تتجاهل حكومة الانقلاب إجراء أية دراسات قبل تنفيذ المشروعات، وذلك بتوجيه من عبد الفتاح السيسي قائد الانقلاب الدموي الذي لا يعترف بالبحث العلمي، ولا بأهمية دراسة المشروعات ولا بحقوق المصريين في الانتفاع والاستمتاع بموارد وثروات البلاد .
هذا التجاهل يتزامن مع التوسع في إقامة مشروعات سياحية على الساحل الشمالي ، يملكها رجال أعمال مصريون وخليجيون وصناديق سيادية في دول الخليج العربي، بالإضافة إلى استثمارات خاصة بحكومة الانقلاب، وهو ما تسبب فى ارتفاع معدل نحر الشواطئ بشكل واضح في تلك المنطقة.
هذه المشروعات تتجاهل أيضا أن الشواطئ هي أملاك عامة لجميع الشعب المصري ولا يجوز إغلاقها قانونا، لكن الواقع يشير إلى أن الشواطئ لم تعد متاحة كما كان الحال في السابق .
يشار إلى أن عدد القرى السياحية الشاطئية تزايد خلال الفترة من (2019-2024) بمقدار 478 قرية سياحية، في حين بلغت حصة الشواطئ الخاصة من إجمالي الشواطئ في البلاد 88 في المئة (2024 )، مقارنة بـ 14 في المئة عام 2013، وفق بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء.
وأكد الجهاز أن عدد القرى السياحية الشاطئية بلغ 562 قرية عام 2024، فيما يصل عدد الشواطئ الخاصة إلى 500 شاطئ.
شواطئ غير مفتوحة
هذه الحقيقة المرة أكدها أحمد حسين 38 عامًا، من محافظة مطروح، مشيرا إلى أنه لا يتمكن وعائلته من دخول شواطئ كانت مفتوحة أمامهم في الماضي؛ مثل رأس الحكمة أو الساحل الشمالي بدءاً من مارينا.
وأشار حسين في تصريحات صحفية إلى تغير خريطة المُتَنَزَّهات؛ مؤكدا أنه لم يعد أمام أهالي مطروح سوى السير على الممشى السياحي، أو البحث عن أماكن بعيدة، ما يضاعف الأعباء المادية والمعنوية.
وشدد على أن دخول المناطق الساحلية، بداية من مارينا، كانت متاحة أمامهم في السابق، موضحا أن أجمل ما كان يميز مطروح هو التعامل مع الطبيعة: “بنزل الميه وبشم الهواء وبتعرض للشمس”.
وأعرب حسين عن أسفه لاختفاء مظاهر الجمال مع دخول الإنشاءات والمباني، لافتا إلى أن المتاح حالياً هو تعامل استثماري بحت، عايز تستمتع بالطبيعة اللي ربنا خلقها لازم تكون قد التكلفة .
وقال: “لم نعد نمارس هواياتنا المعتادة كالصيد أو السباحة أو رحلات السفاري، فضلًا عن الأسعار الفلكية للخدمات، مقارنة بباقي أنحاء الجمهورية “.
وأضاف حسين : منذ عام ونصف، لم أتمكن من اصطحاب أسرتي إلى البحر.
حق للمواطنين
وقال حسام محرم المستشار السابق لوزير البيئة: إن “نظام القرى السياحية الذي بدأ في السبعينيات بإغلاق شواطئها على قاطنيها أمر غير دستوري، وقد يُنقض قضائياً حال رفع دعوى أمام المحكمة الدستورية”.
وأكد محرم في تصريحات صحفية أن الشواطئ العامة حق للمواطنين، ولا مانع من وجود مطاعم ومتنزهات بضوابط بيئية، شريطة ألا يمتد الامتياز إلى منع المواطنين من دخول الشواطئ وقصرها على المستفيدين من القرى السياحية، حيث تُقدم الخدمات برسوم باهظة، مشيراً إلى أن 60 إلى 70 في المئة من المواطنين غير قادرين على الاستمتاع بها.
ممنوع الدخول
وقالت المحامية الحقوقية، انتصار السعيد، رئيسة مجلس أمناء مؤسسة القاهرة للتنمية والقانون: إن “الشواطئ العامة حق مكفول للناس، وفق الدستور” موضحة أنه “مش معقول أن بلدا فيها آلاف الكيلومترات من البحر، يتحول أغلبها لبوابات مغلقة ولافتات (ممنوع الدخول إلا للنزلاء)، وكأن البحر بات مِلْكاً خاصاً”.
وأشارت انتصار السعيد فى تصريحات صحفية إلى إمكانية الطعن القضائي إذا ثبت أن هناك ممارسات تتضمن تخصيص أو تأجير الشواطئ العامة، أو تغيير طبيعة الأرض الساحلية، بما يخالف الدستور أو القوانين البيئية.
وأكدت أن الموارد الطبيعية (ومنها الشواطئ والسواحل) مملوكة للشعب، مشددة على أن دولة العسكر مسئولة عن حمايتها وعدم التفريط فيها.
وأوضحت انتصار السعيد أن كلا من المادتين 32 و45 من دستور 2014، وقانون البيئة رقم 4 لسنة 1994، تنص على وجوب الالتزام بشروط حماية البيئة، والحصول على موافقات بيئية قبل أي نشاط تطويري، خصوصاً في المناطق الساحلية ذات الحساسية البيئية العالية.
وشددت على أنه ليس من حق أي جهة -حتى دولة العسكر- التنازل عن الشواطئ من دون ضوابط شفافة، وتحقيق مصلحة عامة حقيقية .
احتكار الشواطئ
وأكد حسين أبو طالب الرئيس السابق لمركز ومدينة الضبعة، بمحافظة مطروح، علم سلطات الانقلاب بقصر استخدام شواطئ المشروعات السياحية في الساحل الشمالي على نزلائها؛ مشيرا إلى أن ذلك جاء إثر مطالبة إدارات حكومية في محافظة مطروح، لقرى سياحية بدفع رسوم مقابل حق الانتفاع بالشواطئ والبحر.
وقال أبو طالب في تصريحات صحفية: إن “تلك المشروعات مُنحت تراخيص لإقامة المنشآت على الأراضي المواجهة للبحر، لا لاحتكار الشواطئ التي هي ملكية عامة؛ لذا يجب الدفع مقابل ذلك”.
وأكد أنه لا يوجد في العقد المبرم بين المحافظة، وهي جهة الولاية، والقرية التي تقع فيها الأرض ما يشير إلى أن الشاطئ والبحر مِلك لتلك المشروعات.
وأوضح أبو طالب أن القرى السياحية لها وضع خاص وقافلة على نفسها، والملاك هم اللي يستخدموا الرمل والبحر، مؤكدا أنه من رابع المستحيلات أن أي قرية في الساحل الشمالي بالذات، تسمح بدخول أحد ، مفيش حد يقدر يخش.
