كتب: يونس حمزاوي
رغم الملاحظات الكثيرة على خطاب قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي، اليوم الخميس 8 ديسمبر 2016، بمناسبة مولد النبي- صلى الله عليه وسلم- والذي احتفلت به وزارة الأوقاف، بحضور السيسي، وشيخ الأزهر أحمد الطيب، ومختار جمعة وزير الأوقاف، ولفيف من مشايخ العسكر، إلا أن أبرز الملاحظات هي أربعة، تتعلق بالوضع الاقتصادي الذي تناوله السيسي في خطابه اليوم.
تناول الأزمة ولم يذكر الحلول
أولى الملاحظات هي أن السيسي تناول جوانب الأزمة الاقتصادية وأبعادها وآثارها والظروف الصعبة والأسعار الغالية، إلا أنه لم يضع حلولا لهذه الأزمة!.
كما أن السيسي- لأول مرة- لم يعد المواطنين بخفض الأسعار على غرار المرات الأربع السابقة التي وعد فيها بخفض الأسعار، وكل مرة يفشل في تحقيق وعوده، ولم يعتذر حتى عن هذه الوعود الكاذبة، فقط تحدث عن برنامج لإصلاح "مؤشرات الاقتصاد" من عجز موازنة وديون.
ويتساءل الخبير الاقتصادي مصطفى عبد السلام- في مقال له اليوم بصحيفة "العربي الجديد"- تحت عنوان «الدولار والسيسي.. والاحتمالات المفتوحة»: «لماذا لم يعد السيسي المصريين هذه المرة بقرب خفض الأسعار على غرار الأربعة وعود السابقة، ولماذا لم يحدثهم عن مصير الوعود الأربعة السابقة؟».
إلا أنه فقط طلب مهلة 6 شهور لتصحيح الأوضاع، دون أن يحدد كيف سيتم ذلك، رغم تراجع كل المؤشرات وموارد الدولة!.
غموض عبارة "السعر العادل للدولار"
الملاحظة الثانية هي: ما المقصود بالضبط بحديثه اليوم عن السعر العادل للدولار؟ هل هو يقصد أن سعر الدولار المتداول في السوق، خاصة في البنوك وشركات الصرافة، هو سعر مبالغ فيه وكبير ولا يعبر عن حقيقة الاقتصاد المصري، وبالتالي هو يبعث برسالة للسوق والمدخرين للدولار والمكتنزين مفادها أن الدولار سيتراجع خلال الفترة المقبلة، وأن على هؤلاء الهرولة للتخلص منه حتى لا يتعرضوا لخسائر؟ وإذا كان هذا الاحتمال غير صحيح فماذا يقصد بالضبط؟
فحديث السيسي اليوم، بحسب عبد السلام، لم يقطع ما إذا كان سعر الدولار سيتراجع خلال الفترة المقبلة أم سيحدث العكس، هو تحدث فقط عن أن (الاقتصاد المصري مش طبيعي فيه إن الدولار يكون بسعر 17 و18 جنيها).
إذا كان الجميع يعلم الظروف الصعبة التي يمر بها الاقتصاد المصري، ففي هذه الحالة: هل يريد السيسي من تصريحاته اليوم أن يقول لنا إن الاقتصاد قوي، وبالتالي لا بد أن يقوى الجنيه أمام الدولار؟ وهنا لا بد أن تتراجع العملة الأمريكية لأن قيمتها مبالغ فيها؟ أم أن توقعات السيسي تصب في دائرة العكس، بأن سعر الدولار سيرتفع بسبب ضعف أداء ومؤشرات الاقتصاد المصري، واستمرار وضع الاقتصاد على ما هو عليه قبل الحصول على قرض صندوق النقد الدولي؟.
ما المقصود بالسعر العادل والمتوازن للدولار؟
أما الملاحظة الثالثة فهي: ما المقصود بالسعر العادل والمتوازن للدولار الذي تحدث عنه السيسي في خطابه؟ فهو لم يقل لنا ما هو السعر الحقيقي للدولار حتى نعرف إذا ما كان السعر قريبا من السعر المتداول في السوق، وكيف يتم احتساب السعر العادل أصلا؟
علما بأن تحديد السعر العادل للعملة مسألة معقدة جدا، وتحتاج إلى حسابات دقيقة تتعلق بمعدلات النمو الاقتصادي الحالي والمستهدف، ومعدل الانتاج القومي الإجمالي، ونسبة التضخم ومقارنتها بأسعار الفائدة داخل السوق، وعجز الميزان التجاري، وحجم الذهب والاحتياطي من النقد الأجنبي لدى البنك المركزي، وموارد البلاد من النقد الأجنبي، والالتزامات الخارجية والديون قصيرة الأجل المستحقة على الدولة وغيرها.
كما يتوقف السعر العادل للعملة- بحسب مقال عبد السلام- على خطة الدولة وما إذا كانت تريد زيادة الصادرات والحد من الواردات، أم إنعاش السياحة والاستثمارات، لأن تقوية الجنيه أكثر من اللازم مقابل الدولار لن يكون مثلا في صالح السياحة.
وما علاقة السيسي أصلا بسعر الدولار؟
أما الملاحظة الرابعة على خطاب السيسي، فهي أنه لا يوجد رئيس دولة في العالم يتحدث عن مستقبل سعر الدولار واتجاهات أسعار الصرف في بلده، خاصة وأن هذه قضية حساسة جدا وفنية جدا، وهناك عرف مصرفي سائد في كل دول العالم كله يقضي بأن المسئول الأول والأخير عن الحديث عن إدارة السياسة النقدية وسعر الدولار وسوق الصرف هو محافظ البنك المركزي.
يفسر عبد السلام ذلك بقوله: «لو خرج علينا ترامب أو أوباما للحديث عن سعر الدولار، هنا سيواجه بانتقادات عنيفة من الأمريكيين؛ لأن هذه مسئولية مجلس الاحتياط الفيدرالي (البنك المركزي الأمريكي)، وليست مسئولية الرئيس الأمريكي، وكذا الحال في منطقة اليورو واليابان وغيرها من الدول المتقدمة»!.