رامي ربيع
لا يخفى على أحد هشاشة مؤتمرات ما تسمى بـ"جامعة الدول العربية"، فالشعوب العربية لا تعلق آمالا عريضة على حكام ثاروا ضدهم وتعرضوا للقتل والتهجير على أيديهم، وربما مؤتمرات "موسكو" و"جنيف" باتت أكثر حضورا وتأثيرا في المشهد العربي.
ومنذ نشأتها قبل 72 عاما، لا تمثل جامعة الدول العربية أي إطار للعمل العربي المشترك إلا في بعض المواقف التي توصف بالنادرة، وقلما كان لهم دور يذكر حتى وصفوا بأنهم الأطول عمرا والأقل حضورا، مما دعى صحيفة هآرتس الإسرائيلية إلى السخرية منها، ووصْف ممثليها بأن "آخرهم بيان".
عشرات المجالس التي أُنشئت بغرض تحقيق التكامل العربي، لكنها صارت أقرب إلى العبء؛ بسبب عدم ارتقائها إلى مستوى التحديات المطلوبة والطموحات، وحتى تلك القرارات الجيدة أحيانا ظلت غالبا حبرا على ورق، وقتل عشرات الآلاف، واحتلت عواصم عربية، وأبيدت أخرى، وانفصلت إحداها، وما زال منظموها يتخبطون في براثن النزاع أينما توجههم لا يأتون بخير.
ويرى محللون أن قراراتهم لم تفعل على مدار السبعة عقود الماضية؛ بسبب اختلاف السياسات بين الدول الأعضاء؛ فلكل دولة سياستها، ولم تكن جهازا إلزاميا مركزيا كما في تجارب دول أخرى.
انتهت حرب عام 1948م بالنكبة، واحتلت فلسطين، وقتل أكثر من مليون ونصف مليون شهيد في الجزائر غير نكسة 1967م، وحرب الخليج والحرب الأهلية اللبنانية التي استمرت 15 عاما، والقضاء على أهل السنة في العراق، وقتل أكثر من 500 ألف إنسان في سوريا، والحرب المشتعلة في اليمن وليبيا وسيناء، والعداء المستحكم بين بعض الأنظمة العربية اليوم، كل هذا وأكثر جعل مراقبين يؤكدون أن تلك المؤتمرات شكلية لحفظ ماء الوجه، ولا تؤثر على أرض الواقع في شيء.
ربما أحيت حرب 1973م- ولو قليلا- التضامن العربي، فقد أرسلت عدة دول عربية جنودها وأسلحتها إلى مصر، واتخذت أخرى قرارات جريئة ضد إسرائيل وحلفائها، كقرار السعودية بقطع إمدادات النفط عن الغرب، ولكن سرعان ما كانت الأزمة بتوقيع مصر معاهدة السلام في إسرائيل، فانقسم العرب حينها، وقرروا نقل مقر الجامعة.