أحمدي البنهاوي
دعا الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين إلى أن تكون الجمعة القادمة "جمعة غضب"؛ نصرة للمستضعفين في ميانمار، موجها دعوته بشكل خاص إلى أئمة المساجد؛ لشحذ همم المسلمين في كل أنحاء العالم لتأييد مسلمي الروهينجا، وتأكيد حقهم في الحياة الكريمة واحترام عقائدهم، وتجريم ما يتعرضون له من قتل وتعذيب وتشريد، مع رفض السلطات منحهم حق التواجد في بلادهم التي نشئوا فيها، مستصرخين ضمائر الحكومات والمنظمات الدولية للتفاعل مع ما يجري مع مسلمي الروهينجا، ونبذ الصمت المطبق حيالهم.
وقال الاتحاد، في بيان صادر عن أمانته العامة، "يدعو الاتحاد المسلمين في أنحاء العالم والداعين إلى الحرية الإنسانية للوقوف مع هؤلاء المظلومين ونصرتهم وتأييدهم في الحق في الحياة الكريمة التي يحرمهم منها متعصبو بلادهم".
وأكد الاتحاد أصالة الوجود الإسلامي في هذه المنطقة، وهو ما يثبته التاريخ، حيث دخل الإسلام بورما عن طريق "أراكان" بواسطة التجار العرب في عهد الخليفة العباسي هارون الرشيد، دون أي نشاط عسكري؛ بل انتشر الإسلام بفضل صفات المسلمين الخُلُقية التي اتصفوا بها، وبفضل سماحة الإسلام ومتانة دعائمه الدينية والخلقية، التي تتفق مع الفطرة الإنسانية، والتي تحبب للناس الدخول فيه بيسر".
وأثنى "علماء المسلمين" على بيان منظمة التعاون الإسلامي الذي صدر مؤخرا، مطالبا بوقف العنف فورا في مينامار، ودعا "الحكومات العربية والإسلامية إلى اتخاذ مواقف دبلوماسية أكثر حزما مع حكومة ميانمار بشأن ما يتعرض له المسلمون هناك من قتل وذبح وتشريد".
وطالبهم بالضغط عليها لوقف الاعتداءات الآثمة على المسلمين، والحفاظ على أرواحهم وممتلكاتهم؛ متخذين من حكومة ماليزيا، وموقف رئيس وزرائها السيد نجيب عبد الرزاق القوي ضد المعتدين المتعصبين، ويحيونه على هذا الموقف الشجاع، الذي يمثل قوة الإسلام، في مواجهة الطغيان.
كما حث المنظمات الإغاثية الإسلامية والعربية والعالمية على تقديم مختلف المعونات الإغاثية لهؤلاء المنكوبين.
"الأمم" تفضح
ولا يملك مسلمو ميانمار مدافعا- فيما يبدو- إلا صحيفة غربية على غرار "إندبندنت" البريطانية، التي قالت إن الأمم المتحدة حذرت من أن المسلمين في بورما قد يكونون ضحايا جرائم ضد الإنسانية، مع اتهامات للجيش البورمى باضطهاد الأقلية المسلمة في ولاية "راخين" الغربية، ما أدى إلى نزوح الآلاف إلى بنجلاديش هذا الشهر.
وأضافت الصحيفة أن حوالى 30 ألفا من المسلمين "الروهينجيا" غادروا بيوتهم، كما أن صورا بالقمر الصناعى تابعة لمنظمة "هيومان رايتس ووتش" أوضحت مئات المبانى المحترقة في قراهم.
وينفي المسئولون البورميون تورطهم في جرائم كهذه، مؤكدين أنهم يبحثون عن "إرهابيين".
وانتشرت مزاعم بالاغتصاب الجماعى والتعذيب والقتل في حق الروهينجيا، لكن الحكومة نفت الاتهامات واعترضت لدى الأمم المتحدة على تصريح لمسئول أممى قال فيه: إن ما يحدث في بورما هو تطهير عرقى، بحسب الصحيفة.
