يبدو أن قانون المسئولية الطبية وسلامة المريض المسجل برقم 13 لسنة 2025 دخل حيز التتفيذ مما سبب القلق والمخاوف عند الأطباء وباقى أعضاء الفريق الطبي .
وأمام هذا القلق العام من القانون الذي أقره السيسي في غفلة أو تغافل من الجمعية العمومية للأطباء، عبر أعضاء جدد بنقابة الأطباء بقائمة مستقبل مصر عن ارتياحهم من القانون، ونشرت صحيفة الشرق الأوسط تصريحا لعضو مجلس نقابة الأطباء المصرية يقول إن هناك ارتياحاً بين قطاع كبير من الأطباء بشأن قانون (المسئولية الطبية)، الذي حقق نحو 80 في المائة مما طالبت به النقابة.
https://aawsat.com/node/5203339
ويبدو أن هناك حالة من الاستياء بين بعض الأطباء تجاه طريقة تسويق قانون المسئولية الطبية من قبل الفائزين في انتخابات النقابة، حيث يُنظر إلى إعادة طرح القانون إعلاميًا على أنه دعاية انتخابية أكثر من كونه نقاشًا مهنيًا جادًا.
وهناك شعور بأن الحديث المتجدد عن القانون لا يهدف إلى الإصلاح الحقيقي، بل إلى تلميع صورة الفائزين في انتخابات النقابة. كما يُنظر إليه على أنه غير منصف في صيغته الحالية، ومع ذلك يتم الترويج له وكأنه إنجاز نقابي، دون الاعتراف بالثغرات التي أشار إليها متخصصون مثل د. إيهاب طاهر، وبدلا من أن تكون النقابة تكون صوتًا ضاغطًا لتعديل القانون، تكتفي بالاحتفاء به إعلاميًا، ما يُضعف ثقة الأطباء في تمثيلها الحقيقي لمصالحهم.
ويحتوي القانون على إيجابيات شكلية، لكنها مشوبة بسلبيات جوهرية تمس الأمان المهني للطبيب. واعتبر البعض أن إعادة طرحه إعلاميًا دون نقاش حقيقي أو تعديل ملموس يُعد استخدامًا سياسيًا أكثر من كونه نقابيًا.
أين الموقف الضاغط
عبر أطباء عن انتظارهم من النقابة موقفًا عمليًا وضاغطًا، لا مجرد دعاية، ورأى د. مصطفى جاويش وكيل وزارة الصحة الأسبق أن قانون المسئولية الطبية بصيغته الحالية ظالم للطبيب المصري ويُعد تهديدًا للمنظومة الصحية بأكملها، وليس مجرد تنظيم مهني.
وأضاف “جاويش”، “القانون تحوّل من حلم إلى كابوس، حيث كان يُنتظر أن يحمي الأطباء والمرضى، لكنه جاء مليئًا بالثغرات”، منتقدا غياب الحوار المجتمعي والمهني الحقيقي قبل إقرار القانون، خاصة بعد إلغاء الجمعية العمومية الطارئة للأطباء.
وأشار إلى أن القانون لا يضمن حماية حقيقية للطبيب، بل يفتح الباب لملاحقته جنائيًا حتى في حالات الخطأ غير الجسيم، معبّرا عن قلقه من أن القانون يُستخدم لتقييد الأطباء بدلًا من تنظيم المهنة، خاصة مع وجود مواد تسمح بمحاكمتهم وفقًا لقوانين أخرى غير قانون المسئولية الطبية.
واعتبر أن القانون لا يحقق التوازن المطلوب بين حقوق المرضى وحقوق الأطباء، بل يُرجّح كفة العقاب على حساب الدعم المهني.
ويرى جاويش أن القانون بحاجة إلى مراجعة شاملة وليس مجرد تعديل محدود، وأنه بصيغته الحالية يُهدد استقرار المنظومة الصحية ويُضعف ثقة الأطباء في بيئة عملهم.
https://x.com/drmgaweesh/status/1984725609592078378
10 سلبيات
عوضا عن ترميز بايجابيات القانون مثل؛ تشكيل لجنة فنية للمسئولية الطبية، وإنشاء صندوق للتأمين ضد أخطاء المهنة، وإلغاء الحبس في حالات الخطأ الطبي غير الجسيم، وتوقيع عقوبة على البلاغ الكاذب (بشرط إثبات سوء القصد).
