رغم انتهاء المرحلة الثانية .. فضائح انتخابات مجلس نواب السيسي لن تتوقف

- ‎فيتقارير

 

 

 

رغم انتهاء المرحلة الثانية من انتخابات مجلس نواب السيسي والمتوقع إعلان نتائجها اليوم لتتبقى الدوائر الملغاة من المرحلة الأولى ودوائر الإعادة فى المرحلتين إلا أن فضائح هذه الانتخابات من تزوير ومال سياسي وحشد الناخبين وتوجيههم للتصويت لمرشحين دون غيرهم بجانب تسويد البطاقات وأخطاء الفرز المتعمدة ما زالت تتوالى ولن تتوقف .

آخر الفضائح كشفت عنه حيثيات الحكم الصادر من المحكمة الإدارية العليا، والتي قضت بإلغاء نتيجة انتخابات الدائرة التاسعة بالجيزة – قسم الأهرام، بعد رصد أخطاء جسيمة ومؤثرة في سلامة العملية الانتخابية، خاصة ما يتعلق برصد وتجميع الأصوات ومنع حضور وكلاء المرشحين داخل اللجان.

وأكد الحكم الصادر في الطعن رقم 5811 لسنة 72 قضائية عليا أن الطاعن خالد سلام قدم دلائل ومستندات تُثبت وقوع تجاوزات في إجراءات الاقتراع والفرز، وأن اللجنة العامة واللجان الفرعية خالفت الضمانات الإلزامية التي وضعها قانون مباشرة الحقوق السياسية لضمان النزاهة والشفافية.

 

محاضر الفرز

 

أبرز ما استندت إليه المحكمة في حكمها كان غياب محاضر الفرز الموقعة من رؤساء اللجان وتسليمها للمرشحين، وهو ما يُعد مخالفة مباشرة للمادتين 48 و49 من قانون مباشرة الحقوق السياسية، اللتين تُلزمان رؤساء اللجان بإعلان عدد الأصوات الصحيحة والباطلة وتسليم نسخ رسمية من المحاضر لمن يطلبها من المترشحين.

وأشارت الأوراق المقدمة للمحكمة، إلى منع الوكلاء من حضور إجراءات الفرز داخل اللجان الفرعية، رغم أن حضورهم حق قانوني صريح لا يجوز المساس به واعتبرت المحكمة هذا المنع إخلالًا جوهريًا بضمانات الشفافية، ويؤثر تأثيرًا مباشرًا في سلامة نتيجة الانتخابات.

وأشارت إلى أن محضر اللجنة العامة رقم (9) كشف عن مفارقات في الأرقام المعلنة، إذ بلغ عدد الناخبين المقيدين 690,669 ناخبًا، بينما بلغ عدد من أدلوا بأصواتهم 108,530، منها 3,598 صوتًا باطلًا و104,932 صوتًا صحيحًا. وقدّم الطاعن ما يفيد أن الأصوات التي حصل عليها في اللجان الفرعية لم تُدرج كاملة في كشوف التجميع، وهو ما لم تنفه الجهة الإدارية أو تقدم مستندًا ينقضه.

 وذكرت المحكمة أن امتناع الهيئة الوطنية للانتخابات عن تقديم كامل محاضر الفرز المطلوبة يكشف عن أحد أمرين؛ إما غياب السند الصحيح لما انتهت إليه أو قصد حجب الحقيقة، وهو ما اعتبرته المحكمة سببًا كافيًا لإسقاط قرينة صحة القرار الإداري وقضت بإلغاء قرار الهيئة الوطنية للانتخابات رقم 66 لسنة 2025 فيما تضمنه من إعلان جولة الإعادة دون الطاعن، وبإعادة إجراء الانتخابات في الدائرة التاسعة كاملة بالنظام الفردي .

 

رشاوى انتخابية

 

حول هذه الفضائح قال كرم عبد الحليم مرشح عن الدائرة الأولى بمحافظة الإسماعيلية، إن أول ساعتين سارت عملية التصويت بشكل طبيعي، إلا أن الأمور تغيّرت سريعًا مع ظهور رشاوى انتخابية تقدمها أحزاب الموالاة، وعلى رأسها حزب مستقبل وطن. 

وأضاف عبد الحليم في تصريحات صحفية : التجاوزات تحوّلت إلى حوادث عنف وبلطجة، حيث تشاجر بعض المرشحين فيما بينهم على النفوذ وحشد الناخبين. 

وأشار إلى ضعف الإقبال على التصويت، معتبرًا أن هذا يعكس تأثير المناخ السياسي السائد، ويؤكد أن العملية الانتخابية غير صحية وتفتقر إلى أساس انتخابي صحيح. 

وعن تدخل الجهات التنفيذية للحد من المخالفات، قال عبد الحليم إنه لم يلاحظ أي تدخل فعّال، مشيرًا إلى وجود تقاعس أدى إلى ظهور المشهد الانتخابي بهذا الشكل السيئ. 

وبالمقارنة بين المرحلتين، أكد أنه لم يحصل أي تحسن؛ بل على العكس، تحولت المساعدات الانتخابية من كراتين إلى أموال نقدية، واستُبدل الزحام أمام اللجان بوجود بلطجية للمرشحين على مسافة من اللجنة، وهو أسوأ من المرحلة الأولى.  

