تراجع أسعار الحديد… وجه آخر لركود عقاري خانق يضرب السوق المصرية

- ‎فيتقارير

تراجع أسعار الحديد… وجه آخر لركود عقاري خانق يضرب السوق المصرية

 

في انعكاس مباشر لحالة الركود التي تضرب سوق العقارات في مصر، كشف محمد حنفي، مدير غرفة الصناعات المعدنية باتحاد الصناعات، أن الهبوط الحاد في أسعار حديد التسليح خلال نوفمبر الجاري سببه الرئيسي تراجع المبيعات المحلية بنحو 20% مقارنة بالعام الماضي، وهو مؤشر اقتصادي لا يمكن تجاهله في ظل توقف أعمال البناء لدى الأفراد وتباطؤ المشروعات العقارية.

 

قبل أيام، خفّضت شركة حديد عز—أكبر منتج محلي—سعر الطن بأكثر من 4000 جنيه ليصل إلى 34 ألف جنيه تسليم المصنع بدلاً من 38.2 ألفًا، في خطوة صاحبتها إجراءات مماثلة من شركات كبرى مثل السويس للصلب.

 

 قرار الخفض المفاجئ جاء بسبب تراكم المخزون في المصانع، ما اضطر المنتجين إلى تقديم تخفيضات وعروض غير مسبوقة.

 

استهلاك ينهار.. ومخزون يتراكم

 

يوضح حنفي أن السوق المحلي استهلك نحو 7 ملايين طن من الحديد خلال الفترة من يناير إلى نوفمبر العام الماضي، بينما لم يتجاوز الاستهلاك هذا العام 5.5 ملايين طن، في تراجع يعكس شلل قطاع البناء لدى الأفراد والدولة على حد سواء.

 

كما انخفضت صادرات الحديد بأكثر من 10% لتسجل 1.8 مليون طن فقط في 2025، ما زاد الضغط على المنتجين داخل السوق المحلي.

 

وبحسب بيانات الغرفة، يذهب 40% من استهلاك الحديد للأفراد، و40% للمشروعات السكنية للدولة والقطاع الخاص، بينما تستهلك مشروعات البنية التحتية والخدمات نحو 20%.

 

إلا أن هذه المعادلة تعطلت هذا العام بعد توقف تراخيص البناء وضعف الإقبال على شراء وحدات سكنية، خصوصًا في الدلتا والصعيد.

 

الحكومة تمتنع عن البناء… والمواطن عاجز عن الشراء

 

يشير حنفي إلى أن استهلاك الجهات الحكومية من الحديد تراجع بدوره، بعدما أصبح لدى الدولة مخزون كبير من الوحدات الجاهزة التي نُفذت في السنوات الماضية، ما قلل حاجتها لبناء جديد.

 

أما الأفراد، فقد خنقهم الارتفاع الجنوني لأسعار العقارات، إلى جانب الإجراءات المقيدة للبناء.

 

 الركود العقاري يضغط على الجميع: الدولة والمطورون والأفراد

 

 في سياق متصل، كشف مصدر في هيئة المجتمعات العمرانية أن خطة الهيئة لتسويق مخزونها من الشقق—والتي انطلقت في يوليو 2024لم تحقق أي نجاح يُذكر حتى الآن، رغم الطرح عبر شركات تسويق كبرى مثل «سيتي إيدج» و«فاوندرز» و«هايد بارك" .

 

المصدر أكد أن معدلات البيع للأفراد ضعيفة للغاية، مرجعًا ذلك إلى الأسعار المرتفعة ونظام التقسيط المعتمد حاليًا، والذي يضيف فائدة البنك المركزي ورسومًا إضافية على فترات سداد تمتد من 3 إلى 7 سنوات، ما جعل أسعار الوحدات "خارج قدرة شريحة واسعة من المصريين". .

 

وفي محاولة لإنقاذ السوق، تخطط الهيئة لخفض فائدة أقساط الأراضي المباعة للمطورين العقاريين، في ظل التراجع الكبير في مبيعاتهم خلال الفترة الماضية، وازدياد مخاوف تعثر مشاريع جديدة.

 

خلاصة المشهد: سوق عقارية متوقفة… وصناعة تتنفس بصعوبة

 

تكشف المؤشرات مجتمعة أن الركود العقاري—not الأسعار العالمية—هو السبب الأول وراء انخفاض أسعار الحديد.

 فالسوق المصري، الذي شهد طفرة بناء غير مسبوقة في سنوات سابقة، دخل اليوم مرحلة تباطؤ حاد: الأفراد توقفوا عن البناء بسبب الأسعار وتعطّل التراخيص.

 

الحكومة تملك مخزونًا ضخمًا من الوحدات وتقلل مشروعاتها الجديدة.

المطورون يعانون من ضعف الطلب وتراجع البيع. . والمصانع تجد نفسها أمام مخزون متكدّس يفرض التخفيض القسري

 

في النهاية، لا يبدو أن ما يجري مجرد "تصحيح أسعار"، بل تعبير صريح عن ركود اقتصادي ممتد ضرب أساسيات قطاع البناء والعقار، وبدأت انعكاساته تظهر بوضوح في سوق الحديد، أحد أهم مؤشرات حركة الاقتصاد الفعلية في البلاد.