وسط دعوات الإقصاء.. مراقبون يؤكدون أن مشروعية العمل السياسي تحمي الإخوان

- ‎فيتقارير

المخاوف من عودة الإسلاميين عبر الانتخابات ليست حكرًا على إبراهيم عيسى؛ بل يشاركها كتّاب في مثل تيار أبو حمالات مثل أحمد المسلماني، وباحثون عرب مثل حسن أبو هنية، ومراكز بحثية عربية، إضافة إلى نتائج استطلاعات الرأي التي تكشف عن ميل متزايد لدى الشباب لدعم الإسلام السياسي.

 

وحذّر المسلماني مستشار السيسي ورئيس لجنة إعلامية في عام 2024 من عودة جماعات الإسلام السياسي في ظل الفراغ الفكري بالمنطقة، معتبرًا أن الإسلام السياسي "ولد ليبقى، لكن لا ليحكم"، وأن غياب البدائل الفكرية والسياسية قد يمهّد لعودته.

وقال الباحث الأردني حسن أبو هنية المتخصص في الحركات الإسلامية: "الأنظمة العربية ترى في انتصارات حركات مثل حماس مؤشرًا على إمكانية عودة الإسلاميين بقوة إلى المشهد السياسي، وأن هذه الحركات لا تزال قادرة على استثمار الأزمات لإعادة إنتاج حضورها.

وفي الوقت الذي أشارت إليه استطلاعات (الباروميتر العربي) إلى أن نسبة كبيرة من المواطنين في دول مثل المغرب، وتونس، والأردن، وليبيا باتوا أكثر دعمًا لدور الدين في السياسة بين عامي 2018 و2022، ما يعكس إمكانية عودة الإسلاميين عبر صناديق الاقتراع.

قالت مراكز بحثية عربية (المركز العربي لدراسات التطرف، مركز شاف) إن الإسلام السياسي في طريقه للعودة، خاصة مع ارتفاع معدلات التدين بين الشباب، وأن غياب الإصلاح السياسي يفتح المجال أمام الإسلاميين لاستعادة قوتهم عبر الانتخابات.

ميزان المشروعية

وميزان المشروعية ينقله الداعية والأكاديمي السابق بجامعة الأزهر د. إسماعيل علي في مقال به بعنوان (الدعوة إلى اعتزال الإسلاميين للسياسة في ميزان الشرع والعقل) يكشف أن بعضُ الأصواتِ الداعيةِ إلى أن يجتنب أصحابُ المشروعِ الإسلاميِّ والمنتمون للحركة الإسلاميةِ ـ والإخوان المسلين خاصة ـ العملَ السياسيّ، ويبتعدوا عن المشاركة في مجالاته، ويقتصروا على القيام بالدعوة فقط، وأنه إذا ابتعد الإسلاميون عن السياسة واجتنبوها؛ فسوف يتمكنون من العمل الدعويّ بلا تعويق ولا إزعاج من أحد.

 

وفيما يمكن أن يكون ورقة نقدية من إلغاء الجانب السياسي من برامج الحركات الإسلامية، اعتبر "علي" أن هذا الطرح لا يستقيم شرعًا ولا عقلًا، بل يحمل في طياته مخاطر جسيمة. يبدأ الرأي بالتأكيد على أهمية المراجعات النزيهة لمسيرة الحركة الإسلامية، لكن يرفض بشدة فكرة فصلها عن السياسة.

أولًا، يرى أن هذا التوجه يناقض منهج الأنبياء، إذ جاء الدين لإصلاح الدنيا بالدين، وتنظيم شئون الناس، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في مختلف المجالات.

ثانيًا، يعتبر أن إقصاء الإسلاميين من السياسة يعني تعطيل سنة التدافع، وفتح المجال أمام المشاريع المناوئة للإسلام التي تتفق جميعها على محاربته.

ثالثًا، يشير إلى التجارب التاريخية والمعاصرة التي تثبت أن خصوم الإسلام لا يقفون عند حد في مطالبهم، بل يسعون دومًا لمزيد من التنازلات، وهو ما تؤكده الآية الكريمة في سورة البقرة.

 

رابعًا، يعتبر هذا الطرح ظلمًا بيّنًا، إذ يُسمح لأصحاب الديانات والمذاهب الأخرى بممارسة السياسة وتأسيس دول وفق مشاريعهم، بينما يُحظر ذلك على الإسلاميين السنة وحدهم.