 

حشود وهمية

 

   وشددت مونيكا مجدي مرشحة مستقلة بدائرة شبرا أن المشهد الانتخابي لم يسجل أي تغيير، مؤكدة أنها رصدت حشودًا وهمية أمام بعض اللجان بعد أن تم جمع بطاقات الرقم القومي من المواطنين، وجرى تنظيمها لصالح عدد من المرشحين.

وقالت مونيكا مجدي فى تصريحات صحفية انها رصدت بعض المخالفات مثل توزيع الأموال على الناخبين. 

وقالت وأكدت مريم فاروق، المتحدثة باسم تحالف الطريق الحر، أن الرشاوى الانتخابية انتشرت بشكل فج أمام بعض اللجان في محافظة القاهرة، وفي السويس أيضًا، خاصة بين مرشحي التحالف الوطني ( أحزاب الموالاة).

وكشفت مريم فاروق فى تصريحات صحفية أنه كانت هناك حشودًا كبيرة للناخبين لصالح بعض المرشحين أمام اللجان موضحة أن الاختلاف بين المرحلة الأولى والثانية تمثل فقط في زيادة عدد الناخبين أمام اللجان، واختفاء انتشار الدعاية الانتخابية لبعض الأحزاب أمام المقرات الانتخابية، بينما استمرت ظاهرة شراء الأصوات. 

 

 

 

إنذار أخير  

 

واعتبر المحامي والقيادي بحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي، أحمد فوزي، أن انتخابات برلمان السيسي لعام 2025 تمثل إنذارًا واضحًا لجميع الأطراف السياسية والقضائية والإدارية، موضحًا أن ما جرى خلال الانتخابات كشف عن تحديات هيكلية مستمرة في النظام الانتخابي .

وطالب فوزى فى تصريحات صحفية بضرورة فتح حوار وطني شامل وجاد لإعادة النظر في إدارة العملية الانتخابية، وضمان نزاهتها وشفافيتها، فضلاً عن تعزيز المشاركة الشعبية الفعلية.  

وأشار إلى أن التقييمات المتناقضة للعملية الانتخابية، بين من يصفها بأنها “الأكثر نزاهة” ومن يراها “أسوأ انتخابات في تاريخ مصر”، تعكس مبالغة في التحليل واختلاف الرؤى السياسية، لكنها في الوقت نفسه تسلط الضوء على غياب حرية الانتخابات.

وأكد فوزي أن هذه الحرية لم تتحقق تاريخيًا بسبب غياب المؤسسات المستقلة، وضعف الإعلام المنصف، وقيود طويلة الأمد على ممارسة العمل السياسي والمجتمعي، ما حدّ من قدرة المواطنين على المشاركة بحرية وفاعلية.   

وأوضح أن حرية المشاركة لا تقتصر على السماح بالتصويت، بل تشمل تمكين المواطنين من إنشاء منظمات سياسية، والوصول إلى منصات إعلامية مستقلة، والمشاركة في عمليات سياسية شفافة بعيدة عن الضغوط المادية أو الدينية أو القمع القانوني.  

 

غضب شعبي

 

وحذر فوزي من أن تجاوزات العملية الانتخابية، بما في ذلك عدم تسليم محاضر الفرز لبعض الجهات بناءً على توجيهات عليا، أدت إلى توتر بين الجهات القضائية المختلفة، وأثارت غضبًا شعبيًا واسعًا.

وشدد على أن تحميل الهيئة الوطنية للانتخابات وحدها مسؤولية كل الخروقات والمخالفات يعد أمرًا غير دقيق، مشيرًا إلى أن الهيئة تعمل في ظل قيود إدارية ومالية حقيقية، ولا تمتلك القدرة الكاملة على تنظيم العملية الانتخابية بشكل مستقل أو فرض رقابة فعالة على المال السياسي، ما يعكس محدودية صلاحياتها دون دعم حقيقي .  

ولفت فوزي إلى أن مشاركة المواطنين في انتخابات 2025، خصوصًا على المقاعد الفردية، أسهمت في كشف عيوب النظام الانتخابي الحالي، وأظهرت الحاجة إلى إصلاحات شاملة وعميقة مشددًا على أن الحلول الجزئية أو الترقيعية لن تكون كافية، وأن استمرار الوضع على ما هو عليه قد يؤدي إلى تصاعد التوتر الشعبي وتأثيره السلبي على الأمن والاستقرار الوطني.  

وقال إن الإصلاحات المطلوبة تشمل: فتح حوار وطني جاد مع القوى الديمقراطية والمعارضة السياسية لضمان مشاركة حقيقية. ضمان مشاركة المواطنين بشكل فعلي وشفاف في جميع مراحل العملية الانتخابية. توفير آليات واضحة لضمان نزاهة الانتخابات، من مراقبة مالية وسياسية دقيقة إلى تطبيق القوانين المنظمة للانتخابات بشكل مستقل. تعزيز دور المؤسسات المستقلة وبناء قدرات الهيئة الوطنية للانتخابات وإعطائها ميزانية وإمكانيات تشغيلية مستقلة لتتمكن من أداء مهامها دون الاعتماد على السلطة التنفيذية فقط.