أشار وكيل نقابة الأطباء الأسبق د. إيهاب طاهر إلى 10 سلبيات تخص قانون المسؤولية الطبية مثل:
تعريف “الخطأ الجسيم” مطاط وغير حصري، مما يفتح باب التأويل والحبس.
تحميل الطبيب مسئولية تجهيز المنشأة، رغم أن ذلك من اختصاص الإدارة.
إمكانية محاكمة الطبيب بقوانين أخرى غير قانون المسئولية الطبية.
فرض غرامة على الخطأ غير الجسيم، رغم أنه ليس جريمة، والغرامة لا تذهب للمريض.
السماح للشاكي بالتوجه مباشرة للنيابة دون المرور بلجنة المسئولية الطبية.
تقرير اللجنة الفنية غير ملزم قانونًا.
الصندوق لا يغطي جميع التعويضات أو الغرامات القضائية.
إمكانية استخدام أموال الصندوق في أغراض غير مرتبطة بالأخطاء الطبية.
عقوبات الاعتداء على الأطباء ضعيفة مقارنة بعقوبات الخطأ الطبي.
عقوبات على مخالفات إجرائية أشد من عقوبات الاعتداء العمدي على الأطباء.
وأمام هذا القانون المشوبة مواده بسلبيات خطيرة قد تُعرض الأطباء للمساءلة والحبس دون حماية كافية. دعا د. إيهاب الأطباء لقراءة القانون جيدًا واتخاذ الحيطة، منتقدًا تجاهل النقابة لعرض الجوانب السلبية.
https://www.facebook.com/photo/?fbid=25665077209761634&set=a.465476373481732
ورأت د. منى مينا العضو السابق بنقابة الأطباء أن “القانون يفتقر إلى العدالة، إذ تحوّل إلى وسيلة لجمع الاشتراكات في صندوق التأمين دون تقديم ضمانات حقيقية لحماية الأطباء”.
وانتقدت Mona Moen Mina إلغاء الجمعية العمومية من قبل نقيب الأطباء، حيث اعتبرت هذه الخطوة إجهاضًا لصوت الأطباء ومحاولة لتمرير القانون دون توافق مهني.
وقالت د. إبتسام الصغير إن هناك حالة إحباط عام بين الأطباء، حيث أصبح السفر خيارًا جذابًا للهروب من بيئة العمل الحالية، ما يشير إلى أزمة ثقة في النظام الصحي والتشريعي.”.
وانتقد مجدي تامر Magdy Tamer: : ضعف موقف النقابة، ويقارنها بنقابات أخرى أكثر صلابة وتأثيرًا، موضحا أن النقابة تتحدث إلى الأطباء فقط دون الضغط الحقيقي على المشرّع، ويقترح تصعيدًا نقابيًا (مثل التهديد بالإضراب الجزئي) للضغط من أجل تعديل القانون.
ملخص السلبيات:
1- وضع القانون بالمادة (1) تعريفا مطاطا للخطأ الجسيم (يسمح باختلاف التأويل)، وذلك على الرغم من أن عقوبته مشددة وهى الحبس لمدة تصل لخمس سنوات وغرامة تصل لمليونى جنيه أو إحداهما.
السلبيات: كان يجب أن يكون التعريف حصريا ولا يقبل التأويل خاصة أن تقرير اللجنة الفنية غير ملزم لجهات التحقيق، وذلك حتى لا نترك احتمالا لحبس الطبيب لمجرد اختلاف التأويل.
2- نص القانون بالمادة (7) على ضرورة أن تكون المنشأة الطبية مهيأة بشكل مناسب للإجراء الجراحى، كما نص على أن يكون الطبيب مؤهلاً لإجراء الجراحة بحسب تخصصه وخبرته والمزايا الإكلينيكية المعتمدة…. وعقوبة عدم الالتزام بذلك هى الحبس لمدة تصل إلى سنة وغرامة تصل لمائة ألف جنيه أو إحداهما.
السلبيات: كان يجب النص على أن إدارة المنشأة هى المسئولة بمفردها عن التأكد من تمام التجهيزات حيث إن الطبيب لن يتسنى له ذلك، حتى لا نترك احتمالا لحبس الطبيب حال وجود نقص أو تعطل بالتجهيزات. يُضاف لذلك أن نظام الامتيازات الإكلينيكية لم يتم تطبيقه حتى الآن بمصر، فهل سيُحاسب الطبيب عليه قبل تطبيقه؟
3- وضع القانون بالمادة (23) الخاصة بالعقوبات عبارة “مع عدم الإخلال بأي عقوبة أشد منصوص عليها في أي قانون آخر”.
