أكدت دراسة علمية أن المعركة ضد الإخوان ليست معركة ضد تنظيم محدد، بل هي معركة ضد حق الأمة في التنظيم، وحقها في مشروع بديل، وحقها في مقاومة الاستبداد والاحتلال. ويأتي تجريم الإخوان كخطوة ضمن مشروع أكبر لإعادة تشكيل المنطقة بما يخدم "إسرائيل" والأنظمة الوظيفية، وبما يمنع أي نهضة إسلامية أو مشروع مقاوم أو إصلاحي.
لكن الجماعة نفسها تتحمل جزءًا من مسئولية ضعفها الحالي بسبب انقساماتها وأزماتها الداخلية وعدم مواكبة العصر. والمستقبل ليس مغلقًا، بل مفتوح لمن يملك وعيًا استراتيجيًا إصلاحًا داخليًا وقيادة جديدة وخطابًا عالميًا مشروعًا جامعًا للأمة وإذا استطاعت الجماعة – ومعها الحركات الإسلامية – أن تستدرك مواطن الخلل وتعيد بناء مشروعها على أسس جديدة، فإن مرحلة جديدة من النهضة قد تبدأ.
والدراسة التي جاءت بعنوان "الإخوان بين التجريم والنهضة: دراسة سياسية–شرعية في الواقع والمآلات وخارطة الاستدراك" هي من إنتاج باحثين في مجال الحركات الإسلامية والفكر السياسي، ويبدو أنها أقرب إلى إصدار بحثي أو ورقة تحليلية منشورة عبر منصات بحثية مثل "المعهد المصري للدراسات أو كتابات باحثين مستقلين" شاركها العالم والأكاديمي المتخصص في السيرة النبوية والتاريخ الإسلامي د. علي الصلابي نائب الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين.
وأشارت إلى أن جماعة الإخوان المسلمين تواجه منذ سنوات حملة غير مسبوقة، تتداخل فيها اعتبارات سياسية ودينية وإقليمية ودولية، حتى أصبحت الجماعة ساحة لصراع بين مشاريع كبرى تشمل المشروع الصهيوني، والمشروع الأمريكي–الغربي، والأنظمة الاستبدادية الإقليمية، وحلف رأس المال العالمي. في المقابل، تعيش الجماعة لحظة ضعف وانقسام داخلي، جعلتها عاجزة عن تحويل تاريخها وتضحياتها إلى قوة استراتيجية تحميها من موجات التجريم والشيطنة. والدراسة تسعى لتفسير هذه المعركة بقراءة استراتيجية–شرعية، وتطرح أسئلة حول أسباب التجريم، والمآلات المتوقعة، وإمكانات الاستدراك.
الفصل الأول: السياق الدولي والإقليمي
وأضافت الدراسة أنه في الولايات المتحدة، صعد تيار يميني شعبوي منذ 2016 متحالف مع الصهيونية المسيحية، يرى أن الإسلام السياسي تهديد للهوية الغربية، ويسعى لتجريم الإخوان عالميًا وتجفيف منابع العمل الإسلامي المدني. وإسرائيل بدورها تستهدف الجماعة لضرب أي مشروع إسلامي منظم، ولتشويه الحاضنة الشعبية للمقاومة، خصوصًا مع امتداد حماس.
وأشار إلى أنه فيما يخص الأنظمة العربية، فهي ترى في الإخوان تهديدًا وجوديًا، وتسارع لتصنيفهم إرهابيين لإرضاء الغرب والحصول على "شهادة حسن سلوك" في مشروع الشرق الأوسط الجديد.
الفصل الثاني: الإخوان ككبش فداء
وأوضحت الدراسة في ذلك أن الإخوان يُستخدمون كقربان لمشروع الشرق الأوسط الجديد الذي يقوم على تكريس "إسرائيل" كمركز إقليمي، وتطبيع شامل، وإسلام منزوع السياسة.
