أكَّد خبراء أن قرار رئيس الوزراء في حكومة الانقلاب، مصطفى مدبولي، بإجراء تقييم أراضي هيئة النقل العام كافة من أجل بيعها واستغلال ثمنها في سداد ديونها والمستحقات التي عليها للحكومة، يعد تمهيدًا لخصخصة النقل العام.
وحذر الخبراء من أن قرار الحكومة ببيع أراضي هيئة النقل، وحرمانها من دعم "المالية"؛ يترتب عليه زيادة أسعار النقل، وتحميل المواطن عبء التطوير المزعوم.
وقال عضو لجنة النقل والمواصلات بالبرلمان المصري السابق، المهندس محمد فرج، إن "خسائر هيئة النقل العام في القاهرة الكبرى بلغت العام الجاري 260 مليون جنيه، بعد أن تلقت هيئة نقل الركاب بالإسكندرية دعمًا من الحكومة لتقليل عجز الخسائر، متسائلا: "فكيف تترك الحكومة هيئة النقل بالقاهرة دون دعم وتطالبها بتدبر أمرها؟".
وأضاف- في تصريحات لموقع "عربي21"- أنه من المفترض أن تقدم الدولة الدعم اللازم للهيئة في ظل الحالة المتردية لهيئة النقل العام، ووضع خطة طموحة لتطويرها وإصلاحها لا طرح أصولها للبيع لتقديم خدمة مميزة للمواطن تليق به.
وأوضح أن "ترك الهيئة للاعتماد على نفسها سيجعلها ترفع أسعار التذاكر دون تحسين مستوى الخدمة، وتترك الهيئة في مواجهة مع الناس، ما يعني زيادة خسائرها"، مشيرا إلى أن "الهيئة تحتاج إلى تحديث وتطوير لا بيع".
وشدَّد على أنه ينبغي "على الحكومة التراجع عن خططها ببيع أراضي الهيئة، واستبدالها بخطة عاجلة لتطوير هيئة النقل بهدف تقديم خدمة جيدة تحفز المواطنين على قبول زيادة أي أسعار مستقبلية؛ لأن بيع الأصول لن يحل الأزمة بل يسكنها لحين".
من جانبه، رأى الخبير الاقتصادي، أحمد ذكر الله، أن قرار حكومة الانقلاب يعد تنصلا من مسئولياتها تجاه المواطنين، سواء برفع أسعار الخدمات المقدمة لهم، أو بعرض تلك الخدمات للخصخصة ليقوم بها القطاع الخاص ويسعر الخدمة بالسعر الذي يراها.
وتابع "دأبت الحكومة خلال الفترة الماضية على استسهال بيع أصول الدولة لسداد ديون الشركات والمصانع الحكومية، وبدلا من أن تبذل الدولة مجهودا لإعادة استغلال تلك الأصول والمصانع والشركات وتحسين إنتاجيتها ووسائل إدارتها لجأت لبيعها".
وأردف "وطبقًا لذات المنهج ترفع الحكومة يدها عن شركة النقل العام، وبدلا من فتح مسارات موازية للقطاع الخاص في مجال النقل العام والاستفادة من الرسوم التي سيدفعها القطاع الخاص للسماح له بتقديم الخدمة في سداد ديون شركات النقل استسهلت الحكومة كالعادة، وأعلنت أنها بصدد بيع أصول تلك الشركات لسداد الديون المتراكمة عليها في توطئة للخصخصة الكاملة خلال الفترة القادمة".
من جانبه اعتبر المحلل الاقتصادي، محمد السيد، أن القرار يأتي في إطار سعي حكومة الانقلاب لرفع الدعم عن كافة الخدمات، ومنها المواصلات. وأشار إلى أن "الكثير من الأصول، الورش والأراضي، تقع في مناطق استراتيجية وحيوية كميدان التحرير، والعتبة، والمنيب، والجيزة، وهذه الأماكن الحيوية في قلب القاهرة ارتفع فيها سعر متر الأرض أضعاف ما كانت عليه قبل عقود".
ولفت إلى أن "من يدير المنظومة بالكامل في وزارة المواصلات الآن هو اللواء كامل الوزير، رئيس الهيئة الهندسية للقوات المسلحة السابق، والحديث عن تطوير القطاع ذاتيا مجرد كلام؛ وخير مثال على ذلك السكة الحديد التي ما زالت كمرفق حيوي يعاني من نقص شديد في الإمكانيات رغم ارتفاع أسعار تذاكر الركاب عدة مرات بما لا يتناسب مع الخدمة المقدمة".
يذكر أن هيئة النقل العام تُسهم في نقل نحو مليون ونصف المليون راكب يوميا، من خلال 3 آلاف أتوبيس، تسير في نحو 350 خطا، بإجمالي أطوال 7600 كم، عبر 24 جراجا، و156 محطة نهائية، و4 آلاف محطة عابرة.
وتشمل القاهرة الكبرى محافظات الجيزة والقاهرة والقليوبية، وتمثل نحو خُمس سكان مصر، ويعمل بهيئة النقل العام نحو 28 ألف شخص في وظائف متخصصة وحرفية.
ومن المقرر أن تذهب أموال بيع أراضي الهيئة لسداد ديون بنك الاستثمار القومي (حكومي)، بالإضافة إلى العمل على استثمار العائد من هذه الأراضي فى تطوير عمل الهيئة، وتحديث الأسطول، وفق بيان الحكومة.