أثار تصريح اللواء جمال عوض، رئيس الهيئة القومية للتأمينات الاجتماعية، في لقاء إعلامي: "مفيش فلوس علشان أزود المعاشات.. أجيب منين؟ مش معقول واحد كان بيدفع اشتراك 2300 جنيه عايز معاش 7000 جنيه"، الجدل على منصات التواصل الاجتماعي بعدما كشف تصريحه أنه معين في المنصب فقط لكونه (عسكريا) وليس لأنه متخصص في التأمينات والمعاشات.
وبحسب مراقبين فإنه عندما يقول مسئول "مفيش فلوس"، يظهر وكأنه يتجاهل جوهر فلسفة التأمين، التي تقوم على أن الدولة تدير أموال العمال وتستثمرها لصالحهم، وليس مجرد حساب رياضي ضيق بين الاشتراك والمعاش.
وحمل التصريح لغة مباشرة وصادمة (رغم أنه أمضى سنوات في هيئة المعاشات) فكثير من أصحاب المعاشات اعتبروا أن التصريح فيه تقليل من معاناتهم، خاصة مع ارتفاع الأسعار، كما حمل التصريح تناقضا مع وعود سابقة حيث سبق أن وعدت الهيئة أن تصل المعاشات تدريجيًا إلى 80% من آخر راتب، ما جعل الناس تتوقع زيادات ملموسة، بينما التصريح بدا وكأنه ينفي إمكانية ذلك.
وقانون التأمينات الجديد (148 لسنة 2019) ينص على ربط المعاش بمتوسط الأجر التأميني، لكن التطبيق العملي ما زال يثير تساؤلات حول العدالة والقدرة المالية للدولة.
وعبر أصحاب المعاشات عن غضبهم على وسائل التواصل الاجتماعي، معتبرين أن التصريح "إهانة" لهم بعد سنوات خدمة طويلة.
وقال خبراء اقتصاديون إن المشكلة ليست في "عدم وجود فلوس"، بل في إدارة أموال التأمينات واستثماراتها، حيث يفترض أن تكون قادرة على تغطية التزامات المعاشات.
وحاولت الهيئة القومية للتأمينات لاحقًا التوضيح بأن التصريح جاء في سياق شرح العلاقة بين قيمة الاشتراك والمعاش المستحق، وليس رفضًا لزيادة المعاشات بشكل عام.
وقال السفير السابق فرغلي طه "لما السيد اللواء المسئول عن معاشات الناس يقول " مفيش فلوس علشان أزود المعاشات .. أجيب منين .. مش معقول واحد كان دفع اشتراك ۲۳۰۰ جنيه عايز معاش ۷۰۰۰ جنيه …" يبقى فيه حاجه غلط في الفهم لفكرة تجميع واستثمار أموال اشتراكات المعاشات التي هي بالمليارات …"
وأضاف "الحاجات دى اسمها اقتصاد واستثمار وعائد تراکمی یا سيادة اللواء لأموال استولت عليها الدولة وتم استثمارها أو إنفاقها دون وجه حق ، وترفض ردها لأصحابها.. ".
وللواء التأمينات خاطبه متعجبا "وسيادتك ده مش تخصصك ، ولهذا أنت متواجد فى المكان الخطأ الذي لا تفهم فيه ولا تعرف عمل شيء صحيح فيه … وطبعا دي مشكلة مصر .. اختيار أهل الثقة وليس أهل الخبرة ، ووضع الرجل غير المناسب فى المكان المناسب … ولنا الله …".
وعلق آخر "ده بخلاف إنه بيستشهد بالحد الأدنى للتأمين ، وبيفترض إن كل الناس مؤمن عليها بالحد الأدنى ، رغم أن الواقع فيه شركات كتير بتأمن بالحد الأقصى ، بس هو فاكر إنه بيتعامل مع شعب من السذج وناقصي الأهلية ، مش لوذعي و فاهم كل حاجة زي إللي عينوه في مكانه كمكافأة نهاية الخدمة وحاجة يتسلى فيها بدل ما يقعد بالجلابية في البيت أو بالترينج في النادي".
وقالت مديحة حمدي Madiha Hamdy : "لما يطلع رئيس الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية ويقول اجيبلكوا منين .. يبقي انت مسئول بجح معندكش اي احساس ولا ضمير.. لانكو اكتر ناس بتغرفوا من خير البلد من المصالح اللي بتعملوا من ورا منازلكم دي.. ده غير مرتبكو الشهري اللي يتعدي المائة الف جنيه".