وبينما قالت مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان: إن الجرائم في حق المسلمين قد تصل إلى جرائم ضد الإنسانية، فإن بورما تحظر دخول الصحفيين الأجانب والمحققين المستقلين لمناطق الروهينجيا، طبقًا للإندبندنت.
وصرحت الإندبندنت بأن الروهينجيا لا يتمتعون بالجنسية البورمية رغم تواجدهم في البلاد لأجيال، وتم إرغام 120 ألفا على النزوح من منازلهم إلى مخيمات تحرسها الشرطة، وأنهم محرومون من التعليم والخدمات لصحية.
تاريخية الصراع
ويرتكب البوذيون أبشع الجرائم بحق مسلمي "الروهينجا" الذين يعيشون في ميانمار "بورما"، وهذه الطائفة المسلمة تمثل حوالي 10% من السكان، وهي تتعرض للإبادة والتشريد، والقصة هذه ليست جديدة بل هي تاريخية.
فمنذ عام 1784م، احتُلت أراكان من قِبَل الملك البوذي (بوداباي) الذي قام بضم الإقليم إلى ميانمار خوفا من انتشار الإسلام في المنطقة، واستمر البوذيون البورميون في اضطهاد المسلمين ونهب خيراتهم وتشجيع البوذيين الماغ (أصل هندي)على ذلك.
وفي عام (1824م) احتلت بريطانيا ميانمار، وضمّتها إلى حكومة الهند البريطانية الاستعمارية.
وفي عام (1937م) جعلت بريطانيا ميانمار مع أراكان مستعمرة مستقلة عن حكومة الهند البريطانية الاستعمارية كباقي مستعمراتها في الإمبراطورية آنذاك، وعُرفت بحكومة ميانمار البريطانية.
واجه المسلمون الاستعمار الإنجليزي بقوة، ما جعل بريطانيا تخشاهم، فبدأت حملتها للتخلّص من نفوذ المسلمين باعتماد سياساتها المعروفة (فرِّق تَسُد)، فعَمَدَتْ إلى تحريض البوذيين ضد المسلمين، وأمدّتهم بالسلاح حتى أوقعوا بالمسلمين مذبحةً عام 1942م فتكوا خلالها بحوالي مائة ألف مسلم في أراكان!.
وفي عام 1948م، منحت بريطانيا الاستقلال لميانمار شريطة أن تمنح لكل العرقيات الاستقلال عنها بعد عشر سنوات إذا رغبت في ذلك، ولكن ما أن حصلوا على الاستقلال حتى نقضوا عهودهم، ونكثوا وعودهم، واستمروا في احتلال أراكان بدون رغبة سكانها من المسلمين (الروهنجيا) والبوذيين (الماج) أيضا، وقاموا بأبشع الممارسات ضد المسلمين.
ولم تتغير أحوال المسلمين الروهنجيا، بعد الانتخابات التي جرت في نوفمبر 2010م، حيث ما زال مخطط إخراج المسلمين من أراكان موجودا، وقد نجحت هذه الممارسات في تهجير 3ـ 4 مليون مسلم حتى الآن ومئات آلاف القتلى.
أصابع المجوس
وأوضحت مصادر صحفية أن صور بعض معممي الشيعة انتشرت في فترة من الفترات وهم يجولون في أطراف ميانمار، ويعقدون لقاءات واجتماعات مع الرهبان البوذيين الحُمْر ويتبادلون معهم الأحاديث والحوارات!.
وكشف نشطاء بورميون عن اجتماعات سرية مفاجئة جمعت بين قيادات شيعية والرهبان البوذيين الحمر في بورما، في عام 2015 بحسب صحيفة "الفتح".
وقال رئيس وكالة أنباء الروهنجيا "عطا الله نور": إن سبب وجود المد الشيعي في بورما عدم اهتمام الدول الإسلامية بمسلمي بورما الاهتمام الكافي، وعدم تأسيس مراكز إسلامية أو افتتاح معهد لتعليم اللغة العربية، وتحفيظ القرآن الكريم، والأحاديث النبوية الشريفة، وفهم العقيدة على أساس صحيح.