تناقض صارخ.. الحكومة تسدد الديون الخارجية بقروض جديدة!!

- ‎فيتقارير

 

في ظل الأزمة الاقتصادية المتفاقمة وارتفاع أعباء الديون على دولة العسكر، أطلق البنك المركزي المصري، نيابة عن وزارة مالية الانقلاب، الإصدار الثاني من الصكوك السيادية المحلية بقيمة 3 مليارات جنيه . 

ورغم ترويج حكومة الانقلاب لهذا الطرح باعتباره خطوة استراتيجية لتنويع مصادر التمويل وجذب مستثمرين جدد، إلا أن الواقع الاقتصادي وملامح البرنامج تثير العديد من التساؤلات حول فعاليته وجدواه، بل وتحمله لشبهات "تدوير الديون" تحت عباءة الشريعة الإسلامية. 

 

أكبر استدانة 

 

فى هذا السياق كشفت وكالة "بلومبرج" عن خطط لأكبر استدانة فصلية محلية في تاريخ مصر، تتجاوز 2.5 تريليون جنيه خلال الربع الحالي من العام المالي الحالي، وتشمل الخطة طرح أدوات دين متنوعة أبرزها أذون خزانة بقيمة 2.04 تريليون جنيه تمثل 81 بالمئة من الإجمالي، وسندات خزانة بقيمة 462 مليار جنيه. 

ووفق بيانات رسمية، تشمل الخطة أيضا طرح صكوك سيادية بقيمة 20 مليار جنيه، فيما رفعت وزارة مالية الانقلاب مستهدفاتها للاقتراض المحلي بنحو 7 بالمئة مقارنة بالربع السابق، فضلا عن سندات الخزانة ثابتة ومتحركة العائد وتمثل 18 بالمئة من الطروحات بقيمة 462 مليار جنيه، أما الصكوك السيادية فتمثل أقل من 1 بالمئة فقط بقيمة 20 مليار. 

وفي وقت سابق، رفع البنك المركزي تقديرات خدمة الدين الخارجي خلال عام 2026 مقدما معطيات تعكس عودة الارتفاع بعد فترة من التراجع النسبي خلال العام الماضي، حيث ارتفع الدين الخارجي بواقع 1.3 مليار دولار، ليصل إلى نحو 29.18 مليار دولار، مقارنة بحوالي 27.87 مليار دولار سابقاً . 

وبحسب بيانات "المركزي" فإن قيمة الأقساط المستحقة ارتفعت بنحو 1.1 مليار دولار، مسجلة 23.79 مليار دولار، مقابل 22.72 مليار دولار سابقاً، وزادت تقديرات سداد فوائد الدين بنحو 250 مليون دولار، لتصل إلى نحو 5.4 مليار دولار في 2026. 

 

فوائد الديون 

 

وواصلت فوائد الديون الضغط على الميزانية ، مفاقمة العجز إلى 2.5 بالمئة، في الربع الأول من السنة المالية (2025-2026)، لتشكل العبء الأكبر على الاقتصاد المصري. 

وكشف التقرير الشهري الصادر عن وزارة مالية الانقلاب أن فوائد الديون ارتفعت بنسبة 54% مسجلة 695 مليار جنيه من إجمالي الميزانية، لترفع العجز الكلِّي إلى 2.5 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي، مقابل 2.1 بالمئة للفترة نفسها من السنة المالية الماضية مسجلة 23.79 مليار دولار، مقابل 22.72 مليار دولار سابقاً، وزادت تقديرات سداد فوائد الدين بنحو 250 مليون دولار، لتصل إلى نحو 5.4 مليار دولار في 2026. 

 

فوائد وأقساط 

 

وكشف تقرير الوضع الخارجي للاقتصاد المصري الصادر عن البنك المركزي أن حكومة الانقلاب سددت نحو 30.1 مليار دولار خلال التسعة أشهر الأولى من العام المالي 2024/2025، توزعت بين 24.3 مليار دولار أقساطاً مستحقة و5.8 مليار دولار فوائد . 

وأوضح التقرير أن الزيادة جاءت نتيجة ارتفاع مدفوعات أصل الدين بنحو 6.8 مليار دولار، بينما شهدت الفوائد انخفاضًا بحوالي 0.5 مليار دولار خلال نفس الفترة. 

وأشار إلى أن نسبة الدين الخارجي إلى الناتج المحلي الإجمالي ارتفعت إلى 44.5 بالمئة بنهاية مارس 2025، مقارنة بـ 38.8 بالمئة بنهاية يونيو 2024، فيما وصل إجمالي الدين الخارجي إلى 156.7 مليار دولار بنهاية مارس، بزيادة قدرها 3.8 مليار دولار عن نهاية يونيو 2024، نتيجة زيادة القروض الخارجية بنحو 3.3 مليار دولار. وواصل إجمالي الدين الخارجي الارتفاع إلى 161.2 مليار دولار بنهاية سبتمبر 2025، بزيادة تجاوزت 300 بالمئة، وبلغت نسبة الدين قصير الأجل من إجمالي الدين 19.2 بالمئة بنهاية مارس 2025، مقارنة بـ 17بالمئة بنهاية يونيو 2024. 

