الأسباب الحقيقية وراء عزل “الهشامين” رامز وجنينة

- ‎فيتقارير

بكار النوبي
أرجع الخبير الاقتصادي مصطفى عبد السلام عزل كل من هشام رامز محافظ البنك المركزي السابق، وهشام جنينة رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات، إلى خروجهما عن النص المرسوم، وانتقادهما علنًا طريقة السيسي في الحكم.

وقال عبد السلام، في مقال له اليوم السبت بصحيفة "العربي الجديد" بعنوان «الهشامان رامز وجنينة والخروج عن النص»: «ذهب هشام رامز محافظ البنك المركزي المصري، ومن بعده ذهب هشام جنينة رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات، والبقية تأتي، ولا أحد فوق العزل والإقالة من منصبه، وبإخراج مذل، طالما تجاوز النص وتخطى الحدود المرسومة له».

إهانة رامز

ويبدى كاتب المقال اندهاشه من الطريقة التي تم بها إقالة رامز، «أُرغم رامز على الاستقالة رغم أن الرجل لم يكن قد تبقى على انتهاء فترته القانونية إلا شهر واحد فقط، لكن إمعانا في إذلاله والتنكيل به لم ينتظروا عليه هذا الشهر وأرغموه على الاستقالة».

ويفسر سبب هذه المعاملة المهينة مع الرجل الذي خدم النظام كثيرا، «السبب أن الرجل اقترب من "قدس الأقداس".. مشروع قناة السويس، حينما قال إن التفريعة الجديدة للقناة كانت أحد أسباب أزمة الدولار الرئيسية؛ لأنه تم تنفيذها في وقت قياسي، وخلال عام واحد بدلا من ثلاث سنوات، وهو ما أدى إلى زيادة الضغط على سوق الصرف وسحب سيولة دولارية منه لسداد مستحقات شركات الحفر والتكريك، التي جاؤوا بها على عجل لتنفيذ المشروع العملاق في الموعد المحدد».

وبحسب عبد السلام، كان يمكن التغاضي عن الطريقة الجافة التي يتعامل بها رامز مع المسؤولين في الحكومة، والتجديد لها مرات عديدة، ولكنه «عندما تجاوز الرجل الخطوط الحمراء المرسومة لأي مسؤول في البلاد، تم إطلاق رصاصة الرحمة والإعلام ورجال الأعمال عليه، وتحميله أزمة الدولار كاملة، رغم الحرفية التي تعامل بها الرجل مع هذا الملف الخطير في ظل محدودية الموارد الدولارية، والعبث الذي يمر به المشهد الاقتصادي».

جنينة يكرر نفس السيناريو

وحول عزل المستشار هشام جنينة، يقول عبد السلام: «في تقديري أن هشام جنينة كرّر خطأ رامز حينما تحدث عن حالات فساد بقيمة 600 مليار جنيه. النظام اعتبره شخصا مجنونا يتحدث عن وجود فساد في مدينة فاضلة ونظيفة من الجرائم المالية، مدينة تعلن مكافحة الفساد علنا ليل نهار، لكن في الخفاء يترعرع فيها الفساد ليزكم الأنوف ويدهس الصغار قبل الأثرياء».

أرقام مفزعة عن الفساد

يضيف المقال «الطريف أنه عقب إقالة هشام جنينة من منصبه، خرجت علينا الصحف المحسوبة على النظام برقمين يرصدان حالات فساد تفوق قيمتها تقديرات الرجل الأول المكلف بمكافحة الفساد. الرقم الأول جاء على لسان عضو البرلمان ورئيس مصلحة الضرائب الأسبق أشرف العربي، حينما قدّر حجم التهرب الضريبي في مصر بنحو 250 مليار جنيه سنويا، وقال إن الخزانة العامة المصرية تفقد هذا الرقم الذي لا يدخل ضمن الإيرادات العامة بسبب عمليات التهرب».

ويتابع «أما الرقم الثاني، فوفق ما أوردته جريدة "الوطن" القريبة من النظام، فقد تسلّمت رئاسة الجمهورية ومجلس الوزراء تقريرا من هيئة الرقابة الإدارية والجهاز المركزي للمحاسبات، الثلاثاء الماضي، تضمّن حصرا للتعديات على أراضٍ مملوكة للدولة، ومخالفات تخصيص للأراضي في كل المحافظات، بينها مخالفات طرق "القاهرة الإسكندرية"، و"القاهرة الإسماعيلية"، و"القاهرة السويس"، والواحات، إضافة إلى أراضي الحزام الأخضر في مدينة 6 أكتوبر، وأن القيمة الإجمالية للمخالفات والتعديات المحصورة بلغت 440 مليار جنيه».

ويستطرد «والغريب أيضا أن التقرير المشترك لهيئة الرقابة الإدارية والجهاز المركزي للمحاسبات قدّر حجم الفساد في قطاع الأراضي على الطرق الصحراوية فقط وحده بـ440 مليار جنيه، مع الإشارة هنا إلى أن التقرير جرى إعداده بناءً على طلب الرئاسة».

عزل الهشامين = هروب الاستثمار

وبحسب المقال، فإن عزل جنينة = هروب الاستثمار، مضيفا «لن أناقش هنا تأثيرات الإطاحة بالرجلين (رامز وجنينة) على الوضع الاقتصادي والمالي للبلاد، ولن أناقش مخالفة ذلك للدستور والقوانين التي تنظم عمل البنك المركزي المصري والجهاز المركزي للمحاسبات، والتي تحظر عزل رؤساء الأجهزة الرقابية من منصبيهما، فهذا معلوم للكافة، ولكن أسأل فقط: ماذا يكون قرار المستثمر الأجنبي عندما يعلم خبر الإطاحة برئيسي أكبر جهازين رقابيين في البلاد، الأول هو الجهة المسؤولة عن حماية أموال المودعين، والرقابة على القطاع المصرفي، وإدارة الاحتياطي وسوق الصرف، والثاني هو الجهاز المنوط به مكافحة الفساد وحماية المال العام؟!».