كتب سيد توكل:
أكد مراقبون وإعلاميون أن تغيرًا يحدث على خريطة برامج فضائيات تدعم الانقلاب العسكري، وبات واضحًا أن الأوامر الجديدة هي زيادة جرعة الإلهاء وردم رائحة فساد جنرالات الدم وقطع الكلام عن الفساد بأخبار أهل الفن والغناء.
وتحدث قائد الانقلاب عبدالفتاح السيسي في تسريب سابق عن "أذرع إعلامية" تروج للجيش والانقلاب، وهو ما يعني أن السيسي نجح في تأسيس أذرع إعلامية، كشف عنها تسريب بثته قناة مكملين.
تسريب أذرع الإلهاء
وبثت قناة "مكملين" الفضائية في وقت سابق تسريباً من مكتب السيسي، يفضح انخراط الجيش في التأثير على وسائل الإعلام، حيث إن التسريب عبارة عن حوار بين كل من اللواء عباس كامل مدير مكتب السيسي، وبين العقيد أحمد علي الذي نفاه السيسي إلى إحدى الدول الإفريقية عبر تعيينه ملحقًا عسكريًا في إحدى السفارات المصرية.
وحسب التسريب الذي بثته القناة، فإن كامل يطلب من المتحدث العسكري أحمد علي أن يوعز للإعلاميين التابعين لهم أن يبدؤوا حملة على القنوات التلفزيونية للدفاع عن السيسي، وأن يزعموا بأن هناك حملة تستهدف السيسي.
ويقول كامل بأن الفكرة جاءت بناء على لقاء انتهى لتوه بينه وبين المشير، حيث يطلب كامل من علي أن يكتب الأفكار المطلوب أن يقوم الإعلاميون المحسوبين على الجيش وعلى السيسي بترويجها على المشاهدين.
وكشف التسريب عن عدد من الإعلاميين والقنوات ممن يعملون لحساب السيسي، حيث أورد اللواء كامل اسم الإعلامي أحمد موسى، ووائل الإبراشي، وإبراهيم عيسى، وعزة مصطفى، ورولا خرسا، ومحمود سعد، وذكر بالاسم قناة أون تي في.
بلاها أزمات ونتلهي بالفن!
من هذه الأذرع الإعلامي "عمرو أديب" الذي خصص يومًا للفنانين في برنامج "كل يوم" الذي يقدمه على شاشة قناة "ON E" حيث يستضيف "أديب" كل أربعاء أحد الفنانين للحديث عن أعمالهم وخطواتهم المقبلة.
وحققت بعض تلك الحلقات مشاهدات كبيرة، مثل الحلقة التي استضاف فيها الممثل "محمد رمضان" وطلب منه تقليد الفنان الراحل أحمد ذكي، إضافة إلى الحلقة التي استضاف فيها المطربة أنغام بعد غياب طويل عن الشاشة.
وعلى خطاه تابعت زوجته الإعلامية "لميس الحديدي"، حيث استضافت نجوم برنامج "SNL بالعربي" -وهو برنامج كوميدي ترفيهي- حيث سمحت لهم بتقديم بعض الفقرات الكوميدية مثل تقليدها هي وزوجها الإعلامي عمرو أديب.
بل ذهبت إلى أبعد من ذلك حين قبلت بأداء مشهد تمثيلي يجمعها بالفريق؛ حيث تظهر فيه بشخصيتها الحقيقية بينما يقوم أعضاء فريق SNL بالعربي بالسخرية منها قبل أن تدخل عليهم الغرفة فجأة لتُصدم تجاه موقفهم منها.
أبو حمالات ملتزم بالتعليمات
وبدأت "الأذرع الإعلامية" بتنفيذ الخريطة الجديدة للإلهاء، وتحدثت الإعلامية "نائلة عمارة" بالكلام الذي طلبه اللواء عباس في تسريب مكملين على قناة "القاهرة والناس".
كما فعل الإعلامي المعروف بمولاته للانقلاب "إبراهيم عيسى" الشيء نفسه، وقد بدا واضحاً وهو ينفذ التعليمات التي أمر بها اللواء كامل، وبدا واضحًا أنه جزء من الحملة المدافعة عن السيسي، وقال مذيع "مكملين" إن إبراهيم عيسى هو الأكثر التزامًا بالكلام الذي أمر به اللواء كامل.
