في حلقة جديدة من مسلسل استنزاف جيوب المصريين، صدّق المنقلب عبد الفتاح السيسي، ، على القانون رقم 175 لسنة 2025 بتعديل بعض أحكام قانون فرض رسوم على مباني وزارة الخارجية في الخارج، في خطوة تفتح باباً جديداً للجباية تحت شعار “تطوير وتحديث البعثات الدبلوماسية”.
القانون الجديد يفرض رسماً إضافياً بقيمة 50 جنيهاً على كل تصديق داخل مصر، إلى جانب 20 دولاراً أميركياً – أو ما يعادله من عملات أجنبية – على كل تأشيرة دخول، وكل إجراء قنصلي داخل السفارات والقنصليات بالخارج، ليُضاف هذا العبء إلى قائمة الرسوم المتصاعدة التي تطارد المصري أينما كان.
وبموجب القانون، تُحدد فئات هذه الرسوم بقرار يصدره رئيس مجلس الوزراء، بعد موافقة مجلس الوزراء، بناءً على عرض من وزير الخارجية، بما يفتح الباب لموجات لاحقة من الزيادات دون رقابة شعبية حقيقية.
البرلمان يحذف مادة “الصندوق”.. والجباية مستمرة
ورغم أن مجلس النواب اضطر إلى حذف المادة الثالثة من مشروع القانون، والتي كانت تنص على تخصيص حصيلة الرسوم لصالح صندوق تمويل منشآت وزارة الخارجية في الخارج، باعتبار أن ذلك “رسوم عامة لا يجوز تخصيصها لصندوق خاص غير خاضع للرقابة”، فإن جوهر القانون بقي قائماً: المواطن يدفع، والدولة تجبي.
المادة المحذوفة كانت تنص على توجيه 5% من الحصيلة لصناديق التأمين، بواقع 70% لصندوق تأمين أعضاء السلك الدبلوماسي والقنصلي، و30% للعاملين من غير أعضائه، ما كشف بوضوح أن الرسوم لم تكن موجهة لتحسين الخدمة فقط، بل لتغذية دوائر مغلقة داخل الجهاز البيروقراطي.
رسوم تتضاعف وصوت المواطن غائب
حاليًا، تتراوح رسوم التصديق داخل مصر بين 65 و1050 جنيهاً للمستند الواحد، بينما في الخارج تتضاعف الأعباء بشكل صادم:
في الإمارات: يبلغ التصديق العادي نحو 180 درهماً (49 دولاراً).
في دول الاتحاد الأوروبي: يصل التصديق على عقد الزواج إلى 343 يورو (نحو 398 دولاراً).
هذه الأرقام تعكس واقعاً كارثياً لملايين المصريين في الخارج، الذين باتوا يتعاملون مع سفارات بلادهم بوصفها نقاط تحصيل مالي لا مؤسسات رعاية وخدمة.
دولة تتخلى عن مواطنيها وتطالبهم بالدفع بلا توقف
الخطير في هذا القرار أنه يأتي في وقت:
تتراجع فيه الدولة عن دورها في العلاج والسكن والتعليم.
وتبيع فيه أصول الشعب المصري وممتلكاته للإمارات والسعودية وقطر وغيرها من دول الخليج.
في ظل انهيار اقتصادي متواصل، وديون تبتلع الموازنة، وغلاء يطحن الفقراء.
ومع ذلك، لا يتوقف النظام عن النظر إلى المواطن باعتباره مصدر تمويل دائم، لا شريكاً في الوطن ولا صاحب حق فيه.
من يدفع ثمن الفشل؟
بدلاً من محاسبة المسؤولين عن الخراب الاقتصادي، وعن التوسع الجنوني في الاقتراض، وعن بيع مقدرات الدولة، يُلقى العبء مرة بعد أخرى على كاهل المواطن:
يدفع عند استخراج ورقة.
يدفع عند السفر.
يدفع عند الزواج.
ويدفع حتى عند محاولة توثيق وجوده القانوني.
في مشهد يلخص فلسفة الحكم الحالية:
السلطة تُفلس، والمواطن يُحاسَب.