في وقت تعاني مصر أزمات غير مسبوقة على المستوى السياسي والاقتصادي والاجتماعي، إثر الانهيار الاقتصادي الكبير لقيمة الجنيه وسط تاكيدات اقتصادية وتقييمات دولية بدخول مصر مرحلة التعويم الجديد للجنيه وما يحمله من أزمات اقتصادية مجتمعية غير مسبوقة، وفي غفلة من كافة الفاعلين الدوليين والإقليميين والمحليين، الذين يترقبون تطورت الحرب الروسية على أوكرانيا واحتمالات التحول لحرب عالمية ثالثة، أقدمت سلطات السيسي على تنفيذ حكم الإعدام بحق 7 مواطنين مصريين، بقضايا سياسية وسط إخفاء قسري وتعذيب وغياب الحقوق القانونية لمن تم إعدامهم منذ بداية القضية ، وتواطؤ النيابة العامة والقضاء الاستثنائي على تسييس القضية.
ونفذت السلطات الانقلابية فجر الخميس حكم إعدام ثلاثة شبان جدد بعد إعدام أربعة سابقين قبل ساعات من تنفبذ الحكم الثاني.
ووثقت منظمة "نحن نسجل" الحقوقية إعدام وزارة الداخلية ثلاثة معتقلين جدد على خلفية قضايا ذات بعد سياسي، ليرتفع بذلك عدد الذين أُعدموا خلال الساعات الماضية إلى سبعة أشخاص.
ووفقا للمنظمة، فإن مصلحة السجون نفذت فجر الخميس، حكم الإعدام بحق ثلاثة شبان هم: بلال إبراهيم صبحي فرحات، ومحمد حسن عز الدين محمد حسن، وتاج الدين مؤنس محمد محمد حميدة، والذين كانوا يحاكمون على ذمة القضية رقم 1187 لسنة 2014 جنايات قسم الجيزة، والتي أُعدم على ذمتها عشرة معتقلين آخرين في 3 أكتوبر 2020.
وسبق أن وثقت المنظمة إعدام أربعة معتقلين آخرين على ذمة قضية أخرى، الثلاثاء الماضي، ما يعد مؤشرا على تسارع وتيرة الإعدامات في حق المعتقلين السياسيين، ويؤكد ما وصلت إليه حالة حقوق الإنسان في مصر من تدهور حاد.
واعتبرت المنظمة أن ما يُسمى بـ"الإستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان" التي أطلقها السيسي، في سبتمبر الماضي، ما هي إلا حبر على ورق.
وكانت مصلحة السجون قد نفذت حكم الإعدام بحق أربعة مواطنين في القضية رقم 513 لسنة 2016، والمعروفة إعلاميا باسم "خلية ميكروباص حلوان، وهم: عبد الله محمد شكري إبراهيم عبد المعبود، البالغ من العمر 35 عاما، متزوج ولديه طفلان، ومحمود محمد عبد التواب مرسي، البالغ من العمر 36 عاما، من البدرشين بمحافظة الجيزة، متزوج ولديه طفلان، ومحمود عبدالحميد أحمد الجنيدي، متزوج ولديه أربعة من الأبناء، وأحمد سلامة علي عشماوي، البالغ من العمر 30 عاما، من كفر زهران بالبدرشين بمحافظة الجيزة.
وفق منظمات حقوقية، فقد تعرض المتهمون في هاتين القضيتين إلى انتهاكات واسعة، سواء أثناء عملية الضبط أو التحقيق أو المحاكمة، والتي لم تؤثر على قرار المحاكم في إصدار وتأييد الإعدام عليهم، أو على السلطات في تنفيذها.
ووفقا لمحامي أحد الأربعة الذين تم تنفيذ حكم الإعدام بحقهم بقضية ميكروباص حلوان، أكد لـ"الجبهة المصرية لحقوق الإنسان" وفق تقرير لها، أن موكله تعرض عقب القبض عليه للتعذيب البدني الشديد أثناء مدة إخفائه قسريا لمدة جاوزت الشهر، وهو ما تم إثباته أثناء جلسات محاكمته، فيما ينتظر معارضون آخرون تنفيذ أحكام الإعدام.
ووفق مراقبين فإن إقدام السيسي على تنفيذ تلك الأحكام في هذا التوقيت، رغبته في إرهاب عموم المصريين، وتخويفهم من معارضة السلطات بشكل علني، أو الشكوى من سوء الأحوال الاقتصادية بعد ارتفاع الأسعار بشكل جنوني على إثر الفشل الاقتصادي الذي يديره النظام العسكري ، قبل أزمة الحرب الأوكرانية.
وهي سياسة معروفة لدى النظم العسكرية، والاستبدادية، التي تحيا بقمع شعوبها اقتصاديا وسياسيا وأمنيا من أجل تأمين كراسي حكامها، وهو ما قد يفاقم الاحتقان الشعبي ويدفع نحو مزيد من الاضطرابات والانفجار الشعبي، على عكس ما يستهدف السيسي ونظامه الذي يتيقن تمام اليقين من خطورة سياساته، حيث زار السيسي مطلع الأسبوع الجاري السعودية ، طالبا للدعم المالي والنفطي من الرياض في ظل الأزمة الاقتصادية المتاصاعدة بمصر والتي وصفها السيسي نفسه ، بأنها تقود لانفجار شعبي يطال مصر ولا يتوقف عند مصر فقط ، بل قد تمتد أثاره لدول الخليج .
حيث تتصاعد شكاوى المصريين من الغلاء الفاحش بجميع السلع والخدمات ، مع قلة الإنتاج وارتفاع أسعار الطاقة والوقود ، ما قد يعيد ثورة الجياع إلى مصر، وهو ما ترصده أجهزة السيسي وتحذر منه.
ومن ثم فإن لجوء السيسي لإعدام خصومه السياسيين كورقة لإرهاب باقي الشعب عن الخروج للتظاهر ضد نظامه العسكري الذي حول أكثر من 60 مليون مواطن منهم لدائرة الفقر والعوز.
ولكن الإقدام على الإعدامات السياسية لن يؤمن النظام الانقلابي ، بل سيزيد من الغضب ويعجل بالانفجار الشعبي.