وقال مصدر إعلامي: "أظن أن هذه الحالة سوف تستمر لفترة معينة لن تقل عن عام آخر حتى تقترب الانتخابات الرئاسية المقبلة وحينها سيمل الجمهور من الفن كما مل من السياسة".
وأضاف "لا بد من التوازن إلا أن هذا التوازن غير موجود الآن.. لكن لن يتم استعادته قبل عام أو في حال شعور القائمين على الأمر في مصر بحاجة الجمهور إلى التثقيف والوعي السياسي.. وأن يكون ذلك بالتوازن وليس بالتطرف كما كان يحدث بعد الثورة أو بالانكماش التام مثلما يحدث الآن".
فيما احتفظ الإعلامي وائل الإبراشي بمساحة من كبيرة السياسة داخل برنامجه دون أن يجنح إلى استضافة الفنانين، لكنه بدأ منذ فترة في رفع جرعة الفن داخل برنامجه عن طريق استضافة فنانين غائبين عن الساحة منذ فترة، وجرهم إلى عالم السياسة لمعرفة رأيهم في النظام الحالي وفي حكم الإخوان، مثل حلقة المطرب "إيهاب توفيق" الذي اتهم الإخوان بتهديده بإيذاء أبنائه، والممثلة "سماح أنور" التي روت قصة هروبها إلى إحدى الدول العربية في ظل حكم الإخوان، والممثلة "إلهام شاهين" التي روت قصة رفضها مقابلة الرئيس مرسي.
أما عن الإعلامية "منى الشاذلي" فقدمت برنامجًا ترفيهيًا على قناة "سي بي سي" بعنوان "معكم" تستضيف فيه العديد من الفنانين والممثلين وبعض المشاهير على اليوتيوب والسوشيال ميديا بالإضافة للحديث عن حياتهم الشخصية ومشاريعهم الفنية المقبلة.
فيما تضمن برنامج الإعلامي عمرو الليثي التواصل اليومي مع الجمهور من خلال برنامجه "بوضوح" فضلًا عن تقديم حلقات تعتمد في محتواها على أهل الفن والموضوعات الغريبة التي تجذب الناس .
برلمان مكسح وإعلام هابط
من جهته أكد الكاتب الصحفي محمد عبد الرحمن، رئيس تحرير موقع إعلام. أورج، إن جرعة الترفيه زادت في إعلام الانقلاب الفترة الأخيرة كنتيجة للاعتراف من صُناع بأن الجمهور قد ملّ من الجرعات المكثفة للأزمات.
وقال عبد الرحمن:"كّثف الإعلام جرعة السياسة خلال عدة سنوات متتالية ، لدرجة أنه في الوقت الذي توقف فيه الدوري المصري انتقلت القنوات الرياضية للحديث هي الأخرى في السياسة ، ومن ثم هناك اعتراف بأن الجمهور قد مل من هذا المجال فضلًا على تراجع اهتمام الجمهور بالمناقشات السياسية لأنه لم يعد هناك انتخابات برلمانية أو رئاسية بمعنى أن هذه القضايا لم تعد مطروحة وهذا أدى إلى عدم وجود بدائل كثيرة أمام مقدمي برامج التوك شو لتقديم موضوعات سياسية طازجة مثل السابق".
وأردف: "حتى البرلمان نفسه أداؤه السياسي ضعيف ولا يستطيع أحد مشاهدة ما يحدث داخله نتيجة منع البث المباشر ومن ثم أغلق رافد من الروافد الذي يمكن للإعلام أن يعتمد عليها، فالبرلمان لم يفرز شخصيات سياسية جديدة لاستضافتها، حتى الذين ظهروا خرجوا بقضايا مثل "محاكمة نجيب محفوظ" والقضية التي طرحها النائب إلهامي عجينة وتتم مناقشتها كقضايا غريبة أو طريفة وليست قضية سياسية، إضافة إلى أن الإعلام لا يريد تشتيت الجمهور بقضايا سياسية والتركيز على كون مصر في حرب مع الإرهاب".