خامسًا، ويؤكد أن الادعاء بأن اعتزال السياسة يجنب الإسلاميين بطش الأنظمة مردود عليه بالواقع، حيث إن كثيرًا من الأنظمة تضطهد حتى الجماعات الدعوية البعيدة عن السياسة، كما حدث في موريتانيا والسعودية.

 

سادسًا، وجدد أنه من الخطأ تعميم الأحكام على جميع الإسلاميين استنادًا إلى تجربة محدودة، فلكل بلد ظروفه الخاصة، والأولى دراسة الأخطاء وتصحيحها لا هدم المشروع.

سابعًا، وحذر من أن الانسحاب من السياسة يهدد وجود المسلمين السنة في بلدان تتقوى فيها شوكة خصومهم، ويعرض مصالحهم للضياع.

ثامنًا، ولفت إلى أن المشاركة السياسية رغم تبعاتها أفضل من الغياب، إذ الابتلاء سنة إلهية في طريق الإصلاح.

 

تاسعًا، وشدد على أن الاقتصار على الدعوة الروحية وحدها يعني حجب جزء من الإسلام، أما الدعوة الشاملة فهي بالضرورة تتضمن السياسة، مما يجعل الإسلاميين عرضة للأذى على أي حال.

عاشرًا، يخلص الرأي إلى أن هذه الدعوة غريبة ومريبة، تخدم العلمانيين وأعداء الإسلام، وتضر بمصالح المسلمين، بل وتتناقض مع شمولية الإسلام وسياساته الشرعية.

https://www.facebook.com/khallad1400/posts/pfbid02obD4MEDBn1zoufEUhQFE7N2k9rKTVNnniRhasD9QFTEUCTbgb5PeLhX9tn1A48f2l

وتناول شريف هداية عبر Sherif Hadeya نقلا عن فكرة لسائد شحادة رأيا في الدعوات المتكررة المطالبة بانسحاب جماعة الإخوان المسلمين من الحياة السياسية والاكتفاء بالعمل الدعوي والاجتماعي، ووصفها بأنها غير منطقية ولا تستند إلى واقع أو شرع.

وطرح الكاتب سلسلة من التساؤلات حول جدوى هذا الانسحاب: هل سيؤدي فعلًا إلى الحرية والديمقراطية؟ وهل يقتصر على الإخوان وحدهم أم يشمل جميع التيارات الإسلامية؟ ثم يوضح أن هذه الدعوات لا تقدم إجابات مقنعة، بل هي مجرد شعارات فارغة.

وبين المقال، أن الإخوان لم يُمكَّنوا يومًا من المشاركة الفعلية في صنع القرار في أي دولة عربية، حتى حين خاضوا الانتخابات أو شكلوا أحزابًا، ظل تأثيرهم محدودًا بسبب هيمنة الدولة العميقة المرتبطة بقوى خارجية.

ومن ثم، تحميلهم مسئولية إخفاقات الدول العربية في السيادة أو الاقتصاد أو الحريات أمر غير منطقي، إذ هذه الأزمات قائمة أصلًا دون أن يكون للإخوان دور حقيقي فيها.

وأكد الكاتب أن الإسلام يأمر بالعدل والشهادة، وهو ما يشمل المجال السياسي، كما أن حديث النبي صلى الله عليه وسلم عن تغيير المنكر باليد أو اللسان يفتح الباب أمام العمل السياسي المشروع.

وقال: "نعم، للإخوان أخطاء، لكن إقصاؤهم لا يحق إلا عبر انتخابات حرة ونزيهة، لا بقرارات فوقية أو ضغوط سياسية.".

وخلص إلى أن الانسحاب تحت التهديد مرفوض عقلًا وشرعًا وسياسة، وأن واجب من يقدر على خدمة أمته أن يصمد لا أن يتراجع. مشيرا إلى أن المطالبين بإقصاء الإخوان، فالأجدر بهم أن يوجهوا أصابع الاتهام إلى من دمّر البلاد وأهلك العباد، لا إلى جماعة لم تُمنح أصلًا فرصة الحكم أو القرار.

https://www.facebook.com/sherif.hadeya/posts/pfbid0Z8UPqKGWTJC8FCTfvCuGjab1a6DfMNecBDujHscaXVWZNWmmHVcDgZzVCn5LKXgjl