وعلق الإعلامي والطبيب د. حمزة زوبع Hamza Zawba ، "الفلوس هتيجي منين ؟ .. من الجهة اللي جابتك من (المعسكر) عشان تتحكم في فلوس التأمينات بتاعة ( الشعب المدني) يا سيادة اللواء . . إذا بليتم فاستتروا .".
https://www.facebook.com/photo/?fbid=10236226571497205&set=a.10205341622232776
والقيادة الأمنية/الإدارية تميل إلى النظر للملف من زاوية الانضباط المالي المباشر، أي "ندفع كذا فنصرف كذا"، دون الدخول في فلسفة التأمين كآلية اجتماعية قائمة على التضامن بين الأجيال.
شكاوى أصحاب المعاشات
ولكم توجه أصحاب المعاشات إلى اللواء جمال عوض، رئيس الهيئة القومية للتأمينات الاجتماعية، (حتى قبل تصريحه المثير للجدل) متسائلين عن الإجراءات التي اتخذها لصالحهم منذ توليه المنصب، وعن مدى خبرته في إدارة ملف بالغ الحساسية يتعلق بملايين المواطنين. يعبّر أصحاب المعاشات عن استيائهم من أن إدارة الهيئة لا تراعي مصالحهم، بل تنفذ سياسات حكومية لا تحقق العدالة الاجتماعية، وهو ما انعكس في تدني قيمة المعاشات مقارنة بارتفاع تكاليف المعيشة.
وركزت الشكوى على أن الدولة استولت على أموال التأمينات ولم تُوجّهها لخدمة أصحابها، ما جعل كبار السن يعيشون في ظروف صعبة تصل إلى حد التسول لتأمين قوت يومهم. ويطالبون بالكشف عن قيمة معاشات كبار المسئولين مقارنة بمعاشات الغالبية من المتقاعدين، معتبرين أن غياب الشفافية دليل على الفساد والإجحاف بحق الفئات الأضعف.
كما يوجه أصحاب المعاشات انتقادًا شديدًا للحكومة والرئيس، معتبرين أن السياسات الحالية أهدرت حقوقهم وأهانت كرامتهم، وأن استمرار هذا الوضع يمثل ظلمًا يتعارض مع مبادئ الدستور والدين. ويؤكدون أنهم لن يتنازلوا عن حقوقهم، وأنهم سيحاسبون المسئولين أمام الله على ما لحق بهم من معاناة، مطالبين بإنصاف أكثر من 12 مليون أسرة تعتمد على المعاشات كمصدر رئيسي للعيش الكريم.
ويؤكد المتخصصون أن التأمين ليس مجرد حساب فردي، بل هو نظام جماعي يضمن للمتقاعدين حياة كريمة، ويعتمد على استثمار الاشتراكات في مشروعات طويلة الأجل، وهناك تجارب في دول مثل ألمانيا أو فرنسا، إدارات التأمين يقودها خبراء اقتصاديون واجتماعيون، ما يجعل الخطاب مختلفًا تمامًا عن التصريحات التي تثير الجدل في مصر.
وجمال عوض جاء من خلفية عسكرية وإدارية في مجال التأمين والمعاشات داخل القوات المسلحة، ثم انتقل لإدارة الملف المدني على مستوى الدولة منذ منتصف 2020، ليقود الهيئة القومية للتأمين الاجتماعي حتى اليوم.
وتولى عوض رئاسة الهيئة القومية للتأمين الاجتماعي في مصر اعتبارًا من 1 يوليو 2020، بعد قرار من رئيس الوزراء بتكليفه بهذا المنصب. وقبل ذلك كان يشغل منصب مدير إدارة التأمين والمعاشات بالقوات المسلحة منذ أكتوبر 2016 وحتى يوليو 2020.
والتحق بالخدمة العسكرية عام 1988 في سلاح الشئون المالية وعمل في إدارة التأمين والمعاشات للقوات المسلحة منذ عام 1989، وتدرج في عدة مناصب قيادية هناك مثل؛ رئيس قسم تحليل وتصميم النظم – فرع نظم المعلومات، ورئيس فرع التخطيط والتطوير وقياس الأداء، ورئيس فرع البحوث الفنية والشئون القانونية، ورئيس فرع المعاشات العسكرية.
وتولى منصب نائب مدير إدارة التأمين والمعاشات للقوات المسلحة من يناير 2015 حتى أكتوبر 2016، ثم أصبح مدير إدارة التأمين والمعاشات للقوات المسلحة من أكتوبر 2016 حتى يوليو 2020، وهو المنصب الذي سبق تعيينه رئيسًا للهيئة القومية للتأمين الاجتماعي.