الجزائر.. الجيش يضع آخر اللمسات على الانقلاب

- ‎فيعربي ودولي

فقط في الدول الشمولية التي يهيمن العسكر على مفاصلها، يخشى الجنرال العجوز الساقط من فوق العرش أن تتلقفه أيادي المظلومين، أو أن يضحي به جنرال آخر يريد أن يخطو فوق أكتاف ثقة الشعب، وأن يقدمه قربانا لهذه الثقة وثمنًا يعزز به مكانته، وكشفت وثيقة سياسية، أعدّها رئيس حركة “مجتمع السلم” إخوان الجزائر، عبد الرزاق مقري، عن وجود مخاوف لدى عائلة الجنرال عبد العزيز بوتفليقة من الانتقام منها، في حال انتقل الحكم إلى مجموعات سياسية مناوئة.

واتهم مقري في الوثيقة التي تتكون من ثماني صفحات، شبكة المخابرات القديمة ورئيس الحكومة أحمد أويحيى بالتشويش على المبادرة السياسية وعرقلتها، قائلًا إنه “بعدما ظهرت بوادر إمكانية تحقيق التوافق… كان تدخل رئيس حزب تجمع أمل الجزائر، عمار غول، سيئًا جدًا على مستوى الطبقة السياسية التي شككت في مصداقية خطة التأجيل، واعتبرت أن تبنيه الموضوع دليل على عدم جدية السلطة، إضافة إلى الدولة العميقة وتحرك شبكات المخابرات القديمة”، في إشارة إلى القائد السابق لجهاز المخابرات الفريق محمد مدين، الذي أقاله بوتفليقة في سبتمبر 2015.

من جهتها دعت “جمعية العلماء المسلمين الجزائريين” إلى ضرورة ضمان حياد المؤسسة العسكرية، كما أنها شددت على ضرورة استمرار الحراك الشعبي والحفاظ على سلميته حتى تحقيق مطالبه، وشددت على عدم الاستجابة للمطالب الشعبية كاملة.

جاء ذلك في “مبادرة” أطلقتها “جمعية العلماء المسلمين الجزائريين”، اليوم الأربعاء، من خلال ندوة صحافية عقدتها بمقر الجمعية بالعاصمة برفقة مجموعة من هيئات المجتمع المدني الجزائري، في أول تعليق رسمي من الجمعية على خطوة الجيش عزل الرئيس بوتفليقة.

وقالت “علماء المسلمين” في المبادرة التي اختارت لها عنوان “الحل السلمي من أجل مستقبل الجزائر”، بـ”وجوب المحافظة على سلمية الحراك الشعبي واستمراريته إلى غاية تحقيق مطالبه المشروعة”، ودعت إلى “ضرورة ضمان حياد المؤسسة العسكرية واحتفاظها بمهامها الدستورية، المتمثلة أساسا في حفظ أمن الوطن والمواطن، في إطار الشرعية الدستورية ضمانا لعدم الانفلات”.

المادة 102

يتواصل مسلسل انقلاب مواقف الداعمين للرئيس بوتفليقة بشكل متسارع، بانضمام الأمين العام للاتحاد العام للعمال الجزائريين، عبد المجيد سيدي السعيد بقائمة المساندين لمقترح قائد أركان الجيش، الفريق أحمد قايد صالح بتطبيق المادة 102 التي يُعزل بموجبها بوتفليقة عقب 20 سنة قضاها في الحكم.

الأكيد أن التاريخ سيشهد لا محال أن عبد المجيد سيدي السعيد، كان من أشد المقربين والداعمين لعبد العزيز بوتفليقة، كما أنه كان من الأوائل الذين رشحوه لعهدة رئاسية خامسة بالرغم من متاعبه الصحية، فهل ما يقول به المعسكر الموالي لبوتفليقة سابقًا مناورة للتموقع في المرحلة المقبلة، أم أنه تخوف من الحساب والعقاب؟.

وعلى مدى فترة طويلة حتى يومنا هذا كانت الجزائر تحكم بطريقة سياسية وعسكرية مبهمة، غالباً ما توصف بالقوة، يتم فيها التوصل إلى القرارات وراء الكواليس من خلال نظام الآراء التوافقي الذي يمكن أن يكون قد أوشك على الانهيار، وفقاً للصحيفة.

مصير فنزويلا

وتساءل مراقبون عن مصير بوتفليقة، بعد ورود أخبار عن صراع على السلطة داخل المؤسسة العسكرية التي تحكم الجزائر في الأسابيع الأخيرة، ويتزايد القلق بين الجزائريين بسبب الغموض الذي يلف مصير بوتفليقة، تقول زينب عزوز، الأستاذة في جامعة قسنطينة الجزائرية :” يسعون لأن تظل الجزائر دولة رخوة خلال تلك الفترة، أو تتحول إلى فنزويلا وما يفعل بها الغرب والولايات المتحدة الأمريكية”.

وأوضحت عزوز، أن “مطالب الشارع الجزائرى لا تتمثل في تنحية رأس النظام، ولكن الشعب يريد تغيير جذري، ولن نصل للتغيير في ظل تواجد من كانوا السبب الرئيسي في الوضع الراهن، والشعب في الجزائر رغم القهر الذي يعيشه أصر على السلمية ولم ينزلق إلى العنف”.

وعبرت عزوز عن تخوفها من رجوع النظام إلى القمع، مضيفة “النظام في مثل هذه الوضعية سيقمع، وقد رأينا الحراك في الشارع لم يكن له ممثل، وننتظر هل سيخرج من هذا الحراك ممثلين شرعيين أم أنه سيقتل قبل أن يخلق”،ولفتت عزوز إلى أن الشعب الجزائري يواجه حربين: أولهما، حرب ضد السلطة القائمة، ثانيهما، حرب مع المعارضة التي لا تلقى ثقة منه، أما الشباب يواجه سيناريوهين: إما القمع أو التلاعب، فهل يستطيع شباب لا تتجاوز أعمارهم 20 عاما مواجهة النظام منفردين.