وقالت إن الجماعة تمثل مانعًا فكريًا وشعبيًا وسياسيًا، لذا يُستهدفون أولًا لاختبار استعداد العالم لحظر الإسلام السياسي. ونجاح هذا المسار سيؤدي إلى استهداف أوسع يشمل العمل الدعوي والجمعيات الخيرية والمساجد والتنظيمات الشبابية.
الفصل الثالث: الأزمة الداخلية
وأبانت الدراسة أن ضعف الجماعة لا يقل أهمية عن قوة خصومها وأن الانقسام القيادي وتعدد مراكز القرار أضعف الجبهة الداخلية وأن النموذج التنظيمي الكلاسيكي لم يعد مناسبًا لعصر الرقمنة والإعلام الجديد، كما أن غياب مشروع عالمي موحد، وضعف إدارة الملفات الحساسة كالعلاقة مع الغرب والتمويل واللوبي السياسي، منح الخصوم فرصة السيطرة على السردية الدولية.
الفصل الرابع: المآلات المتوقعة
وتوقعت الدراسة أن استمرار مسار التجريم سيؤدي إلى تجريم المجتمع المدني الإسلامي، وإضعاف الإسلاميين الوسطيين وتعزيز التيارات المتشددة، وتصفية الحركات المقاومة وتجفيف منابعها، وتكريس أنظمة وظيفية أكثر قمعًا، وأزمة هوية للمسلمين في الغرب الذين سيشعرون أن هويتهم السياسية موضوعة تحت التجريم.
الفصل الخامس: القراءة الشرعية
وقالت الدراسة إن "الشرع يفرض الدفاع عن الحق والعدل، ويرفض اتهام الجماعات الدعوية–السياسية السلمية بالإرهاب دون بينة". لافتة إلى أن المقاصد الشرعية تقتضي حماية الدين والعقل والنفس والدعوة والحقوق المدنية.
واعتبرت أن تصنيف الإخوان كإرهاب يضرب هذه المقاصد، وأن المقاربة الشرعية تدعو إلى التمييز بين أخطاء الأفراد وأصل المشروع، ومواجهة الظلم بروح إصلاحية جامعة.
الفصل السادس: الرسالة للشباب
وأشارت الدراسة إلى أن استهداف الإخوان يعني استهداف الإسلام الشامل والمقاومة والحرية السياسية. وأن الحركة ليست مثالية، لكنها رمز لمشروع تحرري. والمطلوب من الشباب هو إدراك السياق، وتجنب التعميم، ودعم الإصلاح الداخلي، والجمع بين النقد والنصرة، وقراءة الواقع بوعي.
وخلصت إلى أن المشروع الإسلامي يمكن أن ينهض إذا اجتمع الوعي والإصلاح والقيادة الجديدة والشفافية والخطاب العالمي.
الفصل السابع: خارطة الاستدراك
وعن فصل أشبه بالتوصيات، رأت الدراسة أن المطلوب إصلاح داخلي شجاع يوحد القيادة ويضخ دماء جديدة، وبناء مشروع عالمي جديد عبر مراكز تفكير وإعلام وفريق قانوني. كما يجب تبني استراتيجية إعلامية مضادة، وبناء تحالفات واسعة مع العلماء ومنظمات حقوق الإنسان، وتعزيز الشفافية المالية، وصياغة رؤية جديدة للمقاومة، وإدماج الشباب في القيادة.
ومن جديد ختمت الدراسة أن المعركة ضد الإخوان ليست ضد تنظيم بعينه، بل ضد حق الأمة في التنظيم والمقاومة والنهضة. وأن تجريمهم خطوة ضمن مشروع أكبر لإعادة تشكيل المنطقة بما يخدم "إسرائيل" والأنظمة الوظيفية. لكن المستقبل مفتوح لمن يملك وعيًا استراتيجيًا وإصلاحًا داخليًا وقيادة جديدة وخطابًا عالميًا. إذا استطاعت الجماعة والحركات الإسلامية استدراك مواطن الخلل، فإن مرحلة جديدة من النهضة قد تبدأ.