بعد وفاة معتقلًين.. رسالة مسربة تفضح “سلخانة التعذيب” بقسم منيا القمح بالشرقية

- ‎فيحريات

قالت جماعة حقوقية إن مركزا للشرطة في محافظة الشرقية بدلتا النيل المصرية شهد “حفلات تعذيب” للمعتقلين بموافقة كبار الضباط.

ووثقت الشبكة المصرية لحقوق الإنسان وفاة أحد المعتقلين في قسم شرطة منيا القمح في الشرقية في 11 مارس بعد أن حرمه الضباط من الرعاية العاجلة بسبب حالة صحية مزمنة.

وحصلت الشبكة العربية لحقوق الإنسان على رسالة مسربة من مركز الشرطة توثق مختلف أعمال التعذيب والانتهاكات التي تعرض لها المحتجزون، بما في ذلك الحرمان من الرعاية الطبية والاكتظاظ الشديد.

واتهمت الرسالة العديد من ضباط التحقيق بتعذيب النزيل محمد عبد الفتاح، بما في ذلك الضرب المبرح الذي أدى إلى النزيف، وجره من ملابسه وتقييد يديه لعدة ساعات بعد ذلك، على الرغم من وجود كاميرات مراقبة في المبنى.

وأضافت الرسالة أن كبار المسؤولين في مركز الشرطة وافقوا على الانتهاكات، واصفين مسؤولي المركز بأنهم “عصابة تعمل تحت ستار القانون”.

وجاء في الرسالة: “في زنازين مركز شرطة منيا القمح، يرتكب الضباط جميع أنواع الانتهاكات بحق المعتقلين من خلال تكديسهم عدة أضعاف سعة الزنازين، وترك الزنازين تحت تصرف عدد من النزلاء الخطرين المسجلين لممارسة جميع أشكال التعذيب الجسدي والنفسي على الجميع”، مضيفة أن بعض النزلاء الخطرين “لديهم أنابيب مياه بلاستيكية لضرب النزلاء الآخرين للسيطرة عليهم،  ويأخذون رشاوى من الجميع، وأولئك الذين لا يدفعون يتعرضون للتعذيب”.

علاوة على ذلك، جاء في الرسالة أنه تم السماح باستخدام المخدرات غير المشروعة وتوزيعها على النزلاء، بعلم إدارة المركز “مقابل مبالغ ضخمة من المال كل أسبوع”.

كما أشاروا إلى “الإهمال الطبي المتعمد” ونقص المعدات النظيفة والرعاية الصحية.

أيضا الزنازين ، وفقا للرسالة ، موبوءة بالقمل والبق والصراصير ، مما يساهم في انتشار الجرب. وأضافت أنه لا توجد رعاية صحية للأمراض المزمنة.

تانى الرسالة تأكيدا لما كشفته الشبكة المصرية حول ملابسات وفاة السجين الحاصل على إخلاء سبيل محمد الليل، والتى أزاحت الستار عن فظاعة ما حدث يوم الحادي عشر من مارس الماضي، حيث ترك السجين يصارع الموت لساعات طوال، دون محاولة لإنقاذه حتى لفظ أنفاسه الأخيرة.

وقالت الشبكة إن محمد الليل، البالغ من العمر 60 عاما، توفي في الحجز في 11 مارس نتيجة الإهمال الطبي.

ذكرت الرسالة أن الليل ترك ليموت على الرغم من مناشدات زملائه السجناء لإنقاذه، “مات أمامنا. كنا جميعا نصرخ، ولا نعرف كيف ننقذه”.

محمد الليل يبلغ من العمر 60 عاما ،كان يعمل فى وزارة الأوقاف، من قرية بنى نصير -مركز سمنود -محافظة الغربية، تم القبض عليه وقضى فترة عقوبة بعد اتهامه فى قضية هجرة غير شرعية فى محافظة الغربية وانتقل بعدها إلى محافظة مطروح على ذمة قضية جديدة بنفس التهم، قبل أن يتم ترحيله إلى مركز شرطة منيا القمح بمحافظة الشرقية على ذمة قضية جديدة، ثم حصل على قرار بإخلاء سبيله بكفالة 5000 جنية.

