كتب: يونس حمزاوي
قالت صحيفة "جيروزاليم بوست" الصهيونية، إن عبد الفتاح السيسي، قائد الانقلاب، في أضعف حالاته منذ سيطرته على السلطة، في 3 يوليو 2013م، وأضافت أنه من أجل الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب، فإن السيسي يضحي بقضايا العرب.
جاء ذلك في تقرير للصحيفة، اليوم الأحد، خصصته لتحليل موقف النظام المصري حيال قرار إدانة المستوطنات الإسرائيلية، والتصويت في مجلس الأمن بعدم مشروعيتها، وكواليس سحب السيسي لمشروع القرار المصري.
فلسطين ورقة لإضفاء الشرعية
ونقل التقرير عن مخيمر أبو سعدة، أستاذ العلوم السياسية في جامعة الأزهر بمدينة غزة، أن معظم القادة العرب يحاولون دعم القضية الفلسطينية لمواصلة إضفاء الشرعية على نظامهم في نظر شعبهم، ومثل هذا القرار سيكون شيئًا جيدًا في عيون الناس.
وبحسب الصحيفة، فإن السيسي سعى لاستخدام عضوية بلاده في مجلس الأمن لصالح الفلسطينيين، من خلال تقديم قرار يطالب بتجميد البناء في المستوطنات اﻹسرائيلية، إلا أنّ السيسي لم يحصل إلا على الضرر لمصداقيته بعد سحبه للقرار.
وقدمت حكومة السيسي مشروع قرار، الأربعاء الماضي، قبل سحبه، الخميس، بعد ضغوط ترامب وإسرائيل، وصوتت لصالحه، يوم الجمعة، عندما قدمته نيوزيلندا، والسنغال، وفنزويلا، وماليزيا.
صياغة مشروع القانون- الذي نصّ على أن المستوطنات ليس لها شرعية قانونية- كان فرصة لنظام السيسي المحاصر لإظهار دعمه للقضية الفلسطينية، الذي يتردد صداه في جميع أنحاء العالم العربي، وهو أولوية بالنسبة لكثير من المصريين.
ويرى التقرير أن القرار كان فرصة للسيسي لإظهار أنه يعمل لصالح الفلسطينيين، رغم المشاكل الاقتصادية اﻷمنية، بما فيها الهجوم على الكاتدرائية البطرسية، قبل أسبوعين، التي قتل فيها 25 شخصا.
ولكن كل شيء تغير عندما أعلن ترامب، الخميس، عن أن الولايات المتحدة يجب أن تستخدم حق النقض (الفيتو) ضد القرار، وبما أن السيسي يعول على دعم ترامب لنظامه المترنح، فهو ببساطة لا يستطيع الذهاب ضد إرادة الرئيس المنتخب.
السيسي في أضعف حالاته
ولفهم سبب هذا اﻷمر، ترى "جيروزاليم بوست" أنه يجب الأخذ في الاعتبار مدى ضعف موقف السيسي، حتى قبل الهجوم على الكنيسة، فهو يواجه تحديات لا تعد ولا تحصى، بما في ذلك تدهور العلاقات مع السعودية؛ الراعي الرئيسي للاقتصاد المصري، التي علقت إمدادات الوقود المدعومة إلى القاهرة؛ بسبب زيادة ميل مصر تجاه نظام الأسد وروسيا في الحرب الأهلية السورية، بجانب المواجهة مع جماعة الإخوان، والعنف في سيناء، ومشاكل الشباب المصري، بما في ذلك ارتفاع معدلات البطالة.
وبحسب "ميرا تذريف"، المتخصصة في الشئون المصرية بجامعة تل أبيب، فإن السيسي حاليا أكثر ضعفا من أي وقت مضى منذ أن سيطر على الحكم.
وبحسب التقرير، فإن النقطة البيضاء الوحيدة للسيسي في ظل هذه الأزمات هي فوز ترامب، الذي أبدي كل منهما إعجابه بالآخر، خصوصا وأن ترامب لا يكترث بملف حقوق الإنسان في مصر، بعكس كلينتون.
ويلفت التقرير إلى أن ترامب وصف السيسي بعد لقائهما، سبتمبر الماضي، بأنه رجل رائع، مشيرا إلى أن السيسي يضع نصب عينيه المساعدات الاقتصادية التي يحتاجها بشدة، بجانب الدعم الدبلوماسي، في حين ينظر ترامب لمصر باعتبارها حليفا رئيسيا في العالم العربي.
وينتهي التقرير إلى أن السيسي وبالتأكيد لن يدمر كل هذا، من أجل قرار الأمم المتحدة، لذلك سحبت مصر القرار حفاظا على عطايا ترامب.
"تبريران" لحكومة السيسي
يلفت التقرير كذلك النظر إلى أن القاهرة صوتت لصالح القرار عندما أعيد تقديمه، مستندة إلى أن تبريرها بأنها بذلت قصارى جهدها عن طريق سحب القرار، وباعتبارها دولة عربية ليس لديها خيار سوى دعم القرار، سوف تقبله أمريكا إسرائيل.
وبحسب التقرير، فإن هناك مشكلة واحدة أمام السيسي، وهي كيفية تبرير ذلك للجمهور. ويذكر التقرير أن الخارجية المصرية اعتبرت سحب مشروع القرار مناورة تكتيكية بهدف التأكد من عدم استخدام الفيتو ضد مشروع القرار، لا سيما بعد حث ترامب إدارة أوباما على استخدام "الفيتو".
أما التبرير الثاني فجاء على لسان أحمد أبو زيد، المتحدث باسم خارجية السيسي، في تصريحات نشرتها المصري اليوم، حيث زعم أن مصر- التي سوف تكون الشريك الرئيسي في أي مفاوضات مستقبلية بين الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني، بالتنسيق مع الإدارة الأمريكية الجديدة- وجدت أنه من المهم الحفاظ على التوازن الضروري للتأكّد من أنه يمكن أن تؤثر على جميع الأطراف في أي مفاوضات مستقبلية.
وينتهي التقرير إلى أنه بغضّ النظر عن التفسيرات الرسمية، شيء واحد واضح، بالنسبة للسيسي، وهو الحفاظ على علاقات جيدة مع ترامب، التي يراها ورقة رابحة، بحسب التقرير.