استنكر خبراء اقتصاد تصريحات قائد الانقلاب العسكري عبدالفتاح السيسي بشأن رفع أسعار الخبز بدعوى توفير الدعم للوجبات المدرسية بحجة أن دعم الخبز لا يصل إلى مستحقيه .
وفند الخبراء مزاعم السيسي مؤكدين أن فاتورة الفساد في وزارة التموين بحكومة الانقلاب أضعاف الدعم المقدم لرغيف الخبز، وأن الهدف الأساسي لرفع سعر الخبز هو القضاء على الطبقة المتوسطة التي قامت بثورة 25 يناير حتى لا تتكرر التجربة مرة أخرى.
وكان عبدالفتاح السيسي قد صرح خلال افتتاحه مصنعا لإنتاج المواد الغذائية يملكه الجيش، بأنه "حان الوقت لزيادة سعر رغيف الخبز"، وقال وزير التموين في حكومة الانقلاب علي مصيلحي في حديث لصحيفة الوطن إن "وزارة التموين ستبدأ على الفور دراسة رفع سعر الخبز وستقدم النتائج إلى مجلس الوزراء في أقرب وقت ممكن بعد تصريحات السيسي".
قضية الاقتصاد المصري
وقال الدكتور مصطفى شاهين، أستاذ الاقتصاد بجامعة أوكلاند، إن قضية رغيف الخبز ليست قضية أمن قومي فقط بل هي قضية الاقتصاد المصري كله فهو يختزل كل حياة المصريين الاقتصادية سواء ما كان مرتبطا بإنتاجنا أو استهلاكنا كما أنه يختزل وراءه قضايا كبيرة جدا عانينا منها على مدار السبعين سنة الماضية.
وأضاف شاهين، في حواره مع تليفزيون وطن، أن مصر كانت تصدر القمح والسلع الغذائية والزراعية قبل انقلاب يوليو 1952، مضيفا أنه منذ تحديد وزن رغيف الخبز في عام 1961 بـ150 جراما مقابل 5 قروش ونحن في تدهور حاد في قطاع الزراعة ونمط الاستهلاك ومستوى معيشة المواطنين.
وأوضح شاهين أن سياسات العسكر هي التي تسببت في انهيار قطاع الزراعة في مصر وتحول مصر إلى دولة مستهلكة وليست منتجة، مستنكرا تصريحات حكومة الانقلاب بأن الدعم يذهب لغير مستحقيه وهذا سبب رفع الدعم عن الخبز على الرغم من أن حكومة الانقلاب أجرت عملية تصفية على بطاقات التموين منذ 7 سنوات واستبعدت أعداد كبيرة من المواطنين الذين لا يستحقون الدعم.
وأشار إلى أن حجم الفساد المستشري في رغيف الخبز وصل إلى درجة مزرية، مضيفا أن التحالفات الموجودة داخل مصر والمنتفعة من استيراد القمح والدقيق من الخارج تمثل مافيا خطيرة، مضيفا أن وزارة التموين كانت تدخل الأقماح المستوردة على أنها محلية للاستفادة من فرق الدعم لصالح مافيا الفساد، مضيفا أن مصر تستورد 12 مليون طن قمح سنويا ومصر هي أكبر دولة مستوردة للقمح في العالم نتيجة مافيا الفساد.
القضاء على الطبقة المتوسطة
بدوره قال الدكتور عبدالتواب بركات، الخبير الزراعي، إن توقيت رفع سعر رغيف الخبز خاطىء بنسبة 100% في ظل أزمة كورونا التي أفقرت ما يقرب من مليوني مواطن انضموا إلى قطار العاطلين، بالإضافة إلى ارتفاع أسعار السلع الأساسية مثل الزيت والسكر والأرز واللحوم، بجانب الأداء الاقتصادي السيء الذي أفقر ملايين المصريين حتى وصلت معدلات الفقر بحسب بيانات البنك الدولي 60%.
وأضاف بركات في حواره مع تليفزيون وطن، أن كل دول العالم قدمت دعما لمواطنيها خلال جائحة كورونا بصورة أو بأخرى، إما دعم نقدي مباشر أو إعفاء من بعض المصروفات مثل إيجار المنازل وفواتير الكهرباء والمياه والغاز، لكن في مصر يتحمل المواطنون فشل البرنامج الاقتصادي لحكومة السيسي وأصبح المواطن هو الذي يدعم الحكومة وليس العكس.
وأوضح بركات أن حكومة السيسي تستهدف المواطنين الذين يتلقون دعم رغيف الخبز لأنهم يمثلون 70% من الشعب المصري وتضم الطبقة المتوسطة الواعية، والتي أثبتت أبحاث العلوم السياسية والأمنية أنها هي التي قامت بثورة يناير المجيدة، ومنذ جاء الانقلاب في 2013 وهو يستهدف هذه الطبقة حتى لا تتكرر ثورة يناير مرة أخرى.
وأشار إلى أن المساس برغيف الخبز تحت أي مبررات حتى لو كان لصالح وجبات التغذية المدرسية أمر غير مقبول، مؤكدا أنه لولا فشل البرنامج الاقتصادي لحكومة الانقلاب لاستغنى المواطنون عن رغيف الخبز لأن الانقلاب يقدمه في أردأ صورة، وقد رأينا كيف كان رغيف الخبز في عهد الدكتور باسم عودة حتى شبهه المصريون بالفطير.
ونفى أن برنامج الرئيس مرسي كان يتضمن المساس بدعم الفقراء؛ بل على العكس كانت هناك جهود كبيرة لمنع تسرب الدعم والفساد الحكومي، لافتا إلى أن فساد توريد القمح في عهد الوزير خالد حنفي وصل إلى 15 مليار جنيه، في المقابل يريد السيسي إلغاء الدعم على الخبز لتوفير 8 مليارات جنيه، موضحا أنه بعد 3 أشهر من الانقلاب ألقى القبض على مدير مكتب وزير التموين اللواء محمد أبوشادي بتهمة تلقي رشاوى 8 ملايين جنيه في ملف القمح والخبز، أيضا الوزير الحالي ألقى القبض على اثنين من مستشاريه بسبب الفساد في ملف السلع التموينية ما يؤكد أن تكلفة فاتورة الفساد أكبر بكثير من الدعم.