 

احتياطيات المركزي 

 

من جانبه قال سري فيرنشي كاديالا، اقتصادي في بنك أبوظبي التجاري: حكومة الانقلاب تواجه دائماً موجة متكررة من استحقاقات الدين الخارجي.  

وأضاف كاديالا أن سداد الديون الخارجية في السنة المالية المنتهية في 30 يونيو 2026 سيبلغ نحو 80 في المئة من احتياطيات البنك المركزي من العملات الأجنبية.  

 

​تناقض صارخ 

 

 وتساءل الخبير الاقتصادى مصطفى عبد السلام عما يدور في ذهن صانع القرار بشأن ملف الدين الخارجي الذي تفاقم بدرجات خطيرة خلال السنوات الأخيرة، مؤكدا أن التناقض الصارخ هو أهم ما يُميز هذا الملف بالغ الحساسية، وما تعلنه حكومات الانقلاب المتعاقبة من خطط بشأن الحد من الدين الخارجي وأعبائه الضخمة والتي تصل إلى نحو 30 مليار دولار في السنة، وربما أكثر. 

وقال عبدالسلام فى تصريحات صحفية : الحديث عن خفض الدين إلى مستويات آمنة، تنسفه كليًا السياسات الرسمية والممارسات العملية من قبل دولة العسكر حيث التوسع القياسي في الاقتراض من الشرق والغرب ومن الدول والمؤسسات وأسواق المال، يصاحب ذلك ضرب حكومات الانقلاب عرض الحائط بكل التحذيرات المتتالية من انفجار هذا الملف في أي لحظة وتأثيراته الكارثية على الاقتصاد والمواطن والأمن الاقتصادي والقومي لدولة العسكر 

وأوضح أنه في الوقت الذي تخرج فيه حكومة الانقلاب برئاسة مصطفى مدبولي قبل أيام معلنة أنها تستهدف خفض الدين الخارجي بقيمة ملياري دولار سنويا، مع وضع سقف للاستدانة واستخدام القروض الميسرة واستبدال الديون قصيرة الأجل، نجد أن هذا الدين ارتفع بنحو ستة مليارات دولار منذ بداية العام 2025، ليصل إلى 161.2 مليار دولار في نهاية الربع الثاني. 

وأضاف عبدالسلام : في الوقت الذي يخرج فيه مدبولي قائلا إن حكومته تستهدف النزول بمعدلات الدَّين إلى أقل رقم شهدته مصر على مدار تاريخها خلال السنوات الخمس المقبلة، يوافق مجلس نواب السيسي على قرض جديد من الاتحاد الأوروبي بقيمة أربعة مليارات يورو ، تحت بند دعم الاستقرار المالي وتعزيز احتياطي النقد الأجنبي وتخفيف الضغوط على الموازنة العامة لدولة العسكر. وبعدها مباشرة يخرج رئيس لجنة الخطة والموازنة بمجلس نواب السيسي، فخري الفقي، قائلا إن المجلس وافق على قرض الاتحاد الأوروبي ضمن حزمة قروض وتمويل بقيمة 7.4 مليارات يورو . 

 

البنك الأوروبي 

 

وأشار إلى أن الأمر لا يتوقف عند هذا الحد، فحكومة الانقلاب تعتزم توقيع اتفاق قرض جديد مع البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية (EBRD) الشهر الجاري، بقيمة 220 مليون يورو لتمويل إنشاء محطة محولات كهرباء.  

وأوضح عبدالسلام أنه في الوقت الذي يعلن فيه البنك المركزي تجاوز حجم الاحتياطي الأجنبي 50 مليار دولار لأول مرة، نجده في الأسبوع نفسه يقترض من البنوك المحلية ما يزيد على 2.17 مليار دولار من العملات الأجنبية في أقل من أسبوع لسداد ديون وذلك عبر طرح أذون خزانة منها أذون دولارية بقيمة 1.547 مليار بعائد 3.749% ولمدة عام، وأذون باليورو بقيمة 627.8 مليون ولمدة عام أيضا وبعائد 2.25%. 

ولفت إلى أنه في الوقت الذي تعلن فيه حكومة الانقلاب إبرام صفقة عقارية ضخمة مع شركة الديار القطرية بقيمة تقارب 30 مليار دولار، منها 3.5 مليارات دولار هي قيمة الأرض وسيتم سدادها قبل نهاية ديسمبر الجاري، ويخرج مدبولي قائلا إن أغلب العائدات النقدية من الصفقة الأخيرة ستُوجَّه لتخفيض الدين العام وتعزيز احتياطيات النقد الأجنبي، يخرج علينا محمد معيط، عضو مجلس المديرين التنفيذيين وممثل المجموعة العربية بصندوق النقد الدولي، قائلا إن دولة العسكر تترقب الحصول على قروض بقيمة 2.4 مليار دولار من الصندوق بعد إتمام المراجعتين الخامسة والسادسة من قبل البعثة الفنية التي من المقرر أن تزور مصر خلال أيام.