شاهد “بروموهات الثورة”.. دعوات حاشدة وهواجس أمنية

- ‎فيأخبار

كتب – هيثم العابد

مع اقتراب العد العكسي لذكرى ثورة 25 يناير، تعالت الأصوات الثورية على مواقع التواصل الاجتماعي من أجل الحشد فى كافة الميادين والشوارع للإطاحة بالحكم العسكري واستعادة مكتسبات الثورة كاملة، والقصاص لدماء الشهداء، وعقاب مليشيات الانقلاب على جرائمها بحق الشعب المِصْري، التى أصابتها حالة من الهلع من اقتراب الذكرى الخامسة لملحمة "ميدان التحرير".

وقابل نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي موجة الاعتقالات العشوائية التى شنتها مليشيات الداخلية، بنشر العديد من "البروموهات" التى تطالب الشعب المصري بالنزول من جديد إلى الميادين من أجل مواجهة دولة الظلم ومحاولة إنقاذ الوطن من الانهيار بعد فشل العسكر فى إدارة مؤسسات الدولة، وتوالي النكبات على رأس المواطنين.

وتنوعت "بروموهات الثورة" من أجل تحفيز الشعب على المشاركة فى الثورة؛ حيث حاول النشطاء تذكير المِصْريين بالدماء التى أريقت فى شوارع وجامعات وداخل معتقلات العسكر، وحملات الاعتقالات العشوائية والاختفاء القسري التى طالت المِصْريين دون تمييز لتكتظ زنازين الانقلاب بعشرات الآلاف من مناهضي حكم البيادة.

 

فيما رصدت الكوارث التى ضربت الوطن على مدار عامين ونيف من دهس العسكر لمكتسبات يناير، وارتفاع الأسعار على نحو غير مسبوق، وانهيار الاقتصاد، وخراب البنية التحتية، واختفاء الأدوية، وغرق محافظات مِصْر فى مياه الأمطار، وخداع الشعب بمشروعات وهمية ابتلعت الاحتياطي النقدي، وعسكرة مفاصل الدولة بإسناد المناصب الحيوية لجنرالات الفساد، ورفع الدعم عن البسطاء فى مقابل مضاعفة رواتب ثالوث الانقلاب "الجيش والشرطة والقضاء"، والتفريط فى حقوق مِصْر التاريخية فى مياه النيل، والتنازل عن الغاز الطبيعي للكيان الصهيوني.

وأعادت "بروموهات الثورة" للأذهان مشاهد سحق المِصْريين وامتهان كرامتهم داخل المعتقلات وأقسام الشرطة، التى تفاقمت على نحو مستنسخ لحقبة ما قبل 25 يناير، فضلا عن التذكير بمجازر الحكم العسكري منذ صعد إلى رأس السلطة عقب الإطاحة بمبارك قبل أن يستردها مجددًا فى عهد السيسي فى محمد محمود وماسبيرو ومجلس الوزراء واستاد بورسعيد والحرس الجمهوري والمنصة ورابعة والنهضة وكرداسة ودلجا واستاد الدفاع الجوي، التى خلفت آلاف القتلي والمصابين وعشرات الآلاف من المعتقلين والمختفين قسريًّا.

وتفاعل النشطاء على نحو واسع مع مقاطع الفيديو التى دعت إلى الثورة وطالبت الشعب بالنزول إلى الشوارع لإنقاذ الدولة من حكم العسكر، وترجمها مناهضو الانقلاب إلى هاشتاجات التأكيد على المشاركة فى الثورة والزحف إلى الميادين.

 وفى المقابل، أصابت دولة العسكر حالة من الهلع أمام تنامي الغضب فى الشارع المِصْري؛ حيث شنت مليشيات الانقلاب حملة اعتقالات موسعة بحق الداعين إلى التظاهر ضمن حزمة من الإجراءات الأمنية غير المسبوقة، خوفًا من مصير المخلوع المرتقب.

وزارة داخلية الانقلاب كشفت عن خطة أمنية موسعة للسيطرة على دعوات إحياء ذكرى ثورة 25 يناير، واتخاذ أقصى درجات الاستعداد والاستنفار الأمني بجميع الإدارات على مستوى الجمهورية، واستحداث منظومة جديدة لمراقبة الطرق الرئيسية والميادين بالقاهرة الكبرى عبر طائرات مروحية تابعة للشرطة، لرصد أي تهديد أمني أو تجمعات على مدار اليوم.

وقرر مجدي عبد الغفار إلغاء إجازات جميع الضباط والأفراد، كما تم تكليف إدارة الحماية المدنية بنشر خبراء المفرقعات بالميادين والمحاور الرئيسية كافة، وتشديد الحراسة على المنشآت الحيوية والمواقع الأمنية، والمراكز التجارية وتمشيطها بشكل دوري للتأكد من عدم وجود عبوات ناسفة تم زرعها بها.

بدوره، كشف محمد صقر -مساعد وزير الداخلية للحماية المدنية- عن استيراد 50 إنسان آلي متخصص في التعامل مع المتفجرات وأجهزة متطورة للكشف عن العبوات الناسفة و150 بدلة واقية ضد المتفجرات و110 مدافع مياه لتفجير العبوات عن بعد، من السويد والولايات المتحدة بتكلفة 200 مليون جنيه، للتعامل مع التهديدات الأمنية المتوقعة في الفترة المقبلة وتأمين الأماكن الشرطية والمنشآت العامة والقنصليات الأجنبية.

وحاولت داخلية الانقلاب استنساخ فزاعات المخلوع مبارك لتخويف الشعب من النزول، زاعمة أن الجماعات الإرهابية تتعمد نشر الشائعات حول انتهاكات تقوم بها الشرطة تجاه المواطنين، ومن بينها الاتهامات بوجود حالات إخفاء قسري للمعارضين، بغرض تهييج الرأي العام بالتزامن مع اقتراب الاحتفالات بذكرى ثورة 25 يناير، مشيرة إلى أن منظمات حقوق الإنسان تنساق وراء هذه الشائعات وترددها دون دليل.

ونصبت مليشيات العسكر كمائن عشوائية لتفتيش المواطنين وفحص أجهزة الهواتف المحمولة والقبض على أي شخص يظهر من حساباته على مواقع التواصل الاجتماعي معارضته النظام أو تأييده للتظاهر في ذكرى الثورة، مع انتشار مكثف لرجال الأمن ودوريات الشرطة وقوات مكافحة الشغب وتعزيز الإجراءات الأمنية حول أقسام الشرطة ومديريات الأمن وإغلاق بعض الشوارع المؤدية إليها بالحواجز الحديدية والكتل الأسمنتية.

وكان السيسى قد عقد مطلع الأسبوع الجاري اجتماعًا سريًّا مع مستشارين وقيادات أمنية عليا لمراجعة خطة تأمين "ذكية" للبلاد، أعقبه استمرار شن حملات أمنية موسعة لاستهداف الشباب، مع عودة التفجيرات المخابراتية وإشاعة الفوضي لتفزيع الشعب، الذى قرر الصمود فى مواجهة تدابير العسكر وعزم أمره على النزول من أجل الحرية.