ورصدت الشبكة المصرية وفاة السجين الليل، الحاصل على قرار إخلاء سبيل يوم  الحادى عشر من مارس الحالي، و ذلك بعد تدهور حالته الصحية بشكل خطير ،واستمرار النزيف من فمه، وسط أجواء كارثية، حيث التكدس الشديد وتزايد أعداد المحتجزين داخل غرفة حجر قسم الشرطة، وسوء الأوضاع داخل الحجز، وانتشار التدخين والمخدرات، وانعدام الهواء النقي، وسوء التهوية، مما زاد من خطورة حالته مع عدم تلقيه العلاج والدواء المناسبين وتسبب في انهيار قواه تماما حتى أصبح فاقدا للوعي تقريبا.

وبدلا من نقله إلى أحد المستشفيات المتخصصة، أمرت إدارة قسم الشرطة بحمله وتركه فى الممر خارج باب الحجز يصارع الموت، وعند مرور ضابط النبطشية ملازم أول ” زياد بيه ” وجده تقريبا يصارع الموت ولا يقدر على الحديث أو الحركة، حيث صرخ وطلب بفتح باب الحجز وإدخاله داخل غرفة الحجز وتركه مرة أخرى يصارع الموت دون أدنى ذرة من ضمير أو رحمة أو إنسانية، أو التزام بقيمة مهنية وظيفية تدفعه لنقل الرجل الذي أوشك على الاحتضار إلى احد المستشفيات القريبة، أو حتى إحضار طبيب لفحصه رغم مناشدات المحتجزين بإنقاذ حياته؛ بل انه صرخ قائلا: “هما يخلوا سبيله و يجبوه هنا عشان يموت والبسه أنا “.

ترك الحاج محمد لمدة ساعتين دون مساعدة رغم استغاثات زملائه داخل الحجز طلبا للمساعدة وسرعة إنقاذه حتى انهارت حالته الصحية تماما ولفظ أنفاسه الأخيرة، وسط صدمة وحزن الجميع، حيث انه كان يستعد لإخلاء سبيله بعد معاناة طويلة، متنقلا بين سجون وأقسام شرطة تحت ظروف غاية في السوء.

 الشبكة المصرية و بحسب شهادة احد شهود العيان،  علمت أن الملازم أول “زياد” أمر بإحضار سيارة إسعاف بعد وفاة الحاج محمد، وبعد اقل من 10 دقائق حضرت سيارة الإسعاف لتحمل جثمان الحاج محمد إلى المشرحة؛ وليس إلى احد المستشفيات لعلاجه كما كان مفترضا.

وتساءلت الشبكة: لماذا لم يتم إنهاء إجراءات إخلاء سبيله بسرعة  رغم تدهور حالته الصحية؟ ولماذا لم يتم علاجه وتوفير العلاج والدواء المناسبين فى ظل وجوده في بيئة قاسية قاتله حيث انتشار التدخين والمخدرات والتى تسببت في تدهور صحته؟ ولماذا لم يتم نقل السجين محمد الليل إلى احد المستشفيات لعلاجه فور تدهور حالته الصحية فى حين تم نقله إلى المشرحة بعد اقل من 10 دقائق من وفاته؟ ألم يكن من الأجدر إنقاذ حياته ونقله للمستشفى لعلاجه وإنقاذ حياته؟ ومن المسؤول عن هذه الجريمة المركبة وإهدار أرواح أحد المواطنين وحتى ولو كانا سجينا مسلوب الحرية والإرادة ؟ وهل أدت النيابة دورها وفتحت تحقيقا عن ملابسات وفاة السجين والإهمال الجسيم من قبل إدارة قسم شرطة مينا القمح فى رعايته؟

خلص تحليل قانوني أجرته منظمة “ريدرس” الحقوقية البريطانية بالتعاون مع المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، والمفوضية المصرية للحقوق والحريات والكرامة، ولجنة العدالة، ولجنة الحقوقيين الدولية، إلى أن التعذيب في ظل حكومة عبد الفتاح السيسي يرقى إلى جريمة ضد الإنسانية، وهي واحدة من أخطر الجرائم الدولية.

ويرجع هذا التصنيف إلى الاستخدام المنهجي والواسع النطاق للتعذيب في البلاد، بما في ذلك نمط من الضرب والصدمات الكهربائية والعنف الجنسي والحرمان من الرعاية الطبية.

كما جادلت المنظمات بأن التعذيب في مصر يستخدم “كأداة سياسية لخنق المعارضة ولأغراض تمييزية”.