تصريحات إبراهيم عيسى.. رسالة أمريكية مُبطّنة لنظام السيسي عن فشل أحزابه شعبيا

- ‎فيتقارير

 

تثير تصريحات الإعلامي الانقلابي إبراهيم عيسى ـ المعروف بِصِلاته الوثيقة بدوائر المخابرات الأمريكية وقنواتها الفضائية مثل قناة الحرة ، وبمواقفه المتقلبة تبعًا لمصادر تمويله ـ تساؤلات حول توقيتها ومغزاها السياسي، خصوصًا أنها جاءت في وقت تتزايد فيه مؤشرات العزلة الشعبية لنظام عبد الفتاح السيسي وتراجع شرعية مؤسساته.

 

إذ قال عيسى: إن "النظام في مصر يتجنب إجراء انتخابات حقيقية تعكس نبض الشارع ، خوفًا من عودة التيار الإسلامي إلى المشهد السياسي، مؤكدًا أن "الإخوان المسلمين ما زالوا التنظيم الأكثر انضباطًا رغم تراجعهم" وأضاف أن الدولة المصرية "قوية أمنيًا لكنها هشة سياسيًا، ولا تملك أحزابًا ذات ظهير شعبي حقيقي"، في إشارة ضمنية إلى فشل مشروع الأحزاب المصنوعة داخل أجهزة الدولة.

 

هذه التصريحات، رغم صدورها عن أحد أبرز الأصوات الإعلامية الموالية للسلطة منذ الانقلاب، تبدو أقرب إلى رسالة أمريكية مبطنة للنظام، مفادها أن واشنطن تدرك حجم الفجوة بين النظام والشعب، وأن القبضة الأمنية وحدها لم تعد كافية لتثبيت الاستقرار السياسي.

 

وفي لهجة انتقادية غير معتادة، تساءل عيسى عن مصادر تمويل الأحزاب وملايين الجنيهات التي تُدفع مقابل الترشح على قوائمها، مشيرًا إلى أن البرلمان الحالي يشبه نسخة مكررة من برلمان 2010، الذي كان أحد أسباب اندلاع ثورة يناير، مؤكدًا أن الدولة تعيد إنتاج نفس الأخطاء تحت مظلة "انتخابات شكلية" لا تعبّر عن الإرادة الشعبية.

 

كما كشف الإعلامي المقرب من دوائر القرار أن النظام يعتمد على "نظام المندوبين والتعيين" بدلًا من المنافسة الحرة، وأن جهاز الدولة يخشى أي عملية اقتراع حقيقية يدرك مسبقًا أنه سيفشل فيها أمام أي تيار معارض منظم.

 

ويرى مراقبون أن لهجة عيسى تحمل إشارات غير مباشرة من واشنطن إلى أن نظام السيسي فقد أي قاعدة دعم شعبية، وأن الإبقاء عليه في المشهد لم يعد مضمونًا ما لم يُحدث تغييرًا في بنيته السياسية المغلقة.

 

ويؤكد السياق السياسي العام صحة هذه القراءة، إذ تأتي تصريحات عيسى في وقت يغيب فيه أي نشاط معارض داخل مصر، وتُكمم فيه الأفواه تحت ذريعة الأمن القومي، بينما يقبع المئات من رموز التيار الإسلامي والمعارضين الليبراليين واليساريين في السجون، فيما لجأ آخرون إلى المنفى.

 

في النهاية، يمكن القول: إن "إبراهيم عيسى لم ينقلب على النظام بقدر ما نقل له رسالة تحذير دولية، أن شرعية القوة لا يمكن أن تعوّض غياب الشرعية الشعبية، وإن التمسك بمشهد سياسي ميت لن يحمي النظام من غضب قادم، مهما طال الصمت".