من صعودٍ مُلتبس إلى بداية سقوط… عبد الرحيم علي نموذجاً لتشابك الإعلام بالمال السياسي
يتجدد الحديث في الأوساط الإعلامية المصرية عن بداية سقوط “الإمبراطورية الإعلامية” لعبد الرحيم علي، الصحفي الذي بدأ مسيرته من صحيفة أسبوعية معارضة محدودة التأثير، قبل أن يقفز سريعاً إلى واجهة المشهد خلال حكم الرئيس الشهيد محمد مرسي.
فقد تحوّل علي، وفق مراقبين، من صحفي مغمور في صحيفة أسبوعية متعثرة إلى مالك منصة إعلامية يومية ضخمة، بعد حصوله على تمويل خارجي إماراتي مكّنه من تأسيس مؤسسة إعلامية ضخمة لعبت دوراً محورياً في شيطنة تجربة الحكم المنتخَب آنذاك، مستفيدة من هامش الحريات الواسع وغير المسبوق الذي عرفته الصحافة في عهد مرسي.
ورغم إصرار عبد الرحيم علي على أنه أنفق “مدخراته الشخصية” على تأسيس المنصة، فإن هذه الرواية ظلت مثار تشكيك واسع، خصوصاً أنه ينحدر من أسرة فقيرة وكان يعيش بالكاد قبل توسعه.
فيماتواصل أزمة مؤسسة البوابة نيوز الإعلام اتساعها بعد إعلان عبد الرحيم علي، رئيس مجلسي الإدارة والتحرير، رفع اسمه من ترويسة الجريدة والموقع الإلكتروني، اليوم الأحد، مؤكداً في مقاله الأخير المعنون بـ"البوابة.. سراب الزمان الجميل"، أنه سبق وتقدّم باستقالته إلى الجمعية العمومية منذ فترة. جاءت هذه الخطوة بالتزامن مع استمرار اعتصام الصحافيين داخل مقر المؤسسة للمطالبة بتطبيق الحد الأدنى للأجور،لليوم السابع على التوالي.
واستقالة علي تعتبر التطور الأبرز في سلسلة أحداث متلاحقة داخل "البوابة نيوز"، حيث ينفذ الصحافيون، منذ 17 نوفمبر/ تشرين الثاني الحالي، اعتصاماً مفتوحاً احتجاجاً على ما يقولون إنه تجاهل إداري لمطالبهم المالية الأساسية، فيما تؤكد إدارة المؤسسة أنها تواجه أزمة ميزانية تتطلب حلولاً متدرجة لتجنب الإغلاق.
وفي اليوم السابق لاستقالة علي، أصدر مجلس تحرير "البوابة نيوز" بياناً عقب اجتماع عقده، أمس السبت، لمناقشة تداعيات الأزمة. وأعرب المجلس في البيان عن تقديره حق الصحافيين في الاحتجاج السلمي، لكنه شدّد على رفض ما وصفها بممارسات "تمس المؤسسة أو تسيء لصورتها". وأبدى المجلس أسفه لتصريحات نقيب الصحافيين خالد البلشي، التي قال فيها إنّ "إدارة المؤسسة تتعنت في التعامل مع الصحافيين"، معتبراً أن هذه التصريحات "تفتقر إلى الدقة".
وأضاف البيان أنّ مجلس تحرير "البوابة نيوز" تواصل مع إدارة المؤسسة التي نَفَت بدورها وجود أي تعنت، مؤكدةً أنها قدّمت لنقابة الصحافيين "حلولاً عملية قابلة للتنفيذ"، تحفظ حقوق العاملين وتضمن استمرار المؤسسة، إلا أن هذه الحلول "لم يتم الإعلان عنها"، وأكد المجلس أن الحفاظ على المؤسسة مسؤولية مشتركة"، وأن مناقشة المطالب العادلة يجب أن تتم في إطار يحفظ الاستقرار والسمعة المهنية.
خلاصة المشهد
بين صعود إعلاميين بتمويل سياسي خلال العقد الماضي، وتشديد الخناق المالي على المؤسسات الحكومية اليوم تحت ضغط الديون وشروط صندوق النقد، تبدو مصر أمام مرحلة جديدة تتراجع فيها قدرة الدولة على دعم مؤسساتها، مقابل اتساع نفوذ التمويل الخارجي — إعلامياً واقتصادياً.
ووسط هذا المشهد، لا يبدو سقوط عبد الرحيم علي منفصلاً عن التحولات الأكبر في منظومة المال والإعلام والسلطة.