أن التخبط الحالى بين الطرفين أدى إلى رفع الكثير من القضايا والإنذارات حتى قبل دخول القانون حيز التنفيذ مطالبا دولة العسكر بوضع نظام عادل لتوفير مساكن بديلة للفئات المتضررة، مع إعطاء أولوية للمستأجرين غير القادرين أو الذين لا يمتلكون وحدات سكنية أخرى.