سلبية هذه العبارة أنها تفتح الباب لإمكانية محاكمة الطبيب بموجب مواد قانون العقوبات طبقا لتوصيف الاتهام وليس فقط بموجب قانون المسئولية الطبية، فإذا كانت الحجة التى يقولها البعض هى أن هذه العبارة ضرورية لتكامل القوانين، فقد كان الأحرى وضع هذه العبارة فى صدر مادة عقوبات الاعتداء على المستشفيات أو الإهمال الجسيم فقط،، ولكن لا يجب أن تسرى أبدا على الخطأ الطبى (غير الجسيم) لأنه خطأ وارد ولا يجوز اعتباره جريمة.
4- فرضت المادة (28) عقوبة قضائية على الخطأ الطبى (غير الجسيم) فقد فرضت غرامة تصل إلى مائة ألف جنيه. وهذه العقوبة عجيبة، فالخطأ الطبى غير الجسيم ليس جريمة، بل هو خطأ مهنى وارد الحدوث فى العالم كله، مع الوضع بالاعتبار أن الغرامة لن تذهب للمريض بل ستدخل خزانة الدولة، وبالتالى كان يجب أن يكون هناك فقط تعويض من الصندوق للمتضرر.
وماذا سيفعل الطبيب الشاب الذى لن يستطيع تسديد الغرامة الكبيرة .. هل سيتم حبسه؟
5- فتحت المادة (12) الباب للشاكى بالتوجه المباشر للشرطة والنيابة دون اللجوء أولا للجنة المسئولية الطبية لتحديد وجود خطأ من عدمه، وبالتالى فقد يجد الطبيب نفسه عرضة لتحقيقات مطولة فى قضية هو برىء منها تماما.
6- لم يتم النص بالمادة (18) على كون لجنة المسئولية الطبية هى الخبير الفنى (الوحيد)، فإذا علمنا أن تقرير اللجنة سيكون غير ملزم لجهات التحقيق، فإن ذلك قد ينتج عنه سلبيات أثناء التطبيق.
7- أنشأ القانون بالمادة (20) صندوقا للتأمين عن أخطاء المهنة وسيكون دفع قيمة الاشتراك به إلزاميا على أعضاء المهن الطبية، ولكن للأسف لم يتم النص على أن الصندوق سوف يغطى (جميع) التعويضات، كما لم يتم النص على تغطية الغرامات القضائية.
8- نصت المادة (20) على جواز مساهمة صندوق التأمين فى تغطية الأضرار (الأخرى) التى تلحق بمتلقى الخدمة، وهذا يفتح الباب لإمكانية استخدام أموال الأطباء وأعضاء المهن الطبية التى دفعوها كاشتراكات فى أغراض أخرى غير الأخطاء الطبية.
9- وضع القانون بالمواد (24, 25) عقوبات هزيلة على جريمة الاعتداء على الأطباء، وبالتالى فهى لن تمثل رادعا حقيقيا يحد من تكرار الاعتداءات، والمفارقة أن الحد الأقصى للغرامة فى حالة الاعتداء على الأطباء هى خمسين ألف جنيه (وهو اعتداء عمدى)، فى حين أن الحد الأقصى للغرامة فى حالة الخطأ الطبى غير الجسيم هى مائة ألف جنيه (وهو خطأ غير عمدى).
ملحوظة:عقوبات الاعتداء بالسعودية رادعة، فهى تصل للسجن عشر سنوات وغرامة مليون ريال.
10- المادة (27) وضعت عقوبات على بعض المحظورات مثل (عدم الحصول على موافقة المريض – الكشف على الجنس الآخر دون وجود شخص ثالث – عدم إجراء الفحوصات اللازمة – كون المنشأة غير مهيأة بشكل كاف لإجراء الجراحة….وغيرها) وذلك بالحبس لمدة تصل لسنة أو غرامة تصل لمائة ألف جنيه أو إحداهما.
روابط القانون والقرارات المكملة:
https://moj.gov.eg:73/Doc/001/70